الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الولايات المتحدة الأمريكية أم الصين من المؤهل لقيادة العالم

يوسف دركاوي

2022 / 9 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الولايات المتحدة الأمريكية
أم الصين
من المؤهل لقيادة العالم

كان لكيسنجر دور مهم وجوهري في التعامل مع الصين والإتحاد السوفيتي، عندما كان مستشارا للأمن القومي الأمريكي، إذ زار كيسنجر الصين سنة 1971 وعقد معها صفقة سرية، بالرغم من انها كانت آنذاك أي الصين أكثر صرامة وتطرفا من الإتحاد السوفيتي، إلا انها بحسب الدراسات الأكاديمية الغربية، كانت الصين القوة الشيوعية الوحيدة، القادرة على التأثير على الإتحاد السوفيتي، وكسر أجنحتها، وتحطيم هيبتها العالمية، وهيبة الحزب الشيوعي السوفيتي.
لم يكن في حقيقة الأمر (هنري كيسنجر) المهندس العبقري الوحيد في تحقيق ما يُسمى بالتباعد التاريخي بين الصين والإتحاد السوفيتي، وتأسيس ما يُدعى بالشراكة الغريبة جدا بين الولايات المتحدة من ناحية، وبين الصين من ناحية أخرى، إذ كان للرئيس الأمريكي (ريتشارد نيكسون) دور بارز أيضا، في رسم الخطط الناجحة، وفي صنع هذا التباعد، وتأسيس هذه الصداقة المشبوهة جداً، إذ جسّد الرئيس الأمريكي نيكسون ذلك في زيارته للصين بعد كيسنجر مباشرة في العام التالي، وأنشأ هذا التحالف الغريب بين دولة، تدعو الى الأممية الشيوعية، ودولة تدعو الى الليبرالية والديمقراطية.
ولكن بعد ان نجحت أمريكا بفصل الصين عن الإتحاد السوفيتي، ونجحت كذلك في تفكيك الإتحاد السوفيتي، وفي إفراغ الأممية الشيوعية من مفعولها الآيديولوجي، والتي أسفرت عن دفع الصين نحو الازدهار الاقتصادي الرأسمالي، والذي أدى ذلك كله الى الازدهار الاقتصادي الصيني، الذي نعرفه ونشاهده اليوم.
لعل ما نراه يحدث في الوقع السياسي العالمي اليوم، أمر يدعو للغرابة والدهشة، إذ أن ما يحدث بين روسيا وأوكرانيا هو في الحقيقة يدل على خوف روسيا من ديمقراطية أوكرانيا وجورجيا وارمينيا والتي تدق أبواب روسيا، أكثر من خوفها من الناتو. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الصين وتايوان. فهي أي الصين لا تخاف من زيارة (نانسي بيلوسي) إلى تايوان، بقدر ما تخاف من ديمقراطية تايوان، والتي تدق أبواب الصين.
فإذا نظرنا الى موضوع زيارة بيلوسي، بعيون سياسي وإقتصادي عاقل، وبحكمة الصين القديمة، التي تبدو ان الصين نسيّت استخدامها. فالزيارة لا تتجاوز كونها زيارة عادية، كان يجب على الصين أن تتجاوزها لغرض الصالح العالمي العام. هذا إذ افترضنا أنها اي الصين تدعو الى السلم العالمي كما تدّعي، وان الولايات المتحدة الأمريكية تدعو الى الإستفزاز والحرب، كما تدعي الصين أيضا.
ولكن ما نراه هو عكس ذلك، إذ أن الصين قبل وبعد زيارة بيلوسي لتايوان، كانت وما تزال، تهدد الدول المجاورة، كما تفعل روسيا اليوم بجوارها الجغرافي بحجة الدفاع عن الأقليات الروسية في أوكرانيا، ومن قبلها جورجيا. وكما فعل (هتلر) أيضا في بولونيا وتشيكيا والنمسا، بحجة حماية الأقلية الألمانية. وكما يفعل اليوم (اردوغان)، في العراق وسوريا وقبرص واليونان بحجة حماية الأقليات التركية. فهذا دأب الديكتاتوريين والسلطويين، أينما كانوا وحكموا.
أما لماذا لا تستطع الصين ان تحل محل الولايات المتحدة، كما يدعي معظم الذين يكرهون الغرب والولايات المتحدة بالتحديد، وذلك لأن الصين، بالرغم من إنتاجها الصناعي الوفير، إلا أن التطورات التي يستشهدون بها على انها نقاط القوة الصينية، فهي في الحقيقة لا تصمد أمام الفحص العلمي الدقيق، من تكنولوجيا الطائرات والسيارات والمواصلات والإتصالات المختلفة، إضافة إلى تقدم سكان الصين في الشيخوخة.
ولا ننسى القمع الذي يمارس بحق الناس، والذي يضعف كيان الدولة، والجيش ، منذ تسلّم (تشي بينغ) مقاليد السلطة عام 2012، عندما استعاض تشي عن القيادة الجماعية بحكم الرجل الواحد. والذي بدأ فترة حكمه بدرجة عالية من التعنت الأيديولوجي، والإجراءات العقابية ضد الأقليات العِرقية والمنشقّين السياسيين في الداخل.
ويعتقد معظم المفكرين الغربيين بأن الصين تركز كثيرا على تشويه الغرب وديمقراطية الغرب، وتحاول جاهدة بإستنساخ نظامها الإقتصادي في دول أخرى، مقابل النظام الديمقراطي.
ولا غرابة أن المفكرين الغربيين والساسة أيضا، يعتبرون الحزب الشيوعي الصيني على أنه يشكل اليوم تهديدا رئيسيا في عصرنا، لأنه يتحدى المبادىء والقيم الغربية، ويريد هدمها وتدمير كل ما يدعو اليه الغرب، بكل الوسائل السياسية والإقتصادية.
لهذه الأسباب وغيرها، إنعطف نهج الولايات المتحدة الأمريكية مع الصين في العقد الأخير. وتحول من التعاون والتنافس الى المواجهة والإحتواء. وتنامى التوتر بين الولايات المتحدة وبين الصين، وتحاول الولايات المتحدة اليوم سحب البساط من تحت أرجل الصين، وذلك بسحب روسيا من تحت المظلة الصينية، كما فعل كيسنجر في 1971 ، بسحب الصين من تحت المظلة السوفيتية، ونجح نجاحا منقطع النظير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah