الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن محاولة لقراءة مغايرة 99

ضياء الشكرجي

2022 / 9 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا يَتَّخِذِ المُؤمِنونَ الكافِرينَ أَولِياءَ مِن دونِ المُؤمِنينَ وَمَن يَّفعَل ذالِكَ فَلَيسَ مِنَ اللهِ في شَيءٍ إِلّا أَن تَتَّقوا مِنهُم تُقاةً وَّيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفسَهُ وَإِلَى اللهِ المَصيرُ (28)
ما يقرب من العشر آيات تحرم على المسلمين اتخاذ الكافرين (غير المؤمنين بالإسلام) أولياء. وهذا ما جعل الكثير من علماء الكلام والفقهاء يستنبطون منه حكما، جعله البعض أحد أهم أركان الإسلام، وهو (الولاء والبراء)، أو حسب تسمية أخرى (التولي والتبري)، والتولي يشتمل على الصداقة والمودة والتناصر، وهذا حسب آيات القرآن ذات العلاقة من الواجبات فيما بين المؤمنين (المسلمين)، ومن المحرمات، بينهم وبين غير المؤمنين بدينهم، باستثناء آية واحدة من سورة الممتحنة، التي نفت حرمة التولي لغير المسلمين من الذين لم يقاتلوا المسلمين في دينهم ولم يخرجوهم من ديارهم، أي من بيوتهم وأوطانهم، ولم يظاهروا ويساندوا على إخراجهم. ولكن الآيات الكثيرة التي تطلق حرمة التولي، وكذلك الأخذ بما هو سابق نزوله وما هو لاحق، والقول بنسخ اللاحق للناسخ، جعل الكثيرين يذهبون أن الآيتين السابعة والثامنة من سورة الممتحنة وعموم آيات التسامح مع غير المسلمين، هي من الآيات المنسوخة. ويبقى القرآن حمّال أوجه متعدد صور الفهم، مما لا يجوز على الحكيم اللطيف أن يصدر مثله منه.
قُل إِن تُخفوا ما في صُدورِكُم أَو تُبدوهُ يَعلَمهُ اللهُ وَيَعلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الأَرضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ (29) يَومَ تَجِدُ كُلُّ نَفسٍ مّا عَمِلَت مِن خَيرٍ مُّحضَرًا وَّما عَمِلَت مِن سوءٍ تَوَدُّ لَو أَنَّ بَينَها وَبَينَهُ أَمَدًا بَعيدًا وَّيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفسَهُ وَاللهُ رَؤوفُ بِالعِبادِ (30)
اللاهوت الفلسفي المنزه لله لا يجد هنا ما يسجله من إشكال أو تحفظ، خاصة وإن هاتين الآيتين تتحدثان بشكل إجمالي عن علم الله بأحوال الكون وأحوال الناس، وكذلك تتناولان الجزاء الأخروي على النحو الإجمالي، دون الخوض في تفاصيل التصورات الدينية عن يوم القيامة وعن طبيعة الثواب والعقاب، مما يتعارض مع العدل الإلهي والرحمة الإلهية، خاصة وإن الآية الثانية تختم برأفة الله بالناس، وإن سبقها التحذير الذي هو دون مرتبة التخويف.
قُل إِن كُنتُم تُحِبّونَ اللهَ فَاتَّبِعوني يُحبِبكُمُ اللهُ وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَاللهُ غَفورٌ رَّحيمٌ (31) قُل أَطيعُوا اللهَ وَالرَّسولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الكافِرينَ (32)
لكننا عندما نواجه هاتين الآيتين التاليتين لما قبلهما، نجد إن مغفرة الله ورحمته مشروطة باتباع مؤسس الإسلام ومؤلف القرآن وبطاعته التي اعتبر طاعة الله غير متحققة بدونها، فعدم طاعته هو تولٍّ عن الهدى وكفر، فيكون غير المطيع لمحمد من الكافرين، ونعلم إن مصير الكافرين نار جهنم خالدين فيها أبدا. بلا شك إن بعض الطاعة لأي نبي هي من طاعة الله، إذا كانت متعلقة بالالتزام بالمثل الإنسانية وبمكارم الأخلاق، ولكن هذا لا يكفي ما لم يجر الالتزام بكل الأحكام التي لا يضر عدم الالتزام بها أحدا، ولا تمس المبادئ الأخلاقية والإنسانية، بل هي شؤون شخصية، كممارسة بعض العبادات والامتناع عن ثمة أطعمة والالتزام بأحكام النكاح والإرث وغيرها.
إِنَّ اللهَ اصطَفى آدَمَ وَنوحًا وَّآلَ إبراهيمَ وَآلَ عِمرانَ عَلَى العالَمينَ (33) ذُرّيةً بَعضُها مِن بَعضٍ وَّاللهُ سَميعٌ عَليمٌ (34)
اصطفاء الله أشخاصا مثل آدم ونوح وإبراهيم ويعقوب وإسحاق وإسماعيل وموسى وعيسى ومحمد، سواء وجد جميع هؤلاء الأشخاص، أو كانوا مجرد شخصيات خيالية أسطورية، وسواء كان الذين وجدوا منهم كما وصفهم القرآن به، أو كما وصفهم العهد القديم، أو كانت الصفات والقصص المقترنة بهم من تأليف المؤلفين من بعدهم؛ هذا الاصطفاء والتفضيل بالدرجة على سائر الناس غيرهم، لا دليل عليه، سوى دعاوى ما يسمى بالكتب المقدسة.
إِذ قالَتِ امرَأَةُ عِمرانَ رَبِّ إِنّي نَذَرتُ لَكَ ما في بَطني مُحَرَّرًا فَتَقَبَّل مِنّي إِنَّكَ أَنتَ السَّميعُ العَليمُ (35) فَلَمّا وَضَعَتها قالَت رَبِّ إِنّي وَضَعتُها أُنثى وَاللهُ أَعلَمُ بِما وَضَعَت وَلَيسَ الذَّكَرُ كَالأُنثى وَإِنّي سَمَّيتُها مَريَمَ وَإِنّي أُعيذُها بِكَ وَذُرّيتَها مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ (36) فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبولٍ حَسَنٍ وَّأَنبَتَها نَباتًا حَسَنًا وَّكَفَّلَها زَكَرِيّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيها زَكَرِيَّا المِحرابَ وَجَدَ عِندَها رِزقًا قالَ يا مَريَمُ أَنّى لَكِ هاذا قالَت هُوَ مِن عِندِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرزُقُ مَن يَّشاءُ بِغَيرِ حِسابٍ (37)
قصة مريم لها معانيها الرمزية والمجازية التي لا تخلو من مثل وقيم، ولكن المشكلة عندما نتعامل مع القضايا الرمزية التي تطرح كقصص خيالية، يراد ربما من خلالها تثبيت مثل ما؛ عندما نتعامل معها كحقائق، يكفر من يشك بحصولها. ولا بأس من الإشارة إلى خطأ بلاغي هنا، وهو من نوع خطأ تقديم ما يجب أن يؤخر وتأخير ما يجب أن يقدم، إذ كان الأصح بدلا من أن يقال «وَلَيسَ الذَّكَرُ كَالأُنثى» أن يقال «وَلَيسَتِ الأُنثى كَالذَّكَرِ»، ومثل هذا الاستبدال بين المقدم والمؤخر يتكرر في العديد من آيات القرآن.
هُنالِكَ دَعا زَكَرِيّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَب لي مِن لَّدُنكَ ذُرّيةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَميعُ الدُّعاءِ (38) فَنادَتهُ المَلائِكَةُ وَهو قائِمٌ يُّصَلّي فِي المِحرابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحيى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللهِ وَسَيِّدًا وَّحَصورًا وَّنَبِيًّا مِّنَ الصّالحينَ (39) قالَ رَبِّ أَنّى يَكونُ لي غُلامٌ وَّقَد بَلَغَنِيَ الكِبَرُ وَامرَأَتي عاقِرٌ قالَ كَذالِكَ اللهُ يَفعَلُ ما يَشاءُ (40) قالَ رَبِّ اجعَل لّي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلّا تُكَلِّمَ النّاسَ ثَلاثَةَ أَيّامٍ إِلّا رَمزًا وَّاذكُر رَّبَّكَ كَثيرًا وَّسَبِّح بِالعَشِيِّ وَالإِبكارِ (41)
لم أجد في هذه الآيات الأربع ما يجعلني أتناوله بالتعليق، فهي أسطورة من أساطير القرآن وأساطير بقية ما يسمى بالكتب المقدسة، عن شخصيات لا أحد يعلم عن حقيقة وجودها، وحتى مع فرض ذلك، لا يعلم أحد عن حقيقة القصص والأساطير التي حيكت حولها. زكريا يدعو ربه أن يهبه ذرية، وهو عندما يدعوه، يفترض وهو النبي المرسل من الله، أنه واثق من أن الله قادر على استجابة دعائه، ولكن عندما تأتيه البشارة باستجابة دعائه يستغرب كيف يكون ذلك بعد أن بلغ من التقدم في العمر ما يكون المرء معه يائسا من أن يرزق بذرية، خاصة وإن زوجته أصبحت عاقرا. على أي حال هي ليست أغرب من المعجزات المدعاة لإبراهيم وتحول النار بردا وسلاما، وموسى وعصاه، وعيسى وولادته من غير أب ونطقه في المهد وإحيائه الموتى، ويونس ومكوثه في بطن الحوت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الدكتور قطب سانو يوضح في سؤال مباشر أسباب فوضى الدعاوى في ال




.. تعمير- هل العمارة الإسلامية تصميم محدد أم مفهوم؟ .. المعماري


.. تعمير- معماري/ عصام صفي الدين يوضح متى ظهر وازدهر فن العمارة




.. تعمير- د. عصام صفي الدين يوضح معنى العمارة ومتى بدأ فن العما