الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسطورة الخلق البابلية ايزدياً!

هشيار بنافي

2022 / 9 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كانت زمن الاساطير لان العقلية البشرية قبل قرابة 6000 عام لم تكن متطورة مثلما هي في زمننا الحالي لذلك صارت اسطورة الخلق البابلية و كأنها رواية واقعية و حقيقية آمن بها الانسان في ذلك الزمن السحيق، اما اسباب تأليفها من قبل كهنة المعابد فهي لاستعباد الناس من خلال الله الغير مرئي، ناصبين انفسهم مكانه نظرياً و بالاستعانة بالحكام عملياً للسيطرة على دولتهم بالقوة الغاشمة لترهيب مَن رفض قوانينها و ترغيب الطائعين الخاضعين بملذات خيالية تعينهم على تحمل بؤس حياتهم كعبيد اذلاء يكدحون ليل نهار لاسعاد الكهنة و الحكام و اسرهم و حاشياتهم المقربين، و لكن في مهانتهم تلك كانت بعض الايجابيات ايضا!، كالحماية من غزوات اعدائهم فصاروا كقطعان الغنم يمشون خلف اولياء امورهم المذكورين الذين يتلقون الحكمة من الله السماوي الكليم المعروف و المشخص المرسل!.
تلقفت الاديان الابراهيمية تلك الاسطورة و رسختها في عقول العبيد المؤمنين بها عن طريق الارهاب لان عقلية الانسان تطورت في ازمانها و لم تعد طفولية كزمن بابل، فرفضْ حيل الكهان و الامراء ازداد من قبل نخب المجتمع و لكن القمع الشديد ضد اولئك الرافضين و طردهم من المجتمع بابلستهم جعل العبيد يتحاشونهم و ينوبون عن سادتهم بقتلهم و ابعادهم، لان الحرية التي نادت بها تلك النخب كانت تخل بالمنظمة الفكرية للقطيع البشري آنذاك ـ الرعية ـ العبيد، و حتى القرون الوسطى من الالفية الثانية للميلاد في أوروپا ((اي قبل قرون معدودة))، و الى الان في شرقنا الاوسط التعيس من خلال ارهاب الاسلام.
لقد تحرر الاوروپيون من السلطة القمعية للكنيسة ((التي كانت مثل القمع الحالي في بلاد المسلمين)) عن طريق نخب ضحت في سبيل التنوير حتى بحياتهم، و استطاعوا الحاق الهزيمة اخيراً بحكم رجال الدين و ايقافهم عند حدهم و ليدخلوا الى كنائسهم دون ارهاب مجتمعاتهم، بل و تكيّفهم و اعترافهم بالعلوم الانسانية و التقدم التكنولوجي التي نشهدها اليوم، فالعلم الحديث اثبت بأن الاسطورة البابلية المتسربة الى الاديان الابراهيمية هي اسطورة و إلا فان عمر البشرية يقدر بمئات الالاف من السنين و ليس ابدا مثلما جاء في التوراة و الانجيل و عند المسلمين، إلا وهو خلق آدم كان قبل 6000 عام فقط!.
لنأتي الى ديانتنا الانسانية الاصيلة ((الايزدية)) التي نشأت في روابي ميسوبوتاميا قبل العصر البابلي بكثير فلماذا اذاً تسربت اسطورتهم الى عقيدتنا ايضاً؟!. و الانكى من ذلك لم يتطفل آدم فيها فحسب بل احفاده البعيدين من امثال ابراهيم و ما بعده، لا بل حتى الكثير من الاسلاميات و رموزها و شيوخها المتصوفة الاوائل!.
اسباب ذلك أتركه للمختصين من مفكري الايزديين المتنورين العارفين، ليس لكي اتجنب سطوة رجال الدين و الناس العاديين منّا و لكن ما اشرت اليهم يعلمون ما لا اعلمه، فلا يجوز لي و انا المسلم بالوراثة و ان كنت ايزدي الروح و العقيدة ان اختلق الاسباب الحقيقية لهذا التلوث في ديانتنا النورانية العلمانية في الاصل و النابعة من عقول اسلافنا خلال آلاف السنين دون ادعاء احدهم بانه تلقى الدين من السماء، فلا انبياء كذبة لنا مثلما هي في الاديان الابراهيمية التي نسجت معرفتها من اساطير بابل و ما بعدها.
و لكني على يقين تام ان آدم و احفاده ترسبوا الى ديانتنا وهم ليسوا من ضمن عقائد اسلافنا الاولين ابداً، و السبب بسيط كما اشرت اليه قبل قليل، و لان ديننا فلسفي عرفاني يعتبر عصارة عقول اجدادنا الاوائل الذين عاشوا قبل 7000 عام و اكثر، في جبال و سهول وادي الرافدين كأحرار لم يعرفوا العبودية لانهم عاشوا في مجتمعات زراعية حرة منتجة، ثم في دول سومر الاولى.
ان الظلم و الارهاب الذي تعرض لها اجدادنا منذ (الفتح) الاسلامي كانت كفيلة حتى بانصار جبال الفولاذ لولا التقية التي اظهرها اجدادنا منذ ذلك الحين، و المؤسف له الان بان تلك التقية صارت من ضمن ديننا لدى عامتنا، و اعطيهم الحق في ذلك لانه الى الان نعيش تحت سطوة ارهاب الاسلام الداعشي و ما الجينوسيد الاخير ببعيد عنا الا بثمانية اعوام عجاف مرت علينا كدهور.
خلاصة القول: لا وجود لاساطير بابل في ديانتنا الايزدية الاولى التي تسمت في كل عصر بأسم جديد مع بقاء المحتوى هي هي الى القرون المعدودة الماضية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي