الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قلة أدب بيئية!

حسان الجودي
(Hassan Al Joudi)

2022 / 9 / 16
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


من المثير للفضول كيف أن الكاتب العربي المعاصر يتماهى مع التراث الميت ، مما يجعله غريباً عن منجزات العلوم الحديثة وفلسفتها ، ويتجلى هذا بجهله البيئي الفاحش.
هو يجعل جميع الحيوانات أعداءً له. ولا يرعوي عن شتمها على الطالع والنازل.
فالذئب غدار، والثعلب ماكر، والضفدع كريه، والأفعى قاتلة ، والضبع قذر كريه المنظر والمخبر، والكلب نجس..الخ
ولم تسلم أصواتها من الإهانة. فالضفادع لها نقيق أي هي كثيرة الشكوى والتذمر .
والحمار المسكين يجب عند سماع نهيقه التعوذ كما جاء في الأثر.
أين ذهبت مبادئ الإحسان الكوني التي كتب عنها جدنا المعري؟
وكيف تحول الكاتب العربي إلى جاهل بتاريخه، وجاهل بعصره، وجاهل بأبسط قواعد الاستدامة البيئية والتي ستجعل حياة ورفاهية أولاده وأحفاده ممكنة؟
لا يعرف الكاتب العربي أنه يتشارك بجيناته مع جميع الكائنات الحية من حيوانات ونباتات.
ولا يعرف أنه مثل الجندب أو الفيل جزء هام من البيئة وأنه يتشارك معها حقوق الحياة.
وأن لها حقوقاً يجب احترامها ، لأنها كائنات حية بالدرجة الأولى ، ولأنها تقدم خدمات بيئية عظيمة لا يمكن تصورها.
الضفدع المكروه، له دور فعال في التوازن البيئي بفضل الحشرات التي يتناولها.
ويمكن على هذا المنوال الحديث عن معظم الكائنات في الطبيعة.
هي كائنات تعيش بانسجام ولا تقوم بالاعتداء على الآخرين . ولا تسبب استنزاف الموارد الطبيعية.
وهذا بالطبع ما يفعله الإنسان دائماً بجدارة وغباء.
لقد ظهر مصطلح فلسفة البيئة لينظم علاقة الإنسان ببيئته، فيساعد في غــرس الســلام والأمــن الــبـيـئـي، وإعـــادة ارتـبــاطنـــا بروح الــطبــيعــة والإحــسان إلــيــهــا.
لكن الكاتب العربي يفتخر بجهله ، وينفخ أوداجه وهو يعير كاتباً آخر مختلفاً عنه بأنه كالضفدع أو الكلب أو كالحمار.
ولا يخطر على ذهنه الوقاد أن كل الحيوانات المذكورة هم شركاؤنا في هذه الكرة الأرضية. وأن بقاءنا من بقائهم.
إن الشعور بأننا جزء من النظام البيئي لا يمكن أن ننفصل عنه، هو شعور موضوعي وليس شعوراً خيالياً.
وحين ننطلق من مبدأ أننا جزءٌ من الكل ، بيننا تفاعل متبادل، نكون لامسنا روح فكرة السلام مع البيئة كما هي السائدة ضمن نماذج السلام الرئيسية في العالم، والتي تدعو إلى نبذ كل شكل من أشكال العنف والاعتداء.
المشكلة الكبيرة التي تعيق انتشار هذا الفكر الفلسفي الجميل في الثقافة العربية هي فكرة المركزية الطاغية.
فالإنسان محور الكون، والخالق قد خصه به وحده. والأرض هي مركز الكون ، وهي من تدور حولها الشمس. وهي مسخرة بكل مواردها لخدمة الإنسان الخارق.
لقد عرفت الثقافة العربية هذا الاتجاه المركزي . وهذا ما سبب ظهور الديكتاتور السياسي والديكتاتور الديني والديكتاتور الأدبي أيضاً. الذي يشبّه رأي الآخر المختلف بنقيق الضفدع، ذلك الكائن (المستحقر ) بالنسبة إليه.
ليته تعلم منه فلسفة البيئة فقط








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تناور.. «فرصة أخيرة» للهدنة أو غزو رفح


.. فيديو يوثق اعتداء جنود الاحتلال بالضرب على صحفي عند باب الأس




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات القصف الإسرائيلي في جميع مدن ق


.. حماس: تسلمنا المقترح الإسرائيلي وندرسه




.. طالب يؤدي صلاته وهو مكبل اليدين بعدما اعتقلته الشرطة الأميرك