الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


14 - مدخل . . إلى العقل المتصنم 15 - قطع تبيان عرضي لمصطرعية الذات المنفصمة عقليا

أمين أحمد ثابت

2022 / 9 / 18
المجتمع المدني


اصبح معروفا لدينا – من خلال سلسلة حلقات المواضيع السابقة تحت عنواننا الرئيسي اعلاه – أن عقلنا العربي الذي نهرب من الوقوف عليه لقراءته حتى نعرف انفسنا ، إن كنا اسوياء او غير اسوياء او تتجاوز عقولنا كنه العقل البشري عموما ( كما يحب البعض التوهم بهذا الاخير وتصديق انفسهم ) – أن متجلى طبيعتنا العقلية لا تعد أصيلة ، والتي هي معاد توريثها كطبيعة متحولة عن تطبع امتد قبلا لتاريخ طويل تم تناقله عبر الاجيال المتعاقبة من التاريخ الاسبق ، وذلك بصفات معلمة لعقولنا بسمة ( النقلي التلقني ، التوهمي ، المنقاد ، المخدوع ، الجامد او الصنمي ، المسخي . . . إلخ ) ، والتي بتجليها الملموسي الظاهري لمعبر العقل على الصعيدين النظري المجرد والعملي الممارسي كموجه لأفعالنا وسلوكياتنا ومواقفنا بصورة محسوسة كانت قد فتحت لنا السراديب المخفية الموصلة الى موطن جوهر التشوه للعقل – الحال كموضع بديل مشوه للجوهر الطبيعي الاعتيادي الأول للعقل العربي المعد غائبا – هو ما سهل اولا فهم الاختلاف بين جوهري عقلنا العربي – الطبيعي الاصيل الغائب لحقبات طويلة من التاريخ والمتشكل جبرا بديلا عنه ذلك الاخر حتى اصبح مورثا طوعيا في انساننا – أما ثانيا مما منتحتنا معرفتنا الإكتشافية تلك القدرة – التي هي معطلة عند الغالبية العظمى لأسيري العقل الخامل – على الملامسة الادراك للمؤشرات المخفية عن حواسنا وذلك بافتراضيات بديلة لتلك التي يعتمد عليها العقل الفكري الناقد لأفراد محدودين من جملة النخب العربية ( الفكرية والبحثية او السياسية والأكاديمية ) ، والتي قادتنا لاستجلاء صورة مغايرة للصورة الافتراضية المعتمدة عند أولئك القلة المفكرة من افراد النخبة ، وذلك حول لما حدث عبر الماضي التاريخي البعيد في تبديل طبيعة عقولنا الاصيلة الى طبيعة زائفة بديلة تحولت توارثيا لتكون طبيعية خاصة بنا – وهو ما فتح امامنا بنيات من الاحتمالات لكيفية إعادة قلب عقلنا نحو طبيعته الاولى الاصيلة الطبيعية ، كعملية نسميها وفق زعمنا الشخصي ب ( إعادة تخليق العقل ) ، والتي ما زالت نقدمها ذاتيا بصورة نظرية بقالب من التطبيقات النظرية الاستدلالية والتجريبية ( غير المنشورة ) والمتضمنة في مؤلفنا المكون من اكثر من الف وثلاثمائة بعنوان ( إعادة تخليق العقل . . ضرورة عربية ) – أطروحتنا تذهب في جزء تطبيقي الإجراء من الكتاب نحو معالجة قلب جذري لبنية مكون العقل القائم ، وذلك بخطوات تجريبية ممارسيه متتابعة التماسك لا تقبل القفز بين تلك الخطوات ، تتخذ كل خطوة نوعية في موضعها بقدر ما تلعب دور الكشط او المحو لمتراكمات التوهم المنتج عن ذلك الجوهر المرضي المشوه ، وبحيث تقود كل خطوة – وفق مرحلتها التجريبية العلاجية - من تلك الخطوات الاجرائية محوا تدريجيا لمورث ذلك الجوهر العقيم المشوه المورث فينا – أي بمعنى تطهير إزالي تدرجي لجوهر عقلنا المعاق القائم - لنصل في الأخير لظهور الجوهر الطبيعي الاصلي ( الغائب ) قبل هذه العملية التي نقترحها بعد تحريره من حالة التكلس التي ضربت عليه لآلاف من السنين الماضية ثم طوق بمتراكمات التشوه الذهني والاعتقادي التي اصبحت مسلمات مطلقة في عقل كل واحد منا وبكلية انسان المجتمع ، والتي مع مرور مئات والاف من السنين تحولت الى بنية الجوهر البديل العامل كمركز للتحكم الموجه لعمل أدمغتنا في نتاجاته النظرية المجردة والعملية خلال ممارساتنا لأنشطتنا وافعالنا وسلوكياتنا بما فيها العلاقات الاجتماعية التي نمارسها بموجه ذلك الجوهر المنتج فصامية شخصيتنا العربية .

كان لحلقتنا في موضوعنا هذا نوعا ما من القطع العارض لاستكمال مواضيع الحلقات التي اشرنا إليها سابقا كمتممة لموضوعنا الاخير المنشور بعنوانه الفرعي حول مسألتي الحلال والحرام ، لكننا وجدنا هذا المقتحم النظري العارض يمثل ضرورة فكرية لما نهدف الوصول إليه ، وهي ذات وجهين ، وجه تتمثل فيه الضرورة – لموضوعنا هذا – بكونه يعيد التثبيت التأصيلي لنهج الاستقراء المغاير – الذي نتبعه - لفهم انفسنا وعقولنا في راهنيتهما ، والذي تساوقا مع هذا الوجه يتمثل الوجه الاخر من الضرورة في كون هذا الموضوع يعد مدخلا ناسخا لجوهر موضوعنا بعنوانه الرئيسي ومشكلا عنصر الربط العضوي المساند بين متعدد الحلقات الفكرية التي تم نشرها والقادمة التي لم تنشر بعد حتى اكتمال البحث النظري الفكري لإشكاليتنا التاريخية التي طرحناها قيد البحث .
ويضيف موضوعنا الاستقطاعي هذا واحدة من المنكشفات الغائبة عن قناعاتنا وادراكاتنا ، الأكثر عمومية لمتوهم عقلنا المعتقدي والفهمي التصوري الزائف المؤمن تصديقا في نفسه أنه يقوم على الحقيقة وادراكها – والتي هي ليست إلا صورة مستحدثة الزمن تفرخيا لجوهر التشوه القديم المعيد إنتاج الزيف بديلا دائما لأصل الحقائق في عقولنا – كعيشنا ووجودنا الراهن حتى هذه اللحظة من زمننا مثل غيرنا ، نظل متوهمين اعتقادا وفهما تصوريا لحقيقتنا بأننا معاصرين وأبناء الحداثة المعاصرة – ولا تتقبل عقولنا أنا لسنا كذلك ، خاصة وأن هذا العصر موسوم بعيش كل مجتمعات الارض في حضارة عالم واحد مفتوح على الجميع وللجميع - بينما المنكشف الذي نذهب إليه في ذات المسألة وبإدراك فهمي مغاير كليا او بتعبير اخر مناقض لسائد العقل العربي في الفهم والقناعة الاعتقادية التي اسلفنا ذكرها ، والتي نرجعها كفهم زائف لحقيقة وجودنا ، والمنتجة عن الطبيعة المسخية المطبوعة على عقولنا والمشكلة لعمله ونتاجاته ، بينما حقيقتنا – الغائبة عن عقولنا - حول ذات وجودنا الزمكاني مع بقية شعوب الارض معايشة وتفاعلا مع العصر وايقاعاته ليس إلا استهلاكيا لا أكثر – أي ليس تفاعلا وتعايشا طبيعيا منتجا ومبدعا مشاركا بقية شعوب الارض الاخرى في صناعة المعاصرة القائمة وما يليها – هنا تظهر حقيقة انفسنا المشوهة بعقولنا المسخية ، حيث توهمنا عقولنا بأنا مثل غيرنا نعيش هذا العصر ولا فرق فيما بيننا ، ليطبعنا كمتلقين مستهلكين فقط بما يعمق تبعيتنا الدائمة للآخرين ، وهو وهم يعطل ماهيات ادمغتنا العاقلة في تطوير وتغيير حياتنا وواقعنا واحوالنا ، ويجعلها محدودة القدرة في التلقي ممن نتبعهم نقلا فقط ، فلا نحدث التغيير بأنفسنا لواقعنا وحياتنا بل نترك هذا الاخر لفعل ذلك عبرنا او بجانبنا ، وهو ما يجعل التغيرات الجارية في حياتنا وانفسنا تغيرات شكلية تثبت ذلك التوهم المطبوعة عليه عقولنا . . لنصدق ماديا ( أنا ابناء العصر الحديث وجزء منه ! ) – هذه المسارات المخفية المتكشفة لنا للجوهر المرضي التاريخي منحتنا مؤشرات الموجهات الرئيسية لمكون الجوهر المسخي للعقل وطبعه به وتجليات معبراته النظرية ( الفكرية ، المعتقدية والتصورية الإدراكية ) وتجلياته المادية خلال ( موجهاته لأنشطتنا وافعالنا وسلوكياتنا ومواقفنا ) – التي بتحقق محسوسيتها تعطي بعد الجانب المادي لدور العقل – هذه الموجهات تتمثل بجعل كل الاقنعة البديلة للحقيقة – على كافة اشكال المنتجات العملياتية للدماغ بطبيعته العاقلة ، مثل المعتقدات ، التفكير ، التصور ، التنبؤ ، الاستقراء ، التذكر ، الاخيلة . . إلخ – لتكون اساسا بديلا للحقائق ذاتها كما لو انها هي ذات تلك الحقائق نفسها ، التي هي مختلقة بتحورات مزيفة لأصل الحقائق تكون مستولية على العقل ، فيكون عمله ونشاطه ومنتجاته المتجلية لا تخرج عن ذلك الزيف ولا يدرك المرء منا توهمه العقلي تجاه كل الامور . . معتقدا أنه ملما او مدركا للحقائق ، حتى كل واحد منا متوهم أنه الأكثر فهما وادراكا ورؤية لحقيقة الامر هذا او ذاك او ذاك ، بل أنه لا يرى غير ذاته قادرة على الادراك الفعلي لحقيقة الامور والاشياء ومعرفة جوهرها .

مما سبق نصل الى تقديم تشخيص – بتعبير مجازي – طبي لحالة مرضية وراثية خاصة بإنساننا العربي ولكنه يأبى الاعتراف بمرضه او حاجته حتى للاستعانة الخفية غير المعلنة للاستفادة من ذلك التشخيص وليس حتى القضاء عليه ، وذلك على الأقل لتخفيف آثاره السلبية والخطيرة المنتجة مع مرور الزمن – يماثل هذا التعبير الطبي المجازي انسان مجتمعاتنا العربية الراهن ، الذي اصبح مجمعا بعدم تقبله عيش واقعه وحياته اليوم ، حتى أن كل واحد منهم يسعى – إن كان قادرا – او يتمنى الهروب للعيش في البلدان الاخرى غير العربية ، فهو لم يعد واجدا انسانيته في وطنه . . حتى انه وصل لدرجة شبه يقينية بفقدانه وجود ضامن يحمي عيش وجوده البيولوجي ، وبمعنى آخر أن الواقع والحياة القائمين لم يعودا مقبولين العيش فيهما واستمراريتهما ، ما يترجم عقليا لديه التمني والرغبة في تغير الواقع والحياة في وطنه ، بينما من الجانب الاخر لهذه الذات العربية – الاسيرة بمورثها الوجودي والعقلي المجتمعي للقديم – تتصادم ملموسيا بشكل يومي مع نفسها بمكون تلك الرغبة والامنية المصاحبتين بشعور الاحساس بتهديد وجوده الحياتي ومن معه في ظل ما هو قائم ، يكون الانتصار المتكرر راهنا كالذي جرى منذ القديم وطبعت عليه مجتمعاتنا بإنسانها لصالح إعادة انتاج الواقع والحياة الكاره لهما ، ونجده متقبلا – كما اعتاد عليه تاريخيا – تبنى خداع وعود زائفة بالتغيير ، يظل يمني نفسه – ايمانا – بقدوم تحققها وحدوث التغيير وإن كان يأتي بشكل بطيء جدا ، ما يجعل بنية توهمه العقلي أن يصبر مجددا على واقع وحياة اشد سوء وقسوة من قبل ، تلك التي وصل فيها وقتها الى شعور انتفاء استمرار حياته وعيشه وتمني الهروب الى بلد اخر يمنحه ولو قليلا من حقوق وجوده وانسانيته ولو كان غريبا فيه – بينما من جانب اخر يتلظى بالشكاء والعويل لمن يمنحه ثقبا لترك واقعه والحياة البائسة المهددة لإنسانيته داخل مجتمع بلده هذا .

وخلاصة ، بقدر مستلب الواقع والحياة جبرا عن انسان مجتمعاتنا العربية ، يظل عقله المريض المصاب بانفصامية ارثه القديم الماضوي ، وتوهميته العصرية بالانقياد ، انتج ما هو اشد بشاعة وقبحا لواقعنا وحياتنا المجتمعية – مقارنة بما صنعناه من قبح ماضوي – تمثل ذلك بمتحرك انساننا نحو تمزيق وطنه الى لمجزءات اوطان مستقطعة مناطقيا ، وتمزيق لحمة هويته المجتمعية وغذاها بالكراهية – تجاه بعضه البعض – بحيث اصبحت الكراهية التعصبية الضيقة للمجزءات تجاه بعضها مترجمة بالتدمير وتثبيت التهديد والارهاب والقتل بالاستقواء عناصر اساسية حاكمة للعلاقة المجتمعية بين الناس داخل تلك المجزءات ، وهو ما ينتج في الاخير – بفعل عقلنا التوهمي الزائف المنقاد – أن انساننا بيده ينهي هادما المقومات الرئيسية لوجود العيش والحياة الانسانية برمتها – بدلا من دوره المغير لصناعة واقع وحياة تحفظ كرامة وجود انسانه ، ما دام قد وصل الى حكم قاطع باستحالة البقاء والعيش فيما هو قائم جبرا !!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تعرض على إسرائيل عدة أفكار جديدة كقاعدة للتفاوض حول الأس


.. Amnesty International explainer on our global crisis respons




.. فيديو يظهر اعتقال شابين فلسطينيين بعد الزعم بتسللهما إلى إحد


.. مواجهات واعتقالات بجامعة تكساس أثناء احتجاجات على دعم إسرائي




.. مراسلة العربية: إسرائيل طلبت إطلاق سراح 20 من الأسرى مقابل ه