الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوعي بالنص الديني دفاعا عن التنوير ح 14 من سلسلة الوعي المجتمعي ، ك 2

ياسر جاسم قاسم
(Yaser Jasem Qasem)

2022 / 9 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الوعي بالنص التاريخي:
اعود مرة اخرى للكتابة عن النص التاريخي او الديني بشكل عام والذي من خلاله احدث رجال الدين تخلفا مجتمعيا كبيرا ولدي كتاب اسمه (النص وازمات المجتمع) اراجع فيه تاريخيا بعض النصوص القرانية ونصوص تاريخية واحاديث وردت في الكافي وصحيح مسلم والبخاري وبصورة مفصلة، الا اني في هذه السلسلة اجد لزاما التطرق الى النصوص التاريخية وما احدثته من سوء مجتمعي واضح وكبير ، فيورد ابن كثير النص التاريخي التالي عن البراء بن عازب قال: كنا يوم الحديبية اربع عشر مائة والحديبية بئر فنزحناها حتى لم نترك فيها قطرة فجلس رسول الله على شفير بئر فدعا بماء فمضمض ومج في البئر فمكثنا غير بعيد ثم استقينا حتى روينا وروت ركابنا، (البخاري)(ابن كثير ) وهنالك روايات كثيرة في هذا المجال ، فمثل هذه الرواية تعطي صورة اسطورية مشوهة عن الرسول وتتضح انها رواية مفتعلة لاعطاء النبي صفة فوق بشرية واستغلال لانسانية ابشع استغلال وهنا يقول المفكر جورج طرابيشي: (ان اكثر ما يلفت انتباه المتتبع لادبيات السيرة هو ان النبي محمد الذي اكد اكثر من أي نبي اخر على بشريته كما تشهد بذلك الايات العديدة في القران قد اخضعت سيرته لعملية اسطرة لم تخضع لها سيرة أي نبي اخر ربما باستثناء عيسى الذي جرى تأليهه) كما نورد حديثا اخر ورد في الكافي وهو حديث مخالف للعقل والمنطق السليم واسمه حديث الحوت رقمه 55 في المجلد الثامن: " عن محمد بن احمد عن ابن محبوب عن جميل بن صالح بن ابان بن تغلب عن ابي عبد الله قال سالته عن الارض على أي شيء هي ؟قال :هي على حوت ، قلت :فالحوت على أي شيء هو ، قال: على الماء، قلت فالماء على أي شيء هو : قال على الصخرة ، قلت فعلى أي شيء الصخرة ،قال على قرن ثوراملس ،قلت: فعلى أي شيء الثور ، قال: على الثرى ،قلت: فعلى أي شيء الثرى ، فقال: هيهات عند ذلك ضل علم العلماء. والملاحظ لهذه الرواية الرعناء قلة الوعي لدى ناسجها ومؤلفها والواضح انها نفعت اهل ذلك الزمان الذين في غالبيتهم اضاعوا عقولهم مقابل الاسطورة ، فجعفر بن محمد ينسب اليه الشيعة رؤى عقلية فكيف وبنفس الوقت تنسب له هذه السفاسف العقلية حسب الكافي .
كذلك نقرأ في الكافي عن جعفر بن محمد سمع يقول : راي المؤمن ورؤياه في اخر الزمان على سبعين جزءا من اجزاء النبوة .
وفي هذا الحديث بالذات اسجل الثغرات التالية :
1- المقصود بالمؤمن طبعا هو المؤمن بالدين المرسل وغيره هو الكافر وهذه خصيصة وضعت للمؤمن ان رؤيته ورايه سديدان جدا اما الكافر فلا راي له.
2- ما معنى اخر الزمان ، فهو مفهوم دوغمائي استخدم من قبل رجالات الدين الاسلامي من باب الترغيب والترهيب والا فلا اخر للزمان حسب الدلالات العلمية الا من باب انتهاء عمر الارض والشمس اما الاخلاقيات بسيئها ومحمودها فهي موجودة منذ بدء الخليقة حتى اليوم فعندما يقال ينتشر في اخر الزمان تشبه الرجال بالنساء واللواط وغيرها من الاخلاقيات المنافية للطبيعة البشرية ، السؤال الم يذكر القران اللواط بانه قبل الاسلام حتى فماذا يعني اخر الزمان بعد ؟ اعتقد انه من باب التهويل الذي مني به تاريخ المسلمين لا لشيء سوى للترهيب فقط . وغيرها من الامور التي تقول الاحاديث بانتشارها اخر الزمان في حين ان هذه الامور موجودة في اول الخليقة وفي اخرها ستبقى لان الانسان انسان بكافة اخلاقه وصفاته نعم تتغير بتغير البيئات والازمان والامكنة ولكن الحق والباطل والظلم والعدل موجود في كافة الازمنة والامكنة .
فلا اخر للزمان ، فالعلم الحديث يتحدث عن عمر الكون لمليارات من السنين قادمة وعن عمر الارض لمليارات اخر فما معنى اخر الزمان سوى الغيبيات التي يريد الدين لها ان تستغرق الناس وتمنعهم من التفكير .
3- لماذا هذا التمييز المستخدم من قبل الصادق ان صح الحديث عنه فالمؤمن مفضل على غيره برايه وغيره ليس له راي.
لماذا استخدم ارقاما ليس لها دلالات سوى الدوغمائية وهي مستمدة من نصوص قرانية اصلا خصوصا الرقم 70 يقول القران عن المنافقين (ان تستغفر لهم سبعين مرة لن يغفر الله لهم) ولنر حديث الرياح الوارد عن عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) عَنِ الرِّيَاحِ الْأَرْبَعِ الشَّمَالِ وَ الْجَنُوبِ وَ الصَّبَا وَ الدَّبُورِ وَ قُلْتُ إِنَّ النَّاسَ يَذْكُرُونَ أَنَّ الشَّمَالَ مِنَ الْجَنَّةِ وَ الْجَنُوبَ مِنَ النَّارِ فَقَالَ إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ جُنُوداً مِنْ رِيَاحٍ يُعَذِّبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِمَّنْ عَصَاهُ وَ لِكُلِّ رِيحٍ مِنْهَا مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهَا فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُعَذِّبَ قَوْماً بِنَوْعٍ مِنَ الْعَذَابِ أَوْحَى إِلَى الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِذَلِكَ النَّوْعِ مِنَ الرِّيحِ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا قَالَ فَيَأْمُرُهَا الْمَلَكُ فَيَهِيجُ كَمَا يَهِيجُ الْأَسَدُ الْمُغْضَبُ قَالَ وَ لِكُلِّ رِيحٍ مِنْهُنَّ اسْمٌ أَ مَا تَسْمَعُ قَوْلَهُ تَعَالَى كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ وَ قَالَ الرِّيحَ الْعَقِيمَ وَ قَالَ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ وَ قَالَ فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ وَ مَا ذُكِرَ مِنَ الرِّيَاحِ الَّتِي يُعَذِّبُ اللَّهُ بِهَا مَنْ عَصَاهُ قَالَ وَ لِلَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ رِيَاحُ رَحْمَةٍ لَوَاقِحُ وَ غَيْرُ ذَلِكَ يَنْشُرُهَا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ مِنْهَا مَا يُهَيِّجُ السَّحَابَ لِلْمَطَرِ وَ مِنْهَا رِيَاحٌ تَحْبِسُ السَّحَابَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ
رِيَاحٌ تَعْصِرُ السَّحَابَ فَتَمْطُرُهُ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ مِنْهَا رِيَاحٌ مِمَّا عَدَّدَ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ فَأَمَّا الرِّيَاحُ الْأَرْبَعُ الشَّمَالُ وَ الْجَنُوبُ وَ الصَّبَا وَ الدَّبُورُ فَإِنَّمَا هِيَ أَسْمَاءُ الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِهَا فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُهِبَّ شَمَالًا أَمَرَ الْمَلَكَ الَّذِي اسْمُهُ الشَّمَالُ فَيَهْبِطُ عَلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ فَقَامَ عَلَى الرُّكْنِ الشَّامِيِّ فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ فَتَفَرَّقَتْ رِيحُ الشَّمَالِ حَيْثُ يُرِيدُ اللَّهُ مِنَ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ جَنُوباً أَمَرَ الْمَلَكَ الَّذِي اسْمُهُ الْجَنُوبُ فَهَبَطَ عَلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ فَقَامَ عَلَى الرُّكْنِ الشَّامِيِّ فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ فَتَفَرَّقَتْ رِيحُ الْجَنُوبِ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ حَيْثُ يُرِيدُ اللَّهُ وَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ رِيحَ الصَّبَا أَمَرَ الْمَلَكَ الَّذِي اسْمُهُ الصَّبَا فَهَبَطَ عَلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ فَقَامَ عَلَى الرُّكْنِ الشَّامِيِّ فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ فَتَفَرَّقَتْ رِيحُ الصَّبَا حَيْثُ يُرِيدُ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ دَبُوراً أَمَرَ الْمَلَكَ الَّذِي اسْمُهُ الدَّبُورُ فَهَبَطَ عَلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ فَقَامَ عَلَى الرُّكْنِ الشَّامِيِّ فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ فَتَفَرَّقَتْ رِيحُ الدَّبُورِ حَيْثُ يُرِيدُ اللَّهُ مِنَ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) أَ مَا تَسْمَعُ لِقَوْلِهِ رِيحُ الشَّمَالِ وَ رِيحُ الْجَنُوبِ وَ رِيحُ الدَّبُورِ وَ رِيحُ الصَّبَا إِنَّمَا تُضَافُ إِلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِهَا .

والملاحظ للحديث ضعفه الشديد للاسباب التالية :
1- قساوة الاله الشديدة ،فالريح مخلوقة للتعذيب وهذا هو ديدن سياسة ديانة الخوف فالرعب والتخويف للانسان هو المسيطر لتكريس القيادة الدينية .
2- الدوغمائية الواضحة فما معنى ان الرياح الاربع التي هي الشمال والجنوب والصبا والدبور انما هي اسماء ملائكة وكيف تصمد هكذا احاديث تتحدث عن قضايا علمية اما العلم الذي يفسر اسباب هبوب الرياح الشمالية والجنوبية والرياح الموسمية .
من هنا جاءت دراستنا هذه وما ستتبعها من دراسات لاعادة قراءة التاريخ لوضع حد لهذه السخافات والاساطير




في حديث اهل الشام الوارد في الكافي برقم 7ج المجلد 8 نجد ان الباقر يفسر كيفية نشوء الخلق وماهو اول شيء خلق وبالشكل التالي وخلق الشيء الذي جميع الأشياء منه، وهو الماء الذي خلق الأشياء منه فجعل نسب كل شيء إلى الماء، ولم يجعل للماء نسبا يضاف إليه، وخلق الريح من الماء، ثم سلط الريح على الماء، فشققت الريح متن الماء حتى صار من الماء زبد على قدر ما شاء أن يثور، فخلق من ذلك الزبد أرضا بيضاء نقية ليس فيها صدع ولا ثقب ولا هبوط ولا شجرة، ثم طواها فوضعها فوق الماء، ثم خلق الله النار من الماء فشققت النار من الماء حتى ثار من الماء دخان على قدر ما شاء الله أن يثور، فخلق من ذلك الدخان سماء صافية نقية ليس فيها صدع ولاثقب. اما العلم الحديث فينفي هذه القضية جملة وتفصيلا فالكون انشئ حسب المعادلة التالية والتي نقتبسها من جمعية ناشيونال جيوغرافيك الامريكية عن نشاة الكون : حيث بدا كوننا قبل حوالي 13,8 مليار سنة، كان كوننا المرئي برمته محبوسا داخل نقطة كثيفة وساخنة بدرجة تفوق الخيال تعادل في حجمها جزءا من مليار حجم نووي منذ ذلك الحين تمدد الكوت وتوسع بشكل كبير اذ يقاوم قوة الجاذبية ابدا، وهنا بدا التضخم الكوني حيث في مدة اقل من نانو ثانية (جزء من الف مليون من الثانية) عمل حقل متنافر الطاقة على تضخيم الفضاء (أي : الكون المرئي ) ليصير في حجم قابل للرؤية ثم ملاه بمزيج من الجسيمات دون الذرية التي تدعى الكواركات (quarks) وهنا عمر الكون من 10-32 ملي ثانية (جزء من الف من الثانية) وكان حجم الكون متناهي الصغر مقارنة بكرة غولف ثم جاءت حالة (لبنات التكوين المبكرة) حيث تمدد الكون وانخفضت حرارته ثم تحولت الكواركات الى بروتونات ونيترونات فشكلت لبنات النوى الذرية ، وربما تشكلت المادة المظلمة وهنا عمر الكون 58 ملي ثانية وحجمه 0.1 جزء من التريليون من الحجم الحالي ثم بدات النوى الاولى : مع استمرار حرارة الكون في الانخفاض ، تشكلت النوى الاخف وزنا للهيدروجين والهيليوم وعمد ضباب كثيف من الجسيمات الى حجب الضوء او الطاقة الموجودة في الطيف المرئي ، عمر الكون 0.1 الى 200 ثانية وحجمه 1 جزء من المليار من الحجم الحالي.
وهنا جاءت: الذرات الاولى ، الضوء الاول: في الوقت الذي بدات فيه الالكترونات بالدوران حول النوى منشأة بذلك الذرات، لقشع ضباب الجسيمات فانكشف اشعاع ضوء كوننا حديث الولادة ، ويعود هذا الضوء الى اقدم فترة للكون يمكن ان ترصد باجهزتنا (380 الف سنة) وحجمه0,0009 جزء من الحجم الحالي، ثم بدات فترة العصور المظلمة او ما يسمى قبل تكون النجوم، بقي ذلك الاشعاع في خلفية الكون هو : الضوء الوحيد مدة 300 مليون سنة صارت كتلة المادة التي ستتحول فيما بعد الى مجرات هي الاكثر اشعاعا وسطوعا ، 380 الف الى 300 مليون سنة، 0.0009 الى 50 جزء من الحجم الحالي ثم بدات فترة انتصار الجاذبية على تمدد الكون، النجوم الاولى ، حيث انهارت سحب الغاز الكثيفة بتاثير جاذبيتها، وكذا جاذبية المادة المظلمة لتشكل المجرات والنجوم، في نهاية المطاف ثم اضاء الاندماج النووي النجوم، 300 مليون سنة ، 0.1 جزء من الحجم الحالي.

ثم فترة انتصار القوى الكونية المضادة للجاذبية بعد ان ابطاته الجاذبية لمليارات السنين تسارع التمدد الكوني من جديد والسبب في ذلك الطاقة المظلمة والتي تبقى طبيعتها غير واضحة 10 مليارات سنة ، 0.77 من الحجم الحالي.
وهنا تقع فترة الزمن الراهن حيث يواصل الكون تمدده وتستمر كثافته في التقلص اكثر فاكثر والنتيجة تكون نجوم ومجرات جديدة اقل عددا ، 13،8 مليار سنة ، الحجم الحالي، وكذلك رصد العلم وبشكل علمي نهاية الكون حيث من سينتصر في النهاية :الجاذبية ام القوى المضادة للجاذبية وهل تكفي كثافة المادة لكبح جماح الجاذبية ، او حتى تجعل التمدد الكوني معكوسا وهو ما قد يؤدي الى انضغاط شديد (الانسحاق الكبير) ويبدو ذلك مستبعدا بالنظر الى قوة الطاقة المظلمة على الخصوص والتي تشكل نوعا من القوى المضادة للجاذبية ربما يفضي تسارع التمدد الذي تسببه المادة المظلمة الى تمزق كبير يشتت كل شيء من المجرات الى الذرات والا فان الكون ربما سيستمر في التمدد لمئات المليارات من السنين أي حتى بعد زمن طويل على موت النجوم، كذلك يتساءل العلم عن ماذا كان قبل الانفجار العظيم لعلها انفجارات عظيمة اخرى وفقا لمبدأ عدم اليقين فانه حتى الفراغ المكاني يعرف تقلبات في طاقة الكم وتفيد نظرية تضخم الكون بان كوننا انفجر بسبب مثل ذلك التقلب في حدث عشوائي كان قد وقع مرات عدة من قبل، وفقا للتوقعات قد يكون كوننا واحدا ضمن بحر من الاكوان الاخرى الشبيهة به او التي لا تشبهه في شيء، ومن المرجح جدا ان تبقى تلك الاكوان الاخرى عصية على الرصد ابدا، ولايسعنا ان نصيغ النظريات عنها من وحي خيالنا (المعلومات عن لاوس باركر من فريق ناشيونال جيوغرافيك ،فانا غيرسوي وشارلز بينيت من جامعة جونز وهوبكينز ومايكل اس تورنر من جامعة شيكاغو الجمعية الجغرافية الوطنية ) وبالتالي نرى الفرق الشاسع بين ما اورد في احاديث دينية نقلناها عن الكافي تبين مدى دوغمائية واسطرة الدين في شرح سبب وجود الكون من حياة وغيرها وبالتالي نرى مدى سوء الاحاديث المبنية على الدوغمائية والفرق الشاسع بين ما اورد من احاديث وبين اكتشافات علمية اوردناها عن الجمعية الجغرافية .
ملحوظتان:
1- نقلنا لاحاديث الكافي يدلل وبصورة كبيرة لا تقبل الشك عن ان اكثر هذه الاحاديث هي دوغمائية واسطورية وينبغي اعادة قراءة التاريخ بتفكيك الاحاديث والنصوص التي تساهم في الاسطرة وارجاع الوعي المجتمعي الى الخلف .
2- قراءة التاريخ بصورة مغايرة وكذلك النص من حديث وغيره وفق اليات عقلية ناهضة سيسهم في اتاحة الفرصة للاجيال القادمة لترك كتب الاحاديث التي تعمل على تخلف المجتمعات بعيدا عن روح العلم الحديث ويجب على الشباب الناشئ الاخذ بالرؤى المعرفية لانشاء مجتمع معرفي .وهذا بعيد المنال اليوم مع وجود هذا الكم الهائل من الشباب الذي يقود مواكب التطبير واللطم. ولو ان هذه المواكب الدينية تمثل شعائر محترمة وهي موجودة في الكثير من الاديان ومنها المسيحية والهندوسية .


11-ب- ان كنت من اصحابه فخاطبنا بمثل خطابه.... رؤى في الحوار مع الاخر من التراث .

الانطلاقة ستكون من حال المسيحيين وتهجيرهم في العراق حسب روايات تروى في هذا المجال عن الرسول والرعيل الاول من الاسلام متناسين بعض العهود الهامة التي كتبت في تاريخنا والتي تعتبر وثائق تاريخية هامة يتم الاستناد عليها لتحليل التعامل مع الاخر كيف تم في بعض المواقف :
ومنها العهد الذي وجهه الرسول محمد الى مسيحيي نجران وهذا نصه:
"بسم الله الرحمن الرحيم ..... من محمد النبي الى الاسقف ابي حارث ، واساقفة نجران وكهنتهم ومن تبعهم ورهبانهم : ان لهم ما تحت ايديهم من قليل وكثير ، ومن بيعهم وصلواتهم ورهبانيتهم وجوار الله ورسوله ، ولا يغير اسقف من اسقفيته ولا راهب من رهبانيته ولا كاهن من كهانته ولايغير حق من حقوقهم ولا سلطانهم ولاشيء مما كانوا عليه على ذلك جوار لله ورسوله ابدا ، ما نصحوا واصطلحوا فيما عليهم غير مثقلين بظلم ولا ظالمين" وهنا نتوقف عند هذا النص التاريخي الهام الذي يعطي مساحات واسعة للتعامل مع الاخر انذاك في داخل حدود واطار الاسلام فالراهب والاسقف والكاهن لا يغير شيء من دينه ومبادئه وما كان عليه ابدا ما لم يقم بسوء تجاه المجتمع ويعتدي عليه فله كل الحق في ممارسة حرياته وهذا النص من التراث التنويري الذي تغيبه الحركات المتطرفة اليوم لكي تستمر في نزقها وسوئها تجاه الاخر وتطرفها في الغائه وقتله وتشريده وظل المسيح واليهود في ظل بعض الازمنة في الدولة الاسلامية في مأمن اذا استثنينا ما قام به المسلمون تجاه اليهود في الحروب الاولى (بنو النظير وقريظة انموذجا) وقد ناقشنا هذه القضية في مباحث اخرى من كتبنا، ويشيد (ادم متز) الكاتب الغربي بقضية اتاحة الحريات للمسيح في بعض اوقات حكم المسلمين: " ان الكنائس والبيع ظلت في المملكة الاسلامية كانها خارجة عن سلطان الحكومة وكأنها لا تكون جزء من المملكة معتمدة في ذلك على العهود وما اكسبيتهم من حقوق وقضت الضرورة ان يعيش اليهود والنصارى بجانب المسلمين ،فأعان ذلك على خلق جو من التسامح لا تعرفه اوربا في القرون الوسطى" هنالك تعليق جميل للمفكر عز الدين سليم حول سؤال يثيره وهو كيف يوفق الاسلام بين اعتقاده انه اخر الاديان والتي تتقاطع مع الكثير من قيمه وعقائده ومفاهيمه، ويجيب سليم: ان الاسلام يتبنى التضحية بالكثير من حدوده وقيمه ومفاهيمه اذا تعارضت مع حياة الانسان او كرامته او سمعته هذا هو الاسلام من نظرة اخرى مغايرة يجب ان تبعث من جديد كي يدحض الاسلام المتطرف والقراءات المتطرفة في الدين، على الرغم من وجود النص المتطرف الذي يجب ان يجمد ولا يتم العمل به وحصره ضمن سياقه التاريخي ومن نماذج تعطيل الحدود الاسلامية للاغراض الانسانية :
1- يجيز الاسلام اكل الكثير مما حرمه اذا توقفت حياة الانسان على تعاطيها كلحم الخنزير والميتة والدم وما الى ذلك.
2- يجيز ترك الفرائض لمن يضره اداؤها كالصيام للمسن والحامل.
3- يوجب رد السلام على الانسان في الصلاة اكراما له.
4- قطع الصلاة فريضة من اجل انقاذ حياة الانسان اذا تعرض للخطر .
ويعبر سليم عن الحوار الهادئ المتسامح مع الاخر " ولقد بالغ الاسلام في رعاية مشاعر الاخرين ، عند الحوار معهم حول احقية هذا الدين ،اذ يقول الله تعالى معلما الدعاة الى الله ومرشدا في كيفية الحوار الهادئ الرزين النافع " قل من يرزقكم من السموات والارض ،قل الله وانا او اياكم لعلى هدى او في ضلل مبين" وهنا يعلق سليم قائلا: " اذ يقف المحاور المؤمن وخصمه على صعيد واحد وكانهما يبحثان معا عن الحق دون ان يرجح نفسه على مناظره ابتداء وهذا غاية ما يتمتع به الانسان من الحيادية والانصاف عند محاورة الاخرين" .
جعفر بن محمد وخطابه المتسامح معما يسميه الاسلاميون بالملحدين وهي صفة لضرب الاخر المختلفف، ...اما عن علاقة مؤسس التشيع الصادق مع (الملاحدة) فهذا ما ينقله المجلسي في بحار الانوار ج3 ص57: يقول المفضل بن عمر وهو احد اصحاب الصادق :كنت ذات يوم بعد العصر جالسا في الروضة بين قبر الرسول ومنبره وانا مفكر فيما خص الله به سيدنا محمدا من الشرف والفضائل ، فاني لكذلك اذ اقبل ابن ابي العوجاء، (وهو مفكر من البصرة) فجلس بحيث اسمع كلامه فلما استقر به المجلس اذا رجل من اصحابه قد جاء فجلس اليه فتكلم ابن ابي العوجاء فقال: لقد بلغ صاحب هذا القبر العز بكماله، فقال له صاحبه: انه كان فيلسوفا ادعى المرتبة العظمى والمنزلة الكبرى، فقال ابن ابي العوجاء: دع ذكر محمد فقد تحير فيه عقلي وضل في امره فكري، وحدثنا في ذكر الاصل الذي يمشي به ، ثم ذكر ابتداء الاشياء وزعم ان ذلك باهمال لا صنعة فيه ولا تقدير ولا صانع له ولا مدبر بل الاشياء تتكون من ذاتها بلا مدبر ، وعلى هذا كانت الدنيا لم تزل ولا تزال" قال المفضل: فلم املك نفسي غضبا وغيظا وحنقا فقلت: يا عدو الله الحدت في دين الله ، وانكرت الباري جل قدسه الذي خلقك في احسن تقويم ، وصورك في اتم صورة ، ونقلك في احوالك ، حتى بلغ بك الى حيث انتهيت فلو تفكرت في نفسك وصدقت لطيف حسك لوجدت دلائل الربوبية واثار الصنعة فيك قائمة ، وشواهده جل وتقدس في خلقك واضحة وبراهينه لك لائحة ،فقال ابن ابي العوجاء: يا هذا ان كنت من اهل الكلام كلمناك ،فان ثبت لك حجة تبعناك وان لم تكن منهم فلا كلام لك، وان كنت من اصحاب جعفر بن محمد الصادق فما هكذا يخاطبنا ولا بمثل دليلك يجادلنا ، ولقد سمع من كلامنا اكثر مما سمعت فما افحش في خطابنا ولا تعدى في جوابنا وانه للحليم الرزين، العاقل الرصين، لايعتريه خرق ولا طيش ولا نزق، ويسمع كلامنا ويصغي الينا، ويستغرق حجتنا حتى اذا استفرغنا ما عندنا وظننا انا قد قطعناه ادحض حجتنا بكلام يسير وخطاب قصير يلزمنا به الحجة ويقطع العذرولا نستطيع لجوابه ردا، فان كنت من اصحابه فخاطبنا بمثل خطابه" فحديث ابن ابي العوجاء واضحا في وصف تقبل جعفر بن محمد للاخر وطريقة حواره مع مفكري عصره الذينن وصفوا بالملاحدة وتقبله لهم فهو يستمع لهم بل يصغي دون مقاطعة حتى يفرغوا حجتهم تماما عند ذاك يكون رده عليهم بكلام يسير وخطاب قصير ولا يفحش عليهم او يكفرهم او يسبهم او يلعنهم كما يفعل اليوم المدعين من اتباعه واحلى ما في كلام ابن ابي العوجاء" فان كنت من اصحابه فخاطبنا بمثل خطابه" واضح كلام ابن ابي العوجاء بوصف الصادق وامكانية اعتبار هذه الحادثة تنويرية ونحن بحاجة الى بعثها اليوم.
اما التعدد الموجود في الاديان اكبر من ان يذكر والسبب هو الاجتهادات امام النص فنجد ان الدين الواحد انقسم الى عدة اقسام ومذاهب ولكن هذا لم يدفع الكثيرين من اتباع تلك الديانات الى تكفير بعضهم البعض وان حدثت ففي ازمنة ماضية ، نجد ان اليهود انقسموا الى عدة اقسام ولكنهم اليوم امة واحدة وهم الفريسيون ،الصديقون، القراؤون، الكتبة وغيرهم ، والمسيح :هنالك النسطوريون واليعقوبيون والمارونية والكاثوليك والارثذوكس والبروتستانت بل بلغت توجهات البروتستانت على سبيل المثال الى عدد كبير من الطوائف نتيجة حركة الفكر الذي حصل في العالم .
وهنا ينبغي ان نشير الى ان امراض العصر التي هتكت المجتمعات هي الطائفية والعنصرية والارهاب فينبغي ان يكون الاختلاف الذي جبلنا عليه مدعاة لعدم التبرؤ من الناس او التكفير لهم وهذا ورد حتى في بعض الروايات التاريخية فينبغي على المسلمين على سبيل المثال اليوم الا يبرئ بعضهم من بعض أي السنة من الشيعة والعكس صحيح لمجرد الاختلاف بالرأي وهناك رواية تاريخية تؤكد هذا المفهوم وهي نقلا عن جعفر الصادق مؤسس التشيع الرسمي: كان هنالك خادما لجعفر بن محمد بعثه يوما في حاجة وهو بالحيرة هو وجماعة من مواليه، فانطلقوا ورجعوا مغتمين فراه الصادق وساله عما بعثه اليه فاخبره ثم جرى ذكر قوم فقال الخادم: جعلت فداك ، انا نبرأ منهم انهم لا يقولون ما نقول، فقال: يتولونا ولايقولون ما تقولون تبرؤون منهم، قلت: نعم قال: فهو ذا عندنا ما ليس عندكم فينبغي لنا ان نبرا منكم، قلت : لا جعلت فداك، قال: وهو ذا عند الله ما ليس عندنا أفتراه اطرحنا، قلت: لا والله جعلت فداك، ما نفعل؟ قال فتولوهم ولا تبرؤوا منهم " (بحار الانوار، ج66، ص161).
ولكن من يأخذ هذه الرواية من الشيعة للاسف الشديد.
كما تشير بعض الحوادث التنويرية في التاريخ الى ان عليا ما كان يكفر خصومه على الرغم من حربه معهم فحادثة الجمل اجاب علي عن خصومه" اخواننا بغوا علينا ونزههم عن الشرك والنفاق (الحر العاملي وسائل الشيعة، ج11، ص62) نقلا عن ( عز الدين سليم ، ابحاث وقضايا سياسية)ونقل الغزالي في المستصفى ان علي بن ابي طالب استشاره قضاته في البصرة في القضاء بشهادة اهل البصرة من الخوارج او عدم قبول شهادتهم، فامرهم بقبولها (عز الدين سليم، مصدر سابق، ص 79) ، وعندما اعترض عليه الخوارج في المسجد في الكوفة قائلين لا حكم الا لله رد عليهم قائلا" ان لكم عندي ثلاث خلال ما كنتم معنا : لن نمنعكم مساجد الله ان يذكر فيها اسمه، ولا نمنعكم فيئا ما كانت ايديكم مع ايدينا، ولا نقاتلكم حتى تقاتلوا ثم اخذ خطبته"
وواضح خلق علي في هذه الحادثة في مفهوم المعارضة السياسية :
1- الاماكن العامة لا نمنعكم منا طالما انتم معنا تعيشون في نفس الدولة فمن حقكم التظاهر والخطابة والصلاة والتجمع فقد كفل لهم حرية التجمع وهم معارضة .
2- ورواتبهم تصل اليهم طالما يشتغلون فلا يمنعهم الاموال لمجرد انهم معارضة ، الرواتب مستمرة.
3- وعدم قتالهم الا اذا تحولت معارضتهم من معارضة سلمية الى عنفية ، وهنا مشكلة كبرى ،فكبرى الدول الديموقراطية اذا تحولت فيها المعارضة من سلمية الى عنفية سوف تجابه بالقوة لان هكذا معارضة تكون خطرة على كيان الدولة والامة ، ونستشف ان عليا كان يؤمن بالمعارضة السلمية تماما كما فعلها هو في بعض ظروف حياته مع بعض الخلفاء السابقين له .

ملحوظتان:
1- من هذا التراث نستشف كيف ان الرسول محمد استطاع ان يوجه بعض الضمانات لبعض الاقوام والاديان الاخرى لغرض التعايش معها ، وفي نفس الوقت الذي الغى البعض فانه اسهم اسهامة في تقبل البعض وهكذا هو التراث الديني تراث التناقضات فبالامكان السكوت عن البعض الذي الغى واعادة بعث البعض الذي تقبل.
2- التنوير مهم جدا في حادثة جعفر بن محمد مع مفكري عصره .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي




.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال


.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر




.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي