الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أخطر عشر كتّاب قرأت لهم/ ماركيز

داود السلمان

2022 / 9 / 3
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


العبقرية الفذة التي تمتع بها غابريل غارسيا ماركيز، لم تأت عن فراغ، فالرجل كان يعمل بالصحافة كحرفة، أحبها فسار على دربها، بما فيها من وعورة ومخاطر، كما يحلو للبغض أنْ ينعتها بهذه النعوت.
النجاح الذي تحققه صاحب "مائة عام من العزلة" في مجال الصحافة يبطل النظرية التي ترى بأن "الصحافة مهنة المتاعب"، بل الذي يحب العمل في ربوع صاحبة السيادة هذه، أو السلطة الرابعة كما يُطلق عليها، فأنّه حتمًا سيبدع، بالتالي، سيبذل جهودًا استثنائية، وبها يحقق النجاحات المرجوة، أنْ تحقق له الأمر، أما الكسول المتقاعس، فحتما سيرى ثمّة معوقات ومخاطر لا يستطيع أن يقف بالضد منها.
والواضح، أنّ ماركيز هو ليس الأديب الوحيد الذي عمل بالصحافة وأتخذها حرفة، بل هناك الكثير من الفلاسفة والأدباء والمفكرين سبقوه بذلك، ففيلسوف كماركس، وكيركيجار، و دوستويفسكي، وامثالهم الكثير عملوا في هذا المهنة الجليلة، وكانوا متمسكين بها. وربما هي من أوصلتهم الى ما وصلوا اليه من نجاحات على مستواهم الفكري والابداعي.
وكما ذكرنا، إنّ أول نتاج ابداعي قدمه هذا الأديب الكولومبي كان رواية "مائة عام من العزلة"، وكان هذا العمل بمثابة فتح جديد في عالم الرواية، حيث مزج فيه الكاتب بين الواقع الملموس وبين الخيال الخصب، وهذا الامتزاج ولدّ حركة ديناميكية في مساحة ذهنه، حيث ظهرت في نصوصه، ومن خلال السّرد وتحريك الشخوص، بطريقة غير مُتبّعة، بعض الشيء، بما هو معلوم لدى كتّاب كبار لهم طريقتهم في السّرد الوصفي والحكائي في تقديم اعمالهم الروائية.
وفي حينها، بل وإلى الآن يرى الكثير من النقّاد، أنّ هذه الرواية لا تشبه أي عمل من الأعمال الروائية الأخرى فهي لا تشبه إلّا نفسها، في متنها وفي أطارها العالم، وفي بنائها الروائي.
ثم اعقبها بأعمال أخرى لا تقل شأنًا وأهمية، من حيث الجمالية الابداعية، عن سابقاتها، من الأعمال التي قدمها هذا الأديب، وكلها تنم عن ابداع فذّ.
وعلى إثرها، حصل ماركيز على نوبل، وهي أعلى جائزة عالمية تُمنح كل عام للشخص الذي يقدّم للبشرية اعظم ما يقدم من علوم وآداب ونظريات أخرى تخدم المجتمعات، وعلى كافة المستويات العلمية والثقافية والابداعية.
إنّ الرجل كان يتمتع بفكر متقدّ وذهنٍ منفتح، وأعتقد كانت الصحافة لها دور صقل موهبته، فالأحداث العينية التي كان يتقصى حقائقها، بل والمغامرة التي كان يهرول خلفها، وكذلك سرعة كتابة التقارير التي يسهر على انجازها، بهدف نشرها بأسرع وققت ممكن، كل هذا وغيره، له الحافز الاكبر في اتقاد ذهنيته الادبية، فنرى مثلا في "الحب في زمن الكوليرا" كيف مزج الأحداث وأطرها بقالب صلب، ما جعل القارئ ينشد مع السرد، فهو سارد كبير، ميزته أن يعطي مساحة كبيرة في تفاصيل الأحداث دون كلل ولا ملل.
وحتى النهاية السعيدة التي رسم ملامحها، كانت عبارة عن صناعة لجمال فاره، من خلال عاشقين مسنين، كاد الزمن أن يطفأ جذوتهما، وبعد أن تقطعت بهما سبل الوصال، يتزوجا، أخيرًا، ويستأنفان الحياة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا: السجن 42 عاما بحق الزعيم الكردي والمرشح السابق لانتخا


.. جنوب أفريقيا تقول لمحكمة العدل الدولية إن -الإبادة- الإسرائي




.. تكثيف العمليات البرية في رفح: هل هي بداية الهجوم الإسرائيلي


.. وول ستريت جورنال: عملية رفح تعرض حياة الجنود الإسرائيليين لل




.. كيف تدير فصائل المقاومة المعركة ضد قوات الاحتلال في جباليا؟