الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستشراق ........ماله وماعليه

عيد الدرويش

2006 / 9 / 29
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إن الاستشراق ظاهرة بدأت في نهاية القرن الثامن عشر في الغرب للاطلاع على حضارة الشرق والبحث في مفردات حياته وخصائص وسمات تلك الحضارة لذلك الشرق المجيد وكلنا يعلم وليس بخاف على أحد ما للشرق من سحر أخاذ , ففيه تنوع الحضارات والثقافات وجذور اللغة , وتمازجت الفصول وتنوعت التضاريس , فكثرت الأنهار والينابيع فكانت روعة من الجمال استقطبت ذاكرة الغريبين من كل فئاتهم وأخذوا يدرسون خصائص المجتمع ومعيشته وعاداته وتقاليده ولغته ونمطية الحياة لتلك التجمعات والشعوب هذه الفسيفسائية من التعامل طالت ذلك حتى الفنانين التشكيليين , فنقلوا للغرب صورة كاملة عن الشرق وعرفوا مواطن الضعف ومكامن القوة , فمكامن الضعف من أجل تنميتها في نفوس الناشئة ومكامن القوة من أجل تبديدها وتحطيمها , فقد ظهر جيل جديد من العلماء والباحثين الغريبين الذين سحرهم العالم الشرقي وكرسوا حياتهم وطاقتهم العلمية لفهمه والتعريف به واشتهروا( بالمستشرقين ) وهذا مما جعل الغرب يدرك تماما الزمن المواتي للسيطرة على ثرواته والطريقة المثلى , وكذلك كانت دراستهم للغة العربية الذي قربهم أكثر إلى فهم حضارة هذه اللغة والتعاطف معها , فقانت هذه المدارس لهذه الغاية , فقد قامت المدرسة الإستشراقية على يد روادها الأوائل (ديوي) و(اوغستيان بيرك ) في علم الاجتماع , فانتقلت من العجائبية إلى الدراسة المنهجية والعلمية , وتزويد الحقائق فقد كان الشرق حائرا ينبع الإعجاب وبين الجاسوسية الغربية لمساعدة دولهم على فهم مجتمعاته وصياغة السياسات المناسبة , وعلى الرغم نلمس هناك من الحالات الشاذة , فمن استهواهم الشرق واعتنقوا مبادئه وقيمة واعتنقوا الإسلام كما يقول نصر الدين دينيه وهو فنان فرنسي عاش في الجزائر وقضى بقية عمره يكتب ويرسم في الجزائر, إن الذين تحدثوا عن معالم الشرق بكل تفاصيله وعبروا عن كل جزئيات الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية جعل لمقتنصي الفرص من الاستعمار والإمبريالية فرصة للسيطرة على الشرق , ولكن هذا لم يكن سببا كافيا فلو لم يكن بطريقة الإستشراق , فكان بطريقة الترجمة , أو بطرق أخرى تستطيع هذه الشعوب أن تتبادل المعارف والخبرات , ولكن تزامن ذلك مع وجود رغبة للغرب للسيطرة على الشرق ترافق مع تدني واضح لدى مجتمعات الشرق في مقاومة ذلك ولأسباب كثيرة ابتداء من أنهم كانوا منهكين من الحروب ووصولا إلى ما خلفه هذا الاستعمار من جهل وتخلف فهي من الأسباب التي سهلت الطريق أمام الغرب للسيطرة على الشرق وثرواته وتراثه بصيغ مختلفة ومتباينة بين الانتداب والوصاية والاحتلال وكان من جزيل عطاءهم في هذا الجانب ما ورّثوه للشرق هو تلك التجزئة التي ينعم بها ذلك الشرق .
إن عملية التسارع في المعلومات , و أصبح العالم قرية صغيرة كما قال شارل ماكلوهان وأن كثافة المبادلات الثقافية والعملية بين مختلف الجهات ودون الوقوف عن حدود الدول أو الإيديولوجيات أو القوميات واختلطت الوجبات الثقافية بين الموجب والسالب والكل ينشد ضالته , فهل سيكون الاستشراق في نهايته وتسليم مهامه إلى الشرق ؟ أم أنه سيعيد نفسه مع هذه التطورات؟
إلا أننا نلمس من خلال استعراضنا لمسيرة التجمعات البشرية وعن سر الديمومة لبقاء البعض منها , التي ارتكزت على مجموعة من المعايير الإنسانية والقيمية التي جعلت حضارتنا العربية ,ذات صبغة إنسانية بالدرجة الأولى وميزتها عن بقية الحضارات والشعوب عبر العصور والجانب الإنساني الذي افتقدته كثير من الأمم والشعوب والحضارات وبالتالي كان مصيرها الفشل هذا مما حدا بالآخرين من الغرب البحث عن الوسائل والسبل للسيطرة عن مقدرات هذه الحضارة , فقد ظهرت في فترات متفاوتة كلها كانت تهدف إلى السيطرة على الشرق والتمتع بخيراته ونهب موارده , فالمصطلح ليس بجديد من حيث الصورة , ولكنه كان أكثر رواجا في كل الجوانب الحياة , فقد ظهرت منذ حوالي من مئتي عام بين الغرب والشرق , فكانت فصول المعرفة مبنية على الخوف والريبة محشوة بالأهداف والغايات والسبل وبدأت حينا آخر بوجه سافر بموجب احتلال عبر هدير المدافع وهذا ما أباح به نابليون بونابرت فضلا على ما حمله معه من العلماء والآثاريين وما رافق ذلك الحملة من سفك للدماء
والسؤال الذي يطرح نفسه ‘ ما هو السر وراء ذلك ..........لتأتي الإجابة واضحة وضوح الشمس وعلى كل لسان إنه سحر الشرق ............. ولكن أين نحن من هذا وذلك ؟..........لقد نادى الكثيرون من دعاة النهضة العربية إلى وضع منهجية فكرية ودراسات على أسس علمية وثقافية متينة, لما يعيد لهذه الأمة ألقها وتطورها الذي كانت عليه عندما كانت هدفا للإستشراق ودعاته وحتى تاريخه , ويبقى فم السؤال مفتوحا أين نحن من هذه التغيرات ؟ أين نحن من الكم الهائل من المعارف والعلوم التي نتلقاها كمستهلكين حتى على مستوى الثقافة ؟ لتنطبق علينا المقولة إننا نأكل أكثر مما ننتج فلا خير بهذه الأمة وأصبحنا ندور في حلقة مفرغة اتجاه قضايانا المصيرية
وإن أغلبية من هؤلاء المفكرين والمثقفين قد خارت قواهم , فما أكثر العناصر التي تجمعنا , وما أقل العناصر التي تفرقنا , ولم يقوموا في ذات الدور الذي قام به المستشرقون يوما من الأيام , فهل سيتنادى المثقفون لتكون ظاهرة الاستغراب في الشرق ؟..........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير مؤسسة -شوا-: الدعوات لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات م


.. بوتين يقيل وزير الدفاع شويغو ويرشح المدني أندريه بيلوسوف بدل




.. بلينكن يحذر إسرائيل: هجوم واسع على رفح سيزرع -الفوضى- ولن يق


.. وزارة الدفاع الروسية تعلن السيطرة على 4 بلدات إضافية في خارك




.. الجيش الأوكراني يقر بأن موسكو تتقدم في منطقة خاركيف الأوكران