الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خرافات المتأسلمين 42 - خرافة احداث يوم السقيفة

زهير جمعة المالكي
باحث وناشط حقوقي

(Zuhair Al-maliki)

2022 / 9 / 18
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


يعتبر اليوم الذي انتقل فيه الرسول محمد الى الرفيق الأعلى اخطر يوم في تاريخ الإسلام والمنطقة ففي هذا اليوم حصل الانتقال الذي أدى الى اول شرخ في جدار المجتمع الإسلامي وقاد الى حروب ومذابح مازالت مستمرة الى اليوم . وقد اخترع (المتأسلمين ) سيناريو لهذا اليوم عرفت في التاريخ باسم احداث يوم السقيفة في محاولة للايحاء ان ما حصل هو مجرد رد فعل لاجتماع الأنصار أصحاب المدينة الأصليين في سقيفة بني ساعدة . بالرغم من ان كتبهم تعطي تفسير مختلف لاحداث لك اليوم لذلك سوف نراجع احداث لك اليوم ومن كتب من يسمون انفسهم (اهل السنة والجماعة ) .
كانت بداية ما يعرف باسم (مؤامرة السقيفة) من اللحظة التي طلب فيها الرسول ان يكتب كتابا للمومنين وهو مايرويه محمد بن إسماعيل البخاري ، اذا رجعنا الى كتاب البخاري الذي يعتبره اهل السنة والجماعة " اصح كتاب بعد كتاب الله " نراه يروي وفي ثلاثة مواضع ان الصحابة " سبوا " رسول الله وقالوا عنه انه " يهجر " اي " يخرف " وحيث ان المـتأسلمين لا يستطيعون دفع هذه الرواية الثابته في " اصح كتبهم " فهم يحاولوا ان يدلسوا على اتباعهم بالقول انه لم يكن سوى استفهام او انهم لم يقولوا انه يهجر بل قالوا غلبه الوجع فلنفتح البخاري لنجد في "صحيح البخاري (ط. الأوقاف السعودية) " منشورات وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودية، 1417 – 1997 ، نجده قد ذكر الحديث في كتاب الجهاد والسير باب (هل يستشفع الى اهل الذمة ومعاملتهم) الحديث رقم 3053 ، بالقول (حدثنا قبيصة حدثنا ابن عيينة عن سليمان الأحول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء فقال اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه يوم الخميس فقال ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه وأوصى عند موته بثلاث أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ونسيت الثالثة) وذكر الحديث في باب اخرجو اليهود من جزيرة العرب برقم 3168 عن محمد عن ابن عيينة الى اخر السلسلة عن ابن عباس بصيغة " ماله ؟ اهجر ؟ استفهموه " وذكره بالحديث رقم 4431 بصيغة " ما شأنه ؟اهجر ؟ " وبالتالي فالشتيمة برواية البخاري قد صدرت من الصحابة عن النبي وهذه نفس الحادثة التي ذكرها مسلم ابن الحجاج في كتابه بالحديث رقم " 4124 " وقد حاول ابن تيمية في بعد ان ذكر ان "عمربن الخطاب " هو من قال هجر حاول التبرير كما ورد في كتابه منهاج السنة تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم الجزء السادس الصفحة 24 .وهي نفس الحادثة التي رواها الطبري في كتابه تاريخ الرسل والملوك الجزء الثالث الصفحة 193 .
بعد ان طردهم الرسول من بيته ، قاموا باستنفار انصارهم لتحديد الخطوات اللازمة للاستيلاء على الحكم بالقوة فكان لابد من التخلص من الرسول وكان امضى سلاح هو السم روى الحاكم النيسابوري في كتابه المستدرك على الصحيحين:ثنا داود بن يزيد الأودي قال: سمعت الشعبي يقول: والله لقد سم رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم .... . الحاكم النيسابوري، ابو عبدالله محمد بن عبدالله (المتوفى 405 هـ)، المستدرك على الصحيحين، ج3، ص61، ح4395، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت الطبعة: الأولى، 1411هـ ـ 1990م. ويقول أيضا في رواية اخرى في ج3 ، ص67 :ثنا السري بن إسماعيل عن الشعبي أنه قال: ماذا يتوقع من هذه الدنيا الدنية وقد سم رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم وسم أبو بكر الصديق وقتل عمر بن الخطاب حتف أنفه وكذلك قتل عثمان وعلي وسم الحسن وقتل الحسين حتف أنفه. وكذلك فقد روى عن عبد الله بن مسعود :حدثنا عبد اللَّهِ حدثني أبي ثنا عبد الرَّزَّاقِ ثنا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عن عبد اللَّهِ بن مُرَّةَ عن أبي الأَحْوَصِ عن عبد اللَّهِ قال : لأَنْ أَحْلِفَ تِسْعاً ان رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه [وآله] وسلم قُتِلَ قَتْلاً أَحَبُّ الي من أَنْ أَحْلِفَ وَاحِدَةً انه لم يُقْتَلْ وَذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ نَبِيًّا وَاتَّخَذَهُ شَهِيداً.
وهنا حصلت حادثة اللدود التي يرويها البخاري بقوله على لسان عائشة بنت ابي بكر " لَدَدْناهُ في مَرَضِهِ فَجَعَلَ يُشِيرُ إلَيْنا: أنْ لا تَلُدُّونِي فَقُلْنا كَراهيةُ المَرِيضِ لِلدَّواءِ، فَلَمَّا أفاقَ قالَ: ألَمْ أنْهَكُمْ أنْ تَلُدُّونِي، قُلْنا كَراهيةَ المَرِيضِ لِلدَّواءِ، فقالَ: لا يَبْقَى أحَدٌ في البَيْتِ إلَّا لُدَّ وأنا أنْظُرُ إلَّا العبَّاسَ فإنَّه لَمْ يَشْهَدْكُمْ رَواهُ ابنُ أبِي الزِّنادِ، عن هِشامٍ، عن أبِيهِ، عن عائِشَةَ، عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. ( صحيح البخاري الرقم : 4458 خلاصة حكم المحدث : صحيح ) . ورد هذا الحديث في صحيح البخاري كتاب المغازي باب مرض النبيقالت عائشة لددناه في مرضه فجعل يشير إلينا أن لا تلدوني فقلنا كراهية المريض للدواء فلما أفاق قال ألم أنهكم أن تلدوني قلنا كراهية المريض للدواء فقال لا يبقى أحد في البيت إلا لد وأنا أنظر إلا العباس فإنه لم يشهدكم .وهنا نلاحظ ان الد معناه إدخال الدواء قهراً في فم المريض والنبي نهاهم عن أن يلدوه ويدخلون الدواء في فمه والدليل على ذلك عبارة ( ألم أنهكم أن تلدوني ) ولكنهم بالرغم من امر النبي عصوا امره ولدوه الدواء مع رفضه للدواء محتجين بأن ذلك من كراهية المريض للدواء وكأنهم لم يسمعوا قوله تعالى (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ)[ النساء 14] وقوله تعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا)[ اﻷحزاب 36] وقوله تعالى (إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ ۚ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا)[ الجن 23] . قام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأجبار من قام بإدخال الدواء في فمه على أن يشرب من ذلك الدواء ، فإذا كانوا أولئك مشفقين محبين للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فلماذا يعاقبهم اصلاً . ان التفسير الوحيد ان الرسول كان يعلم بوجود مؤامرة على حياته لسقيه السم ولذلك شك بمن حضر واجبرهم على شرب الدواء والرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا يشك عن فراغ .
وقد حاول الرسول اخراج المتأمرين من المدينة بان وضعهم تحت امرة أسامة ابن زيد ولعن من يتخلف عن بعث أسامة وكان أبا بكر وعمر في جيش أسامة وهو ما تؤكده مصادر كثيرة ومهمة، كالذهبي في تاريخ الإسلام 2: 714، وابن سعد في الطبقات الكبرى وابن حجر في فتح الباري 8: 115، وبرهان الدين الحلبي الشافعي في السيرة الحلبية 3: 227، وغيرها. انساب الاشراف، ج2، ص 115.فقد جاء في كتاب (الطبقات الكبير ) تاليف محمد بن سعد بن منيع الزهري ، تحقيق علي محمد عمر منشورات مكتبة الخانجي ، سنة النشر: 1421 – 2001 الجزء الثاني الصفحة 170 " لما كان يوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالتهيؤ لغزو الروم فلما كان من الغد دعا أسامة بن زيد فقال سر إلى موضع مقتل أبيك فأوطئهم الخيل فقد وليتك هذا الجيش " ، " فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين الأولين والأنصار إلا انتدب في تلك الغزوة فيهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص و سعيد بن زيد وقتادة بن النعمان وسلمة بن أسلم بن حريش" . وقد ادركوا غرض الرسول من هذا البعث فكان لابد من الاستعجال في التخلص من النبي وهو ما عبر عنه ابن سعد في الصفحة 170 " فلما كان يوم الأربعاء بدئ برسول الله صلى الله عليه وسلم فحم وصدع " ولكن الرسول اصر على ارسال الجيش خارج المدينة " فلما أصبح يوم الخميس عقد لأسامة لواء بيده ثم قال أغز بسم الله في سبيل الله فقاتل من كفر بالله فخرج بلوائه وعقودا فدفعه إلى بريدة بن الحصيب الأسلمي وعسكر بالجرف" .
كان افراد الجيش يتعمدون عدم الخروج ولكن الرسول وحتى في شدة مرضه كان يصر على ارسال الجيش فكانت اللحظة الحاسمة في دس السم للمرة الأخيرة للرسول كما ذكر ابن سعد في الصفحة 171 " يوم السبت لعشر خلون من ربيع الأول وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العسكر بالجرف وثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول أنفذوا بعث أسامة فلما كان يوم الأحد اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فدخل أسامة من معسكره والنبي مغمور وهو اليوم الذي (لدوه) " . واللدود هو مايصب في احد شقي الفم .
أما لعن المتخلف عن جيش أسامة فيؤكده الحاكم الحسكاني الحنفي في (شواهد التنزيل الجزء الأول الصفحة 258 ) قال:- ونزل فيه أيضاً: ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ، سبحان الله أسامة أحب إلى رسول الله من نفسه؟ وقد سمع مراراً تأكيد رسول الله له أن يزحف بجيشه إلى مؤتة حتى قال : صلوات الله عليه : لعن الله من تخلف ، عن جيش أسامة ، فتعلل ولم يزل ، عن عسكره حتى توفي رسول الله (ص) . كما ذكر أبي الفتح محمد بن عبد الكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني في كتابه ( الملل والنحل ) تحقيق امير علي مهنا وعلي حسن فاعور منشورات دار المعرفة بيروت لبنان الجزء الأول الصفحة 30 " الخلاف الثاني في مرضه أنه قال جهزوا جيش أسامة لعن الله من تخلف عنه" . ولكن أبو بكر ذهب كما في رواية الطبري التي تقول إن النبي (صلى الله عليه وآله) توفي وأن أبا بكر كان بالسنح عند زوجته (انظر: تاريخ الطبري3: 442، وأنظر أيضاً صحيح البخاري 3: 89 وسنن البيهقي 3: 406) . ويروي ابن سعد في كتاب الطبقات الكبرى الجزء الثاني الصفحة 232 " أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن أبا بكر أقبل على فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فتيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسجى ببرد حبرة فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله وبكى ثم قال بأبي أنت والله لا يجمع الله عليك موتتين أبدا أما الموتة الأولى التي كتبت عليك فقدمتها"
بعد مقتل الرسول منع المتامرون من دفن جثة الرسول فبقيت متروكة في مكانها ثلاثة ايام لا يسمح بدفنها كما ورد في حديث عائشة الذي رواه احمد ابن حنبل في مسنده عن عائشة انها قالت تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، وَدُفِنَ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ اي ان جثمان الرسول ترك دون دفن ثلاثة ايام حتى ربا بطنه وانتشرت خنصراه كما روى ذلك ابن الجوزي حيث ورد في كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم الجزء العاشر، تأليف عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن الجوزي أبو الفرج سنة النشر: 1415 – 1995، تحقيق محمد عبد القادر عطا ومصطفى عبد القادر عطا منشورات دار الكتب العلمية بيروت لبنان الصفحة 4344 أخبرنا أبو منصور بن خيرون، أخبرنا إسماعيل بن مسعدة، أخبرنا حمزة بن، يوسف، أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: قال يحيى بن معين، حدّثنا قتيبة، حدَثنا وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مات لم يدفن حتى ربا بطنه وانتشرت خنصراه. نتيجة لذلك اضطر عمه العباس ابن عبد المطلب كما ذكر ابن منظور في كتابه مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر لمحمد بن مكرم الشهير بابن منظور، تحقيق مجموعة من المحققين، سنة النشر: 1404 – 1984، الجزء الثاني الصفحة 385 فقال العباس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأسن كما يأسن البشر وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات فادفنوا صاحبكم كل هذا وعمر ابن الخطاب شاهرا سيفه ويرفض ان يدفن الرسول وفي نفس الوقت يتم ارسال سالم ابن عبيد لاستدعاء ابي بكر الذي كان خارج المدينة لاعداد مرتزقة اسلم يروي ابن الاثير في كتابه ( اسد الغابة في معرفة الصحابة ) الصفحة 443 منشورات دار ابن حزم بيروت لبنان سنة 2012 " سالم بن عبيد وكان من أصحاب الصفة قال لما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عمر بسيفه مخترطه فقال والله لا أسمع أحدا يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات الا ضربته بسيفي هذا قال سالم فقيل لي اذهب إلى صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فادعه فذهبت فوجدت أبا بكر فأجهشت أبكى فقال لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم توفى " . ويذكر محمد ناصر الالباني في كتاب (سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها ) منشورات دار المعارف سنة 1995 المجلد الثالث الصفحة 146 "وفيه قصة يرويها حميد بن عبد الرحمن قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في طائفة من المدينة ، قال: فجاء فكشف عن وجهه فقبله، وقال: فداك أبي وأمي ما أطيبك حيا وميتا، مات محمد ورب الكعبة: فذكر الحديث."
في مثل هذه الظروف اضطر اهل البيت المحاصرين في بيت الرسول الى دفنه سرا في نفس موضع وفاته لعدم استطاعتهم الخروج بجثمانه بحيث ان عائشة بنت ابي بكر زوجته كانت ممن فوجيء بدفنه بدليل الحديث الذي رواه احمد ابن حنبل و البيهقي في سنن البيهقي الكبرى وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنبأ أحمد بن عبد الجبار ثنا يونس بن بكير عن أبي إسحاق قال حدثتني فاطمة بنت محمد امرأة عبد الله بن أبي بكر قال بن إسحاق وأدخلتني عليها حتى سمعته منها عن عمرة عن عائشة أنها : قالت والله ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى سمعنا صوت المساحي في جوف ليلة الأربعاء وصحح الحديث ابن عبدالبر في التمهيد وقال : إسناده صحيح والألباني في: مختصر الشمائل قال : صحيح . قال ابن سعد في كتاب الطبقات الكبرى المحقق: علي محمد عمرالناشر: مكتبة الخانجي سنة النشر: 1421 - 2001الجزء الثاني الصفحة 265 : (ولم يله إلا أقاربه، ولقد سمعت بنو غنم صريف المساحي حين حضر، وإنهم لفي بيوتهم) . بل ان حفار القبور أبو عبيدة ابن الجراح امتنع عن حفر قبر الرسول كما يروي البيهقي في كتاب دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة السفر السابع توثيق وتعليق الدكتور عبد المعطي قلعجي منشورات دار الكتب العلمية بيروت لبنان سنة 2008 الصفحة 252 " كان لأهل مكة رجلٌ يحفر القبور لهم بطريقة الضريح، وهو أبو عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه-، وكان لأهل المدينة رجلٌ يحفر القبور لهم بطريقة اللَّحد، وهو أبو طلحة زيد بن سهل -رضي الله عنه-، فاستدعى العبّاس رجلين، وبعث إحداهما للبحث عن أبي عبيدة، والآخر للبحث عن أبي طلحة، وقال العبّاس -رضي الله عنه-: "اللهُمَّ خِرْ لِرَسُولِكَ أَيَّهُمَا جَاءَ حَفَرَ لَهُ"، فوجد أحدهما أبو طلحة وجاء به إلى العباس، أما الذي ذهب يبحث عن أبي عبيدة لم يجدْه وعاد، فجاء أبو طلحة -رضي الله عنه- ولَحَدَ قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وبنى على اللّحْد تِسع لبنات"
كانت المشكلة التي تواجه الانقلابيين هو ان الأنصار كانوا ميالين الى مبايعة علي ابن ابي طالب وهذا ما اكدوه حتى بعد بيعة ابي بكر كما يروي الطبري في تاريخه وذهبوا الى منطقة في المدينة يقال لها السقيفة. السقيفة هي ساحة في يثرب ( المدينة المنورة) . يروي ابن الاثير في كتابه الكامل في التاريخ ، تحقيق أبو الفداء عبد الله القاضي منشورات دار الكتب العلمية ، سنة النشر: 1407 – 1987 ، الجزء الثاني الصفحة 192 "قال ابن عباس: كنت أقرئ عبد الرحمن بن عوف القرآن فحج عمر وحججنا معه، فقال لي عبد الرحمن: شهدت أمير المؤمنين اليوم بمنى وقال له رجل: سمعت فلانا يقول: لو مات عمر لبايعت فلانا. فقال عمر: إني لقائم العشية في الناس أحذرهم هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغتصبوا الناس أمرهم، قال: فقلت: يا أمير المؤمنين إن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم وهم الذين يغلبون على مجلسك وأخاف أن تقول مقالة لا يعوها ولا يحفظوها ويطيروا بها، ولكن أمهل حتى تقدم المدينة وتخلص بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقول ما قلت [متمكنا] فيعوا مقالتك. فقال: والله لأقومن بها أول مقام أقومه بالمدينة. فلانا، فلا يغرن امرءا أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة، فقد كانت كذلك ولكن الله وقى شرها وليس منكم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر وإنه كان خيرنا حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن عليا، والزبير ومن معهما تخلفوا عنا في بيت فاطمة وتخلف عنا الأنصار واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فقلت له: انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار. يقول ابن الاثير في الكامل في التاريخ " وسمع عمر الخبر فأتى منزل النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر فيه فأرسل إليه أن اخرج إلي فأرسل إليه إني مشتغل، فقال عمر: قد حدث أمر لا بد لك من حضوره فخرج إليه فأعلمه الخبر، فمضيا مسرعين نحوهم، ومعهما أبو عبيدة .
لقد كان من الضروري ان يتم زرع الفتنة بين الأنصار ليسهل السيطرة عليهم وهنا يبرز دور بشير ابن سعد الانصاري وهو اعلم الناس بالخلافات بين الاوس والخزرج فتم استغلال كون سيد الخزرج سعد ابن عبادة مريضا ويستقبل زواره في سقيفة بني ساعدة وهي بناءٌ مسقوفٌ واسع، له جدران من ثلاث جهات والجهةُ الرابعة مفتوحة، ترتفع أرضيتها قليلًا عمّا حولها، وسقفها من جذوع الأشجار وجريد النخل غالبًا، يجتمع فيها أبناء القبيلة للبحث في قضايا القبيلة، أو للتّواصل الاجتماعي . وتقع خلف سوق المدينة المنورة قرب المسجد النبوي في الجهة الشمالية الغربية من المسجد النبوي بين مساكن قبيلة بني ساعدة الخزرجية، وكانت السقيفة داخل مزرعة تتخللها بيوت متفرقة حيث تسكن قبيلة بني ساعدة داخل البساتين المتجاورة، وقد كانت سقيفة بني ساعدة كبيرة بحيث اجتمع فيها عدد كبير من الأنصار ، وأمامها رحبة واسعة تتسع لهذا العدد إن ضاقت عنهم السقيفة نفسها، وكان بقربها بئر لبني ساعدة .
في هذا الاثناء حضرت الاوس بقيادة اسيد ابن حضير لقد جلس الجميع واطمأنوا على صحة المريض سعد بن عبادة ومن غير المستبعد أن الجميع قد تطرقوا إلى عصر ما بعد النبوة ، ويجمع المؤرخون أن الحضور قد قالوا لسعد بن عبادة أن الأمر لك ، فما كنت فاعلا فلن نعصي لك أمرا ، بمعنى أن سعد بن عبادة يتولى توجيه الأنصار إلى ما يمكن عمله وكيف يتم ذلك ، وليس المقصود تولية سعد خليفة على المسلمين ، فلو أن المقصود تولية الخلافة لسعد لبايعه الحاضرون خليفة ، ولكن بالنسبة للأنصار كانت مسألة خلافة النبي محسومة ومعروفة يقول ابن الاثير في كتابه الكامل في التاريخ ، تحقيق أبو الفداء عبد الله القاضي منشورات دار الكتب العلمية ، سنة النشر: 1407 – 1987 ، الجزء الثاني الصفحة 189 " لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة ليبايعوا سعد بن عبادة: فبلغ ذلك أبا بكر فأتاهم ومعه عمر، وأبو عبيدة بن الجراح فقال: ما هذا؟ فقالوا: منا أمير ومنكم أمير، فقال أبو بكر: منا الأمراء ومنكم الوزراء. ثم قال أبو بكر: قد رضيت لكم أحد فذين الرجلين عمر وأبا عبيدة أمين هذه الأمة. فقال عمر: أيكم يطيب نفسا أن يخلف قدمين قدمهما النبي صلى الله عليه وسلم فبايعه عمر وبايعه الناس. فقالت الأنصار أو بعض الأنصار: لا نبايع إلا عليا. قال: وتخلف علي، وبنو هاشم، والزبير؛ وطلحة عن البيعة وقال الزبير: لا أغمد سيفا حتى يبايع علي. فقال عمر: خذوا سيفه واضربوا به الحجر، ثم أتاهم عمر فأخذهم للبيعة" . وذكر ابن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري بشرح صحيح البخاري - ج 7 الصفحة 31 تحقيق عبد العزيز بن عبد الله بن باز - محمد فؤاد عبد الباقي - محب الدين الخطيب منشورات المطبعة السلفية ومكتبتها – القاهرة , الطبعة الأولى "قال فيه ان الأنصار قالوا أولا نختار رجلا من المهاجرين وإذا مات اخترنا رجلا من الأنصار فإذا مات اخترنا رجلا من المهاجرين كذلك ابدا فيكون أجدر ان يشفق القرشي إذا زاغ ان ينقض عليه الأنصاري وكذلك الأنصاري قال فقال عمر لا والله لا يخالفنا أحد الا قتلناه فقام حباب بن المنذر فقال كما تقدم وزاد وان شئتم كررناها خدعة أي أعدنا الحرب قال فكثر القول حتى كاد ان يكون بينهم حرب فوثب عمر فأخذ بيد أبي بكر" .
تاريخ الطبري تاريخ الرسل والملوك، لمحمد ابن جرير الطبري تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم منشورات دار المعارف سنة النشر: 1387 – 1967 الجزء 3 الصفحة 221 يذكر "فناداه الحباب بن المنذر: يا بشير بن سعد، عقك عقاق ما اضطرك إلى ما صنعت؟ حسدت ابن عمك على الإمارة؟ قال لا والله، ولكني كرهت أن أنازع قوما حقا لهم. فلما رأت الأوس ما صنع بشير بن سعد وهو من سادات الخزرج، وما دعوا إليه المهاجرين من قريش، وما تطلب الخزرج من تأمير سعد بن عبادة، قال بعضهم لبعض وفيهم أسيد بن حضير رضي الله عنه: لئن وليتموها سعدا عليكم مرة واحدة، لا زالت لهم بذلك عليكم الفضيلة، ولا جعلوا لكم نصيبا فيها أبدا، فقوموا فبايعوا أبا بكر رضي الله عنه، فقاموا إليه فبايعوه " .
وورد في كتاب الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري تحقيق الأستاذ علي شيري منشورات دار الأضواء للطباعة والنشر والتوزيع بيروت لبنان الطبعة الأولى سنة 1990 الجزء الأول الصفحة 27 "فقام الحباب بن المنذر إلى سيفه فأخذه، فبادروا إليه فأخذوا سيفه منه، فجعل يضرب بثوبه وجوههم، حتى فرغوا من البيعة، فقال: فعلتموها يا معشر الأنصار، أما والله لكأني بأبنائكم على أبواب أبنائهم قد وقفوا يسألونهم بأكفهم ولا يسقون الماء..." . سعد ابن عبادة يقول لعمر عندما اشتد الجدال في سقيفة بني ساعدة كما يروي الطبري في تاريخه "قال هشام قال أبو مخنف فحدثني أبو بكر بن محمد الخزاعي أن أسلم أقبلت بجماعتها حتى تضايق بهم السكك فبايعوا ابا بكر فكان عمر يقول ما هو إلا أن رأيت أسلم فأيقنت بالنصر قال هشام عن أبي مخنف قال عبدالله بن عبدالرحمن فأقبل الناس من كل جانب يبايعون أبا بكر وكادوا يطؤون سعد بن عبادة فقال ناس من أصحاب سعد اتقوا سعدا لا تطؤوه فقال عمر اقتلوه قتله الله ثم قام على رأسه فقال لقد هممت أن أطأك حتى تندر عضدك فأخذ سعد بلحية عمر فقال والله لو حصصت منه شعرة ما رجعت وفي فيك واضحة فقال أبو بكر مهلا يا عمر الرفق ها هنا أبلغ فأعرض عنه عمر وقال سعد أما والله لو أن بي قوة ما أقوى على النهوض لسمعت مني في أقطارها وسككها زئيرا يجحرك وأصحابك أما والله إذا لألحقنك بقوم كنت فيهم تابعا غير متبوع احملوني من هذا المكان فحملوه فأدخلوه في داره وترك أياما ثم بعث إليه أن أقبل فبايع فقد بايع الناس وبايع قومك فقال أما والله حتىأرميكم بما في كنانتي من نبلي وأخضب سنان رمحي وأضربكم بسيفي ما ملكته يدي وأقاتلكم بأهل بيتي ومن أطاعني من قومي فلا أفعل وايم الله لو أن الجن اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربي وأعلم ما حسابي فلما أتى أبو بكر بذلك قال له عمر لا تدعه حتى يبايع فقال له بشير بن سعد إنه قد لج وأبى وليس بمبايعكم حتى يقتل وليس بمقتول حتى يقتل معه ولده وأهل بيته وطائفة من عشيرته فاتركوه فليس تركه بضاركم إنما هو رجل واحد فتركوه وقبلوا مشورة بشير بن سعد واستنصحوه لما بدا لهم منه فكان سعد لا يصلي بصلاتهم ولا يجمع معهم ويحج ولا يفيض معهم بإفاضتهم فلم يزل كذلك حتى هلك أبو بكر رحمه الله " .
حدثنا عبيدالله بن سعد قال حدثنا عمي قال أخبرنا سيف بن عمر عن سهل وأبي عثمان عن الضحاك بن خليفة قال لما قام الحباب بن المنذر انتضى سيفه وقال أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب أنا أبو شبل في عريسة الأسد يعزى إلى الأسد فحامله عمر فضرب يده فندر السيف فأخذه ثم وثب على سعد ووثبوا على سعد وتتابع القوم على البيعة وبايع سعد وكانت فلتة كفلتات الجاهلية قام أبو بكر دونها وقال قائل حين أوطئ سعد قتلتم سعدا فقال عمر قتله الله إنه منافق واعترض عمر بالسيف صخرة فقطعه " . .
سبق هذه الاحداث تجهيز جيش من مرتزقة قبيلة "اسلم" يبلغ حوالي ثلاثة الاف رجل دخول المدينة بقيادة أبو الأعور السلمي . ولمعرفة من هو أبو الأعور السلمي فهو الذي كان الرسول يدعو عليه بالاسم كما يروي ابن سعد في طبقات ابن سعد الكبرى ج6-ص383 - طبعة مكتبة الخانجي القاهرة - تحقيق الدكتور علي محمد عمر. حتى قال عمر ابن الخطاب ما هو إلا أن رأيت" أسلم " فأيقنت بالنصر كما روى ذلك الطبري في كتابه تاريخ الرسل والملوك المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم، الناشر: دار المعارف، سنة النشر: 1387 – 1967،الجزء الثالث الصفحة 222 "إن أسلم أقبلت بجماعة حتى تضايق بهم السكك فبايعوا أبا بكر فكان عمر يقول ما هو إلا أن رأيت أسلم فأيقنت بالنصر" وكذلك ذكر علي بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري عز الدين أبو الحسن في كتابه الكامل في التاريخ الجزء الثاني المحقق: أبو الفداء عبد الله القاضي، الناشر: دار الكتب العلمية، سنة النشر: 1407 – 1987، الصفحة 194 "فجاءت اسلم فبايعت وقوي ابو بكربهم وبايع الناس بعدها ". بعد ان دخلت قوات المرتزقة المدينة واجبروا اهلها على البيعة لابي بكر اتجه القوم الى حيث اخر معقل للمعارضين وهو بيت فاطمة الزهراء . وهذا سيكون موضوع المقال القادم .
مما تقدم نجد ان ما سمي بيوم السقيفة انما كان نتيجة لمقدمات واحداث ابتدات من لحظة ان تقرر التخلص من النبي واستلام الحكم بالقوة ومنع أي فرصة لاستمرار الخط النبوي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا قد تتدخل في الصراع بين حزب الله وإسرائيل لهذا السبب


.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال تقتحم عددا من مراكز الإيواء في




.. صفارات الإنذار تدوي في عكا والجليل بعد تسلل مسيرة لحزب الله


.. انفجار مسيرة قرب مركز جماهيري في نيشر شرق حيفا




.. الجبهة الداخلية الإسرائيلية تفعل صفارات الإنذار في كريات شمو