الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا النهج الأمريكي وليس النهج الصيني مثال وقدوة لنا في الشرق الأوسط

يوسف دركاوي

2022 / 9 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لماذا النهج الأمريكي
وليس النهج الصيني
مثال وقدوة لنا في الشرق الأوسط

كلنا يعلم من يحكم في جمهورية الصين الشعبية منذ 1945 والتي دخلت في انغلاق شديد أثناء حكم (ماو تسي تونغ)، في ما يُسمى بمرحلة البناء الاشتراكي، تحت رعاية الحزب الشيوعي الصيني. وكلنا يعلم أيضا أنه بعد وفاة (ماو تسي تونغ) سنة 1976، رحبت الصين بكل المناهج الإقتصادية الرأسمالية، ولم يبقى فيها من النهج الآيديولوجي الشيوعي، سوى المركزية في الحكم. ولكن لحسن الحظ، احتضن زعماء فترة ما بعد ماو، ولاسيما في فترة حكم (دينغ سياو بينغ)، إحتضنوا التغيير، وإبتعدوا عن المغالاة والتشدّد الآيديولوجي، من الناحية الاقتصادية، وتمسكوا بالطريقة البراغماتية، مما أدى الى انتعاش السوق، فحدثت تنمية إقتصادية، لا مثيل لها في التاريخ البشري، اذ انتشلت ملايين البشر من براثن الفقر المُدقع، وحرّرت خُمس سكان العالم، من براثن الآيديولوجية الشيوعية، من الناحية الإقتصادية على الأقل. ولكن المشكلة تكمن في أن الصين، لم تستقبل أو ترحب بأهم القيّم الرأسمالية، وهي الديمقراطية الليبرالية، ومبادئها الثمينة من حرية الفكر والصحافة والدين والنقد الفكري.
فالتجربة الصينية التي يبوّق لها معظم العرب، لم تنجح إلا بالتطبيق الإقتصادي الرأسمالي البحت، مع وجود غطاء إشتراكي شيوعي، تتماسك به أطراف الدولة والحكم. ولم يبقى فيها من القيم الإشتراكية والشيوعية، سوى (اللوغو)، إذ أنك تستطيع أن تصبح أغنى أغنياء الصين، بل أغنى أغنياء العالم، ولكنك لا تسطيع أن تنتقد الحكومة أو تعبر عن نشاطاتك السياسية المُخالفة لنظام الحكم.
على العكس من ذلك تماماً، النظام الامريكي، الذي يسمح بكل ذلك، إضافة الى إعطائك الفرص الثمينة للعمل ولتحقيق ذاتك، ولبلوغ المستوى العالي من الغنى، وذلك من دون رقيب أو حساب، طالما تعمل من دون مُخالفة للقانون، وطالما تمارس أعمالك، بحسب الضوابط والتشريعات القانونية.
ففي الولايات المتحدة الأمريكية التي شهدت تجربة إتحادية أولى في العالم المعاصر، والتي بدأت من سنة 1787م، وإستمرت بنجاح منقطع النظير إلى يومنا هذا، وتمتعت بوجود الحلول المؤسساتية التي تبرز مع فكرة تقاسم السلطة، مع التنسيق الحكيم بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، إضافة الى تنظيم وتقاسم الصلاحيات السياسية، بما يحقق المصلحة المشتركة بين الولايات الفدرالية والسلطات الإدارية والتنفيذية المُنتخبة في البيت الأبيض، وذلك كله ضمن إطار الوحدة الإتحادية (الفدرالية).
ولا يمكننا نكران ما في الولايات المتحدة الأمريكية من تقدم للعلم، وكل انواع الحضارة الحديثة، والتي تحولت الى أعظم وأغنى دولة صناعية، بل أضخم قوة حضارية حديثة، تقود العالم في كل مجالات الإنتاج، وتحتكر الأولوية والصدارة، في اغلب المجالات العلمية والتكنولوجيا المختلفة.
فما نراه مناسباً وقدوة لنا في الشرق الأوسط، ليس النظام الديكتاتوري والسلطوي كما هو في الصين. لأن السلطوية في الصين، لا تختلف عما نراه في كثير من بلداننا الشرق أوسطية والإسلامية، ولأن شعوبنا لم ترى نور الديمقراطية والحرية، سوى في فترة قصيرة أثناء الحكم الإستعماري البريطاني، ولعلك تتعجب من قولي هذا، ولكن في حقيقة الأمر، كان هناك برلمانات وقضاة وتشريعات وميزانيات وانتخابات وحرية ضمير وحرية التفكير وحرية النقد.
ولكن مما يدعو للأسف الشديد، أنه لا تزال شعوبنا قابعة تحت نير الطغاة والديكتاتوريين، الذين لم يصنعوا أوطانا كريمة نتنعم من خيرات بلداننا، بل كانوا فقط ناجحين بتكديس أموالهم في الغرب، وبنهب ثروات بلداننا، وتكديسها في الغرب من دون محاسبة من أحد، مع إستثناءات بسيطة هنا وهناك، إلا أنه حتى تلك الإستثناءات، لا تبدو تستمر بنفس النهج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah