الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الحل يكمن في التفاصيل قبل الدواء -أنت كما تحلم أن تكون 3-
لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان
(Lama Muhammad)
2022 / 9 / 10
الادب والفن
لم يبقَ مني سوى قطعة صغيرة من القلب، فيها أطفالي.. البقية منه ماتت أو اعتزلت ضخ الدم ومنح الأمل أو الحياة.
قلت للدكتورة النفسية:
-لا أهداف عندي، الأيام تمضي متشابهة، عندي مشاكل في النوم، وأشعر بالذنب على كل ما حدث ويحدث معي، أحس باقتراب موتي و اقتراب الموت فكرة مريحة بالنسبة لي.
-هذا نوع من الأفكار الانتحارية..
-لا يا حكيمة، أبداً لا أقصد الانتحار، فأنا أؤمن بالله وبأن الانتحار خطيئة لا تغتفر…
-فهمتك، لكن مازالت في علم الطب النفسي تسمى أفكاراً انتحارية…
-تمزحين؟
-لا، أية فكرة تدور حول الموت وتمنيه هي انتحارية، وهي من أعراض الاكتئاب.. كما الأعراض الأخرى التي ذكرتها…
-والحل يا دكتورة.. الحل..
-أخبريني الحكاية كلها، فالحل يكمن في التفاصيل قبل الدواء…
***********
كانت المرة الأولى التي ألجأ فيها إلى الله ليلة كاملة، ركعت على ركبتي و بكيت، قلت له يا الله إنها القضية الأولى وإن نجحت فيها أتفاءل وليس كالتفاؤل يصنع الناجحين…
دخلتُ القصر العدلي ذلك اليوم كأول مرة كمحاميّة، وقفت أمام القاضي، ودافعت عن بريء.. ونجحت.
هكذا بدأت الحكاية.. وصرت المحامية تُقى، لا أخسر القضايا لأنني لا أستلم قضية غير عادلة -في نظري-…
تعرفت على حسام، محامٍ زميل، تزوجت بعد قصة حب و صار عندي من الأطفال أربعة…
إلى أن هجم الاكتئاب بلا سبب ولا مبرر، فخنق أحلامي ودهن أيامي بالألوان المحايدة، لم يعد للنجاح من طعم، ولم تعد الخسائر تعنيني…
حتى أنه سرق ساعات نومي المطمئن وحوّل طعامي إلى “ فشة خلق”…
ابتعدت عن صديقاتي و عن زوجي، غزا الشيب شعري، نسيت حمالة صدري في كثير من الأوقات لأنني لم أعد أهتم…
زاد وزني، وبلد ذهني، بدأت أخسر القضايا و تشعب إحساسي بالذنب…
قلت كل هذا وأكثر للدكتورة النفسية، ثم بدأت بالبكاء…
الطبيبة صامتة لكن عينيها تتكلمان، مريحة جداً و كان من المريح أن أبكي أمام من لم يحاول منحي منديلاً ورقياً ولا إسكاتي…
بعد دقائق سألتها:
-هل تكفي هذي الحكاية…
هزت رأسها…
-سنطلب تحاليلاً دموية، الآن وحتى نشخص تشخيصاً نهائياً سأعطيك دواء ليساعد في النوم، الدواء هذا ليس من المهدئات ولا يسبب إدماناً، ثم أراك مجدداً بعد أسبوع.
-تحاليل دموية؟
-أجل أعراض الاكتئاب تتشابه مع أعراض كثير من الأمراض الجسدية، ويجب نفيها…
-لا دواء اكتئاب قوي الآن؟
-لا.. الدواء الآن هو نوع من مضادات الاكتئاب الضعيفة لكنه يساعد في النوم.. والنوم في حد ذاته سيساعد مبدئياً…
-حسناً، شكراً لسماعي دكتوري.
***********
بعد يومين تلقيت مكالمة من الطبيبة النفسية:
-سيدة تقى تحياتي…
-تحياتي دكتورة…
-وصلتني نتيجة تحاليلك الدموية.. عندك قصور شديد في الغدة الدرقية ويجب أن يعالج فوراً…
صمتت وبدات بالبكاء:
- ماذا تقولين؟ قصور غدة.. ليس اكتئاب…
-بل اكتئاب بسبب قصور الغدة والعلاج الآن هو علاج الغدة و متابعة وضع المزاج- أي الاكتئاب- سأطلب أيضاً بضعة تحاليل دموية أخرى لمعرفة نوع القصور وإنذاره…
-شكراً شكراً دكتورة…
-أهلاً وسهلاً.. أرسلت الوصفة الدوائية إلى الصيدلية التي اخترتها.. تحياتي…
هي ليست تحيات يا حكيمة، هي حياة.. لقد منحتني أملاً في الحياة…
************
بعد شهرين دخلت عيادة طبيبتي النفسية ضاحكة.. شيء كالسحر مسني مع دواء الغدة…
- حتماً أفضل، لكن الاكتئاب بسبب المرض الجسدي يستدعيني أن أزورك كل فترة لأخبرك عن هموم دار القضاء العالي التي تسرق النوم كما السيروتونين…
ابتسمت طبيبتي بهدوء.. وأجابت:
-أخبريني الحكاية كلها، فالحل يكمن في التفاصيل قبل الدواء…
يتبع…
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ذكرى وفاة الفنان الراحل أحمد سامي رحمة الله عليه ??
.. من سوريا إلى الولايات المتحدة.. رحلة شغف بالموسيقى والجيتار
.. فنان بولندي يحتج وحيدا أمام السفارة الإسرائيلية في وارسو
.. أحمد بدير وإدوارد يؤديان واجب العزاء في زوج الفنانة بدرية طل
.. برغم إصابة قدامها الفنانة وفاء عامر تقدم واجب العزاء في زوج