الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سينما المشااعر الجميلة

عطا درغام

2022 / 8 / 28
الادب والفن


تعودنا أم تكون السينما هي الحكايات والأحداث المثيرة..سيرك للشخصيات الشاذة والمريضة،وسباق في مهارات القتل والنصب وتخطيط الجرائم والمصائب.
وصناع تلك السينما يبررون أفلامهم..بأن الواقع الذي نعيشه،واقع شديد العنف، مزدحم بالمكائد والأخطار..وعلي هذا فلا بد أن تكون الأفلام أعلي درجة؛أي أكثر عنفًا وتوترًا،حتيي يكون هناك دافع للمشاهدة!!
ولكي يؤكدوا منطقهم، يضربون مثلًا بما تذيعه نشرات الأخبار في التلفزيون ، أخبار مصورة من جميع أنحاء العالم..إضرابات وصدامات..حروب ومعارك وانفجارات..حرائق واغتيالات..قتلي وجرحي علي كل لون.
كل يوم ..بل كل ساعة..هناك جرائم ونيران وضحايا.
ومشاهد التلفزيون الذي يتابع كل هذا، وهو جالس في بيته أمام الشاشة الصغيرة..يجب أن يري شيئًا مختلفًا عندما يقرر الذهاب إلي السينما، وبإمكانات الشاشة الكبيرة..يجب أن تكون "الفرجة" تساوي ثمن التذكرة وتكلفة الانتقال!1.
"فرجة" مشحونة بالإثارة..وجبة كاملة.
وهكذا أصبحت المنافسة، من يحقق رعبًا أفظع..وعنفًا أشرس..ومن يجعل الشاشة تطرقع بالرصاص وتسيل منها الدماء.
وقادت السينما الأمريكية هذا التيار..بكل فرسانها،وكل معداتها،وسيطرت بهذا المزاج الدموي علي أذواق المتفرجين- ليس فقط في أمريكا- ولكن في جيمع أنحاء العالم..بحكم الانتشار والدعاية.
وأصبح لهذا التيار..مقلدون..ومنافسون وتلاميذ في كل صناعات السينما في العالم ..من هونج كونج إلي مصر.
ورغم جبروت هذا التيار الكاسح ، فقد ظهر تيار معاكس،يُعيد للإنسان العادي البسيط أهميته ومكانته علي الشاشة في أفلام لا تنطلق فيها رصاصة واحدة، ولا تسيل فيها الدماء..ولا يتصارع داخلها رجال العصابات..وإنما أفلام شديدة العذوبة..تجلو الصدأ عن المشاعر الإنسانية..وتُعيد الحياة للمعاني النبيلة.
وكانت المفاجأة أن تقود أوربا هذا التيار،وكأنه نوع من التمرد علي سيادة الفكر والذوق الأمريكي.وأيضًا لأن أوربا لها رصيد هائل في التجارب والمدارس السينمائية المتعددة والنشطة. والتي انطلقت منها "الواقعية الجديدة" في إيطاليا "الموجة الجديدة "في فرنسا و"السينما الحرة" في إنجلترا و"السينما الشابة"في شرق أوربا
ورغم تفكك واندثار بعض هذه المدارس السينمائية في ظل واقع اقتصادي وسياسي مضطرب..إلا أن هذه الروح ظلت كامنة في جيل بعد جيل كمحاولة لإثبات الوجود المتميز علي الخريطة السينمائية.
وانتشر التيار المعاكس في أمريكا الجنوبية..وشرق آسيا..وخرج من الصين شباب موهوب يغزو الخريطة السينمائية بكل قوة،ويحصد الجوائز والانتباه العالمي.
وازداد هذا التيار قوة وثباتً..فالرهان لم يكن علي الرصاص والدم..وإنما علي مخاطبة الإنسان في أي مكان في العالم من خلال لغة المشاعر والأحاسيس والتوقف عند التفاصيل الإنسانية الصغيرة ومحاولة تأملها وإبرازها فنيًا.وليس هناك أصدق ولا أجمل من أن يري المتفرج نفسه علي الشاشة.
وبدأت السينما الأمريكية تراجع موقفها-وهي صاحبة تاريخ لا يمكن إنكاره في مثل هذا الاتجاه- ولكن ضراوة صناعة السينما الأمريكية ومحاولة اكتساب الأسواق العالمية ،وأذواق الشباب وهم الغالبية العظمي من المترددين علي دور السينما جعلها تخترع أفلام العنف والمطارات سواء علي الأرض أو في الفضاء في موجات متلاحقة وأصنام جديدة للانبهار وسط زخم هائل من الدعاية والإثارة الإعلامية.
وعندما وصل الأمر إلي حد التشبع، قرر خبراء السينما الأمريكية إلي أن تتضمن خططهم الإنتاجية بعض الأفلام التي تتناول الموضوعات الإنسانية،واكتشفوا أن السوق ترحب بها ولا ترفضها..ورغم قلة عدد هذه النوعية من الأفلام بالنسبة لمجموع إنتاج السينما الأمريكية، إلا أن مؤشرات المستقبل تميل إلي التوسع في تقديم الأفلام الإنسانية التي تخاطب العقل والمشاعر.
وهذا الكتاب ،محاولة للسباحة في تيار سينما المشاعر...فالسينما تقترب منك، وتغوص في أعماقك..وتزيح الصدأ الذي تراكم بفعل تلوث العصر المادي..عصر الساندويتش السريع وصفقات التليفون وذبذبات مؤشرات البورصة.
ويذكر الناقد رءوف توفيق أنه من خلال متابعته للمهرجانات السينمائية العالمية ،أن التقط بعض حبات هذا اللؤلؤ والذي زرعه وقدمه فنانون يؤمنون بأن الفن مادته الإنسان،ولا بد أن يعود للإنسان..حبًا وأملًا في حياة ومستقبل أكثر نبلًا وإنسانية..
استشهد ببعض النماذج السينمائية التي كان لها نصيب من النجاح الفني والجوائز العالمية، ويقدم هذا الكتاب من خلال اختيارات محددة، فيما يشبه القراءة السينمائية لنص الفيلم كما ظهر علي الشاشة مؤكدًا علي الأفكار والمعاني،ومواطن الإبداع والجمال في نسيج الصورة المتحركة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدني عن عمر يناهز 81 عامًا


.. المتحدة للخدمات الإعلامية تنعى الفنان الكبير صلاح السعدني




.. الفنان هاني شاكر في لقاء سابق لا يعجبني الكلام الهابط في الم


.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي




.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع