الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللامُحاوِر ( ٢ )

محمد ليلو كريم

2022 / 9 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


هذا الإنسان، العاقل، ظل لآلاف السنين عاجزًا عن التخاطب بلغة، وبعدها ظل لآلاف السنين عاجزًا عن الكتابة، وبعدها ظل لآلاف السنين عاجزًا عن إيجاد التكنولوجيا-التقنيات، وبعدها ظل لقرون عاجزًا عن التواصل مع الآخر وحتى بعد محاورة العقد الإجتماعي وقبلها محاورة الفلسفة فنجم عن ذلك الحروب والعنف وقطع العلاقات والتشنج في التواصل والثورات والهياج الجماهيري...، فهل نتوقع منه - الإنسان - أن يصل بسرعة وعلى غير المُعتاد لحالة متكاملة من الحوار وبطفرة نوعية؟.
لإنجاز كل طفرة نوعية احتاج الإنسان لدهور، ولإنجاز طفرة الحوار المتكامل العالمي يحتاج الى دهور طويلة، ليتطور نوعيًا، أو ليختصر الرحلة ويلتجئ للعلوم، فالعلم وحده بتخصصاته وتقنياته قادر على إنجاز ما يعجز العاقل عن إنجازه، وإلا؛ فأمامنا دهر طويل لنُنجِز حالة تفاهم ناجزة.
محليًا:
لم تمض ساعات طويلة على الصدام الذي حدث بين التيار الصدري والتيار الإطاري، وبعد الصدام تأكد لدي أن التيارين عاجزان عن الدخول في حوار، بل أن كل تيار منهما عاجز عن فتح حوار في داخله، وإلا لِمَ تهجم السيد مقتدى على اتباعه " التصريح القصير الذي أمهل به جماعته ستون دقيقة لإنهاء المواجهة مع قوى الإطار والانسحاب من المنطقة الخضراء" ، وقبله وصف نوري المالكي الحشد الشعبي بأمة الجبناء " التسريبات" ؟!..
والجمهور بدوره عاجز عن انشاء حوار مع قائده، وإلا كيف لحركة ما أن تنضج وتتطور دون حوار داخلي وجدل نقدي ومراجعات؟!..
يبدو أن العاقل مرتهن لأكثر من عجز، ولتجاوز كل عجز يحتاج لدهر طويل، أو ليستنجد بالعلم، وبفهم عميق ونافع للحرية. أن يفهم ضرورة الحرية، وأن يخترع أدوات للتعامل بالحرية، وإلا فسوف يظل مُكبلًا بعبودية تقمع عقله وجسده.
لا مناص من الإعتراف أن مجتمعات ودول قطعت اشواطًا في مجال الحوار، فالديموقراطية وحرية الرأي والمناظرات السياسية ومعارضة السلطة الحاكمة ومنصات النقد وبعض مواد التعليم والنقاشات الأكاديمية والعلمية والفلسفية كلها نتاج تطور حالة الحوار البشري، وأنا اتحدث عن هذه المنتجات في العالم المتقدم، وقد أنجز العالم المتقدم حوارات في مجالات أخرى، وما زال دؤبًا ليستكمل ضروريات الحوار، مع أنني أراه دأب لا يطال بقوة وكثافة دول الهامش، ولا ضمان مؤكد لإنجازه بالتمام في دول المركز، وقد قلت: ( لإنجاز كل طفرة نوعية احتاج الإنسان لدهور، ولإنجاز طفرة الحوار المتكامل العالمي يحتاج الى دهور طويلة، ليتطور نوعيًا، أو يختصر الرحلة ويلتجئ للعلوم، فالعلم وحده بتخصصاته وتقنياته قادر على إنجاز ما يعجز العاقل عن إنجازه).
لنركز على الحالة المحلية.
لا شك أن وجود أعداد غفيرة ممن يُدرجون في حالة اللامُحاوِر يُشكل الجزء الأكبر والأخطر في مجمل الحالة، فالجمهور الذي يكون أغلبه أو كثرة كاثرة من افراده رافضين - تحت أي سبب وذريعة- التحاور مع من يختلف معهم أو مع من يوجه لهم نقدًا يساهمون وبشكل فعّال بإجهاض تطور المجتمع وارتقاء الواقع السياسي وتنامي الوعي والثقافة، وقبول التعددية واحدة من ضروريات الارتقاء والتعايش.
وايضًا؛ أقول وبوضوح: اللامُحاوِر " الجمعي" مادة اغراء للقادة لتجنيدهم للاستيلاء على المكاسب والسلطة، وهم يدفعون القادة لارتكاب كل ما هو ضد السِلم والاستقرار.
على النقيض؛ جمهور أو كتلة بشرية متحزبة تُمارس النقد وتُسائل الرأس وتُراجع أهل الفكر والفسلفة والعلم والبحث لتصويب موقفها، وتستمع للعقول النيرة، وترتقي في مفازات التعليم والثقافة، وتخوض معارك الوعي وتنتصر؛ هو الجمهور الأجدر بالتميْز وبلورة قادة متميزين، وإنتاج وترسيخ حوار متميز دائم، فتتراكم قيْم الحوار ويُجوَّد ويكون افراد الجمهور منخرطين في حوار داخلي ومع الآخر عبر فعاليات متنوعة سمتها السلم والتفاعل الإيجابي وإدارة الشراكة والتنوع الوطني.
اثناء كتابة هذا الجزء من سلسلة " اللامُحاوِر" نشر الموقع الاعلامي لرئيس الوزراء العراقي بيانًا جاء في مقدمته: ( استمرارًا لمبادرة الحوار الوطني، اجتمعت الرئاسات مع قادة القوى السياسية الوطنية العراقية بدعوة من رئيس مجلس الوزراء السيد مصطفى الكاظمي، اليوم الإثنين ٥ ايلول ٢٠٢٢؛ لمناقشة التطورات السياسية، وبحضور ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق.
وخلص الإجتماع الى الاتفاق على ما يأتي:
١ أكد المجتمعون أن تطورات الأوضاع السياسية وما آلت إليه من خلافات تحمّل الجميع المسؤولية الوطنية في حفظ الاستقرار، وحماية البلد من الأزمات، ودعم جهود التهدئة، ومنع التصعيد والعنف، وتبني الحوار الوطني؛ للتوصل الى حلول، مشددين على ضرورة استمرار جلسات الحوار الوطني).
أكتفي بالمقدمة وبالنقطة الأولى من البيان وأضع القارئ أمام دليل دامغ على صحة ما أذهب إليه من رأي هو عنوان سلسلة المقالات " اللامُحاوِر" وقد نشرت الجزء الأول قبل صدور بيان مكتب رئاسة الوزراء ( نُشِرَ الجزء الأول في موقع الحوار المتمدن بتاريخ ٣٠ آب ٢٠٢٢ ) وحبذا لو أعاد القارئ الفطن ما نقلته من البيان، وليُركز على:
-استمرارًا لمبادرة الحوار الوطني.
-لمناقشة التطورات السياسية، وبحضور ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق.
-وتبني الحوار الوطني؛ للتوصل الى حلول، مشددين على ضرورة استمرار جلسات الحوار الوطني.
وأؤكد على: مشددين على ضرورة استمرار جلسات الحوار الوطني....
هل تستشعر - عزيزي القارئ - عمق وتعقيد وأزمة حالة اللاحوار؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حاكم دارفور: سنحرر جميع مدن الإقليم من الدعم السريع


.. بريطانيا.. قصة احتيال غريبة لموظفة في مكتب محاماة سرقت -ممتل




.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين يضرمون النيران بشوارع تل أبيب


.. بإيعاز من رؤساء وملوك دول العالم الإسلامي.. ضرورات دعت لقيام




.. بعبارة -ترمب رائع-.. الملاكم غارسيا ينشر مقطعاً يؤدي فيه لكم