الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شنودة الذي حل ضيفا على هذا المجتمع القاسي

مجدي مهني أمين

2022 / 9 / 6
المجتمع المدني


كان لي صديق وقت الدراسة يقول:

• أنا عمري ما اتجوز، وان اتجوزت مش ممكن يكون عندي أطفال أبدا
• ليه يا حجازي؟ ( هذا اسمه)
• لأنه صعب أجيب أطفال في هذا المجتمع القاسي، وفي عالم ملئ بالحروب!!

الحقيقة، لا أعرف إن كان حجازي وقف عند تصميمه، أم ظهرت بنت الحلال اللي خلته يغيّر قناعاته، فأنا لم أره منذ أن أنهينا دراستنا، تفرقت بنا السبل، كما يقولون، ولكن ظلت رؤيته للعالم المحيط بنا صحيحة، وأزيده من البيت شعرا، فنحن في عالم ملئ بالكثير من القسوة، عالم ننجب فيه أطفالنا ونظل كل يوم نحاول أن نحميهم من التمييز والتنمر والتهديد والكثير من التحديات، مهمة الحماية من القسوة تفوق مهمة توفير متطلبات الحياة اليومية، "وادينا عايشين".

في هذا المجتمع القاسي يأتي شنودة، طفل برئ، مغمض العينين، يولد في الهواء الطلق، لا يوجد هناك الأب ولا الأم، ضمانته الوحيدة في الحماية المنشودة.

الأب والأم، أو لعلها تحديدا الأم، لا يستطيعوا حماية شنودة، بالعكس شنودة نفسه سيكون سيفا مسلطا على أعناقهم، وبدلا من الهواء الطلق، يلقون به، أو تلقي به الأم في حمام كنيسة، وهنا تسير القصة سيرا حسنا، إذ يحمل أولاد الحلال الطفل لأسرة لم تنجب منذ 29 سنة، يحملونه لفاروق فوزى بولس وزوجته أمال، استمرت القصة أربع سنوات، ‘إلى أن ظهر عدو الخير متمثلا في إحدى قريبات عم فاروق التي أبلغت الجهات المختصة، التي أخذت الطفل كي تضعه في دار للأيتام، بعد أن غيرت اسمه من شنودة ليوسف.

وهنا دخل شنودة في نفق المجتمع القاسي، المجتمع الذي التقط هذا الطفل من حضن أسرة ترعاه ليلقي به في دار للأيتام، وكأنه لقى حتفه، الطفل دخل في متاهة لا يعرفها، بل دخل في متاهة لا يعرف عم فاروق نفسه كيفية الخروج منها، ظهر إحجام القانون الكنسي عن حسم مسألة التبني، خوفا من تعارضها مع المادة الثانية من الدستور، وظهر القانون المصري الذي يعتبر الطفل فاقد الأهلية أنه مسلم بالفطرة، بما لا يحق للمسيحي في كفالته.

• فمحبة المال أعمت قلب قريبة عم فاروق كي تبلغ عن شنودة كي ترث هي نصيبها من عم شنودة، والقانون المصري أيضا لا يقل قسوة بما يحتويه من تمييز ضد الأقباط، وتراجعت الكنيسة في قانون الأحوال الشخصية عن عن حسم موضوع التبني خوفا من تعارضه مع المادة الثانية من الدستور.

الكل سابقا ولاحقا آثر السلامة، وسقط شنودة من بين يدي أسرة تحبه وتحميه، ليلقى مصيره في دار أيتام، حيث التنمر والإهمال والكثير من التحديات، مجتمع قاسي لا يعرف الرحمة.

طبعا شنودة في حالة صمت، هو لا يعرف لمن يتوجه، أنا أراه بعين قلبي ينظر لشئ واحد، ينظر لباب دار الأيتام، تحديدا مقبض الباب، ينتظر بشعف أن يُفْتَح وتطل منه أمه "أمال"، وأبوه "فاروق فوزى بولس"، هو لا يرى سوى هذا الباب، قد يأكل أو لا يأكل، الأمر في زحمة الحياة لا يهم أحد، ربما يهم "أمال"، ولكن المجتمع له قوانينه تحول بينهما.
• هل تملك تلك الأسرة من القدرة في أن ترفع قضيتها لتغيير القانون؟
• هل تملك الكنيسة المقدرة في إعادة فتح ملف التبني كي يتم إقراره؟
• وماذا عن مصلحة الطفل الفضلى التي تقرها كافة المواثيق الدولية؟

الحقيقة أن الأمر صعب، الأمر يخرج عن نطاق قانون جائر، ليدخل في نطاق قلب مسئول رحيم كي يجد مخرجا لهكذا ظلم يقع في الأساس على عاتق طفل برئ، ومن هنا كانت صرخات الأب في مناشدة الرئيس كي يتدخل، أو مناشدة المسئولين كي يقبلوه هو وزوجته للعمل كخدم في دار الأيتام التي يوجد بها شنودة، كي يقوموا يوميا برعايته هو وأصحابه اليتامي المقيمين بالدار.

• لعل الرئيس يستجيب،
• لعل وزارة تضامن تستجيب، أو
• لعل مسئولي الدار يستجيبون.

شنودة عينه على مقبض الباب ينتظر، وستظل تنتظر، عنده أمل، نرجوا جميعا أن يرى الأمل نورا، أقصد أن يرى الطفل الأسرة التي أحبته تحتضنه وتهدهد قلبه بعد هذا الهلع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة استهــ ــداف دبـ ـابة إسرائيلية لخيام النازحين في منطقة


.. عشرات المستوطنين يعتدون على مقر -الأونروا- بالقدس وسط حماية




.. مراسل العربية: اعتقال ضباط أوكرانيين بتهمة محاولة اغتيال زيل


.. دفع غرامة وكفيل.. حياة المهاجرين تزداد صعوبة في مصر




.. المدير التنفيذي للوكالة الأمريكية للاجئين شون كارول: تم إغلا