الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموت على البث الحى

منى نوال حلمى

2022 / 9 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الموت عبر البث الحى
---------------------------
أكثر من حادثة شاهدناها عبر البث المباشر الحى على اليوتيوب ، فى الأيام الأخيرة ، شابات وشباب فى القرى والمدن المصرية ، يتناولون حبة الغلال السامة ، يتركون رسالة أخيرة ، للعالم ، ثم يلفظون أنفاسهم الأخيرة .
مشاكل أسرية وعائلية ، متنوعة ، متشابكة الأبعاد ، ألقت بأثقالها على أنفاس أصحابها ، حتى هانت عليهم الحياة ، بكل ما فيها ، بكل منْ عليها .
شابات وشباب يعلمون جيدا أن دينهم يجعل المنتحر كافرا ، لكنهم لا يبالون ،
فسلطة الضغوط والاحباط أكبر من سلطة الايمان والأديان .
هل ستصبح هذه الحوادث ظاهرة متكررة ؟؟.
ان الشاب الذى ذبح فتاة المنصورة ، كان مثالا احتذى به شباب فى مصر وفى بعض البلاد العربية ، وكثرت جرائم تهديد الفتيات من ذكور مرضى قتلة يعيشون فى مجتمع دينى سلفى ذكورى ، يدين المرأة حتى وهى جثة . ذكور ربتهم أمهات مقهورات ، وآباء يضربون الزوجات ، يعيشون على قفا الأمهات ، متحرشون تائهين بشرب المخدرات ، متزوجين بأكثر من واحدة . والنتيجة الطبيعية أبناء وضعوا كل اختلالتهم على " الحائط المائل " ... المرأة .
وأخشى أن تكون حوادث الانتحار عبر البث المباشر الحى على اليوتيوب ، سلسلة تنقل العدوى الى آخرين ، مثلما انتقلت عدوى ذبح الفتيات من قاتل طالبة المنصورة .
وسيظل هناك اناس يقولون أن الأمر لا يستحق الاهتمام أو التخوف . فهى عدة جرائم فردية من شابات وشباب ، لا تعدو أن تكون فقاعات فى الهواء ، أو زوبعة فى فنجان .
وهذه هو المعتاد فى بلادنا . هل ننتظر حتى تصبح ظاهرة ؟؟. كما أن فى مثل هذه الحوادث أو الجرائم بشكل عام ، فان العدد ليس هو المعيار ، لأن الأمر يتعلق بروح انسان أزهقت . والمفروض أن قتل مواطنة واحدة أو قتل مواطن واحد ، كاف جدا لأن نكون فى مشكلة هائلة يجب معرفة جذورها ، وليس فقط انزال العقاب على قاتل الغير ، أو المنتحر الذى قتل نفسه بيده .
انحادثة واحدة ، أو جريمة واحدة ، بامكانها القاء الضوء على أزمتنا الثقافية والأخلاقية ، على مفاهيم الشرف والرجولة والأنوثة ، والنظرة الاجتماعية للمرأة ، والترابط العضوى بين هذه الجرائم والحوادث وبين الفكر الوهابى السلفى الاخوانى ، الذى غزا بلادنا بعد هزيمة 1967 ، وتم تدشينه مع الانفتاح الاقتصادى الاستهلاكى الطفيلى فى 1974 . فكر متشدد شاذ ، لا يطيق النساء ، معقد ، مختل عقليا ،
ليس عنده معنى للوطن ، فالدين هو الوطن . وليس هناك مواطنات ومواطنين . هناك رعية تسمع وتطيع ، وتقتل وتغزو وتسبى ، وتنتشر لأسلمة كوكب الأرض ، واستعادة أنظمة صحراوية رملية قاحلة ، متشددة عنيفة مثل طقسها المناخى ، وندرة موارد الحياة الأساسية الضرورية .
وكذلك لابد أن ندرك العلاقة بين سيادة الفن الهابط السطحى من الأغانى والمسلسلات والأفلام والمهرجانات ، وبين زيادة وتغير الجرائم كما وكيفا .
عندما شاهدت هؤلاء الشابات والشباب ، ينتحرون على البث المباشر ، ويرسلون لنا الرسالة الأخيرة ، والتى تخلو من الندم ، شعرت كم نحن حضارة فاشلة . كم نحن غارقون فى التوافه ، والهيافات ، والقيم الدافعة للموت لا المحفزة على الحياة . كم نحن نفقد انسانيتنا خطوة خطوة ، حتى لم نعد نهتز لمثل هذه الحوادث والجرائم البشعة الفاضحة . فى حضارة أخرى ، كان حادثة واحدة أو جريمة واحدة ، تكفى لاستقالة برلمانات ، ومسئولين ، ووزراء . ولا تعليقات على مواقع التواصل الا تبرئة القاتل المجرم الذكر ، وادانة المقتولة الضحية الأنثى فى حالة قتل وذبح الغير . أما فى الانتحار ، فلا شئ نملكه الا كلمات الترحم ، أو اتهامهم المنتحرات والمنتحرين بالكفر .
وتمضى بنا الحياة كما كانت . ولا عزاء له قيمة ، ولا تعلم مما يمرضنا ، ولا استفادة ولا عظة ولا عبرة . والأسؤأ ، أنه لا رغبة لدينا فى الشِفاء ، ولا حتى شعور أن نواقيس الخطر تدق بشدة . حتى اذا سمعنا نواقيس الخطر تدق ، لا نبالى . يكفينا أننا فى البطاقة ورثنا دين الاسلام ، يكفينا أننا لا نفرط فى أداء الطقوس الدينية ، ولا نستهين فى تغطية النساء ، وحشد الميكرفونات فى الجوامع والمساجد ، ونحفظ أدعية الرزق والستر والرحمة ، وأننا نبلغ 1,9 مليار نسمة فى العالم ( 2021 ) ، ونشعر بين الأمم باستعلاء ، لأن الله قد أعزنا وخصنا بدين الاسلام ، وخاتم الرسل والأنبياء .
-----------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو