الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أخطر عشر كتّاب قرأت لهم /سارتر

داود السلمان

2022 / 8 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


كان ذلك اليوم يوم صيف من تسعينيات القرن المنصرم، من العالم الذي فرضت فيه الولايات المتحدة الأمريكية، حصارها الظالم على شعبنا العراقي.
وقعت بين بيديّ رواية "دروب الحرية" بأجزائها الثلاث، للكاتب جان بول سارتر، فقرأتها بفترة وجيزة، أي أقل من الفترة التي كنت أنجز فيها عادة قراءة كتب أخرى.
فثمة دافع نفسي، وكذلك عبق الاسلوب الأخاذ الذي أخذ يداعب احساسي بمتعة القراءة والتواصل مع الكتاب؛ اسلوب كان ينفرد عمّا قرأته في تلك الفترة الشبابية، يوم كنا منبهرين بعالم القراءة، وثمة اغراء يأخذ بأيدينا (نحن شباب ذلك العهد) للتطلع واخذ المعرفة، والغوص في ينابيع تلك المياه الجارفة.
الثلاثية كانت عبارة عن سرد أدبي طويل لقصة وصف فيها الهموم البشرية العاطفية والفكرية والسياسيّة، أمام أهم مسألة وجودية، ألا وهي الحرية، تلك البذرة التي يتعطش لها كل ظامئ، وما يتبعها من التزام ومسؤولية تجاه المجتمع والتاريخ.
ومن خلالها استطاع سارتر أن يجعل فلسفته الوجوديّة في متناول القرّاء باختلاف ثقافاتهم، إذ أنّه صاغها في قالب روائي يسهل هضمها.
العمل الذي جُعل أن يطلقوا عليه فيلسوف الوجودية، هو المنجز الذي ابدعه في مجال الفلسفة "الوجود والعدم". وكان في حينه أفضل عمل صدر بهذا الخصوص، إذ تناوله مجموعة من النقاد والفلاسفة بالنقد والتمحيص.
ومن المواقف الطريفة التي قد تُحسب له، أنّه عام 1980 منحت اللجنة المشرفة على جائزة نوبل، هذا العام إلى سارتر على اعتباره افضل من يستحقها هذه السنة، إلّا أنّه رفض قبولها، بذريعة إنّ المبدع من غير اللائق أن يمنح لأجل ابداعه جائزة على ما قدّم، كون الذي يقدم الابداع، بكافة عناوينه، لم يكن ينتظر اعطاء المُنح والجوائز، بقدر ما كان شغله الشاغل هو قيمة العمل الذي يقدمه للبشرية، وبه يرضى طموحه النفسي.
لم يسعفن الحظ بقراءة الكثير مما كتبه هذا الرجل من ابداع، الفلسفي والأدبي والمسرحي، إلّا ما قرأته لكُتّاب ونقّاد من مقالات وبحوث عنه فهو كثير، واستشفيت أن معظم الذين تناولوه بالنقد، من الذين سلطوا الضوء على فلسفته، اكثر من الذين تناولوا الجوانب الأدبية منها، واعتقد لأنّ الفلسفة طغت على جُل اعماله اكثر من الجانب الأدبي؛ بحسب رأيي، حيث أخذت الحيز الكبر من ذلك، خصوصًا وجوديته التي وصفوها بالملحدة، إذ سبق سارتر كير كيجارد بهذا الاطار، وهذا الأخير كان لا ينكر وجود مصمم للكون، ابدعه وخلقه من عدم، لكنّ اختلافه كان مع رجال الدين، فهم باعتقاده استغلوا الدين لمصالحهم الخاصة، وجعلوا الدين مطية يمتطونها لنيل مآربهم.
ولا نريد أن نقول إنّ كتاباته الأدبية أقل شأنا من الكتابات الفلسفية التي نظر فيها للإنسان، واعده المحور الأهم في هذا الوجود، وهذا الكون المترامي الاطراف.
الوجودية السارترية ترى أنّ الوجود يسبق الماهية، أي وجود الإنسان قبل الماهية؛ ففي "دروب الحرية" اراد سارتر أن يطبق الوجودية عمليًا اكثر مما أراد في "الوجود والعدم" فالأول كان الطرح ادبيًا، وفي الثاني كان طرحًا فلسفيًا محض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صور أقمار اصطناعية تظهر النزوح الكبير من رفح بعد بدء الهجوم


.. الفيفا يتعهد بإجراء مشورة قانونية بشأن طلب فلسطين تجميد عضوي




.. مجلس النواب الأمريكي يبطل قرار بايدن بوقف مد إسرائيل ببعض ال


.. مصر وإسرائيل.. معضلة معبر رفح!| #الظهيرة




.. إسرائيل للعدل الدولية: رفح هي -نقطة محورية لنشاط إرهابي مستم