الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واقع الأمة العربية الإسلامية

عزالدين معزة
كاتب

(Maza Azzeddine)

2022 / 9 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إن التخلف والجهل والاستبداد الذي تعاني منه الأمة العربية الإسلامية برمتها، ناتج بالدرجة الأولى عن عوامل داخلية قبل ان تكون خارجية، ناتج عن الانغلاق اللاهوتي للاستهلاك الديني غير العقلاني التكراري الذي يستمد خارطة طريقه من عصور الانحطاط والاستبداد، أمة مشدودة الى ماضيها البائس بحبال غليظة، هيمنة النهج الاتباعي التكراري والديماغوجي،
تعجز العلوم الدينية بوجهها التقليدي وعلى رأسها جامعة الأزهر بالقاهرة عن تلبية حاجات الاجتماع العربي الدينية، حتى بات الفقيه والداعية عالة على التحول الحضاري وليس مسهمًا فيه، رغم حضوره الواسع في وسائل الميديا. نظرًا لتحنّطها وفقدانها الحس بالحراك المجتمعي.
الخلل ليس ناتجاً عن الثقافة العربية الإسلامية التي عرفها المسلمون خلال العصور الوسطى وإنما ناتج عن عدم فهم سياقات هذه الثقافة والظروف التي نشأت فيها . وهذا مصدر البلاء أن يكون حكمنا على الإسلام هو تطبيق الفرد له وليس على ذات المنهج وطبيعته، الثقافة بكل بساطة، هي فلسفة الجماعة ونظرتها إلى الوجود من حولها، فهي مجمل العقائد والقناعات المطلقة.
وفي نفس السياق يقول المؤرخ والكاتب الأمريكي ديورانت ويل: "لا شك أن تحامل وإجحاف كثير من المؤرخين الغربيين على التراث العربي الإسلامي كان سببا في ضياع تاريخ علماء أمة الإسلام، إلا أنني أعتقد جازما أن إهمال المسلمين أنفسهم لتراثهم وتاريخهم كان السبب الرئيسي الأول لذلك الضياع". علينا جميعا أن نعي الواقع جيدا، من يحكم ومن يسود، من هو السيد ومن العبد، الواقع يقول أن أغلب اللاجئين في العالم هم مسلمون، ويقول أيضا أن الفقر والجهل ينتشر بين المسلمين، ويقول أن أكثر الحروب دموية حاليا تقع في بلاد المسلمين، لن أتحدث عن الأسباب التي هي في الأصل نتائج.
أننا نعيش في وهم مريح، نحن نعاني مشكلات وأسبابها كلها من صنع أيدينا.
ما الأسباب التي أدت إلى تخلف الأمة الإسلامية في هذا الوقت، بل ومن مئات السنين ؟ لماذا تراجعت هذه الأمة عن دورها القيادي الريادي لأمم الأرض ؟ لماذا أخفقت في شؤون حياتها ؟ هذا السؤال يطرح دائماً، حينما انحسر الإسلام عن بلاد الأندلس، وسقطت بأيدي سكانها الأصليين بعد ثمانية قرون من الحكم الإسلامي، هذا السقوط أحدث دوياً هائلاً في العالم الإسلامي، وتساءل المسلمون عن سر هذه المصيبة، وهذا التخلف، وكتبوا ما كتبوا، وقالوا ما قالوا من منثور ومنظوم، ولما جاء الغزو المغولي التتري حصل مثل ذلك انحسار الإسلام عن الأندلس بعد حكم إسلامي دام ثمانية قرون، ثم الغزو المغولي التتري الذي فعل ما فعل، ثم جاء الغزو الصليبي، ولما جاء الغزو الاستعماري بعده، وهيمن على معظم الرقعة الإسلامية، واستسلم له المسلمون بفترة أيضاً يأتي السؤال نفسه، والآن أصبح السؤال يطرح بشكل أكثر إلحاحاً، بعد الغزو الاستعماري انحسار الحكم الإسلامي في الأندلس، الغزو المغولي التتري، الغزو الصليبي، الغزو الاستعماري، الآن غزو الحرية والديمقراطية، أفغانستان، العراق، لبنان، فلسطين، السودان، الصومال، سوريا ، ليبيا ، اليمن بشكل متتابع.
السؤال الذي كان يطرح من فعل هذا بنا؟ من هو العدو الذي فعل هذا بنا؟ الحقيقة صيغة السؤال فيها خطر كبير، صيغة السؤال توهم أن الذي أصابنا ليس من عندنا ولكن الأصح أن يطرح السؤال التالي كيف حدث الذي حدث؟ يعني ما الأسباب التي من صنع أيدينا سببت هذا الذي حدث؟
وفي الخطاب الديني العربي اليوم يحضر بقوة خطاب التحريم وعذاب القبر واهوال جهنم ويغيب بقوة كذلك خطاب التحرير وكرامة الانسان وحرية المرأة والديمقراطية والكرامة الإنسانية التي يراها بعضهم كفرا صريحا، فليس هناك رهان على ما يحرر الناس بل على ما يشدّهم إلى التخلف والظلم والاستبداد والفقر والمرض، وما يستنزف عقولهم وقدراتهم الذهنية. ويعطلهم عن دخول التاريخ فلا يمكن أن ينشأ خطاب تحرير ومناخه غائب وأدواته مصادرة، فما الذي يستهلكه طالب العلوم الدينية لدينا؟ وماذا يقدم لمجتمعه عندما يتخرج؟
المسلمون اليوم لا يعبدون الله، ولا يفهمون جوهر الدين الإسلامي بل يؤدون الشعائر الإسلامية، يؤدون الطقوس بحسب فهمهم، ليس في الإسلام طقوس، في الإسلام عبادات، تؤدى العبادات الشعائرية، وترمى العبادات التعاملية وراء ظهورهم، لا صدق، ولا أمانة، ولا استقامة، ولا إنصاف، ولا عدل، ولا رحمة إطلاقاً، من البنية التحتية، دعك من الذي فوق، البنية التحتية، المجتمع الإسلامي في أدنى طبقاته ظلم أسري لا يعلمه إلا الله، ظلم الأزواج لزوجاتهم شيء لا يصدق، ظلم الآباء لأبنائهم، ظلم الآباء لبناتهم، ظلم رب العمل لعماله، هناك أخطاء فادحة نرتكبها، مع أننا نصلي ونحج ونزكي ، كيف توازنَّا أن نقوم بأعمال تخالف منهج الله عز وجل، تخالف العدل، تخالف الاستقامة، تخالف الرحمة، تخالف الإنصاف، ونصلي ؟
هناك حقيقة: أن تقول: مَن فعل هذا بنا ؟ إياك، ثم إياك، ثم إياك أن تتهم جهة أخرى، تارة تقول: استعمار، وتارة تقول: صهيونة، وتارة تقول: تآمر الإمبريالية في العالم، تارة تقول: الموساد، قل: نحن، قال تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ﴾ ليس الأوان أن نغطي أخطاءنا بالقضاء والقدر، ليس الأوان أن نبرر تخلفنا بمؤامرات خارجية، هذا شأن العدو، والعدو هو العدو، لا يتغير، ولا يتبدل.
من أبرز ثلاثين نزاعا محتدما في العالم ، ثمانية وعشرون منها في العالم العربي الإسلامي، من ثلاثين نزاعا في الأرض كلها الخمس قارات ثمانية وعشرون منها في العالم الإسلامي، في العقود الثلاثة الماضية مات من المسلمين أكثر من ثلاثة ملايين بالحروب، حتى الآن مات من شعب العراق مليون إنسان ، وفي سوريا مات نصف مليون سوري في الحرب الأهلية وتهجير اكثر من عشرة ملايين سوري ، ثلثا المسجونين في العالم كله من المسلمين، ثمانين بالمئة من أحكام الإعدام في العالم في دول إسلامية، وثمانون بالمئة من اللاجئين في العالم من المسلمين، لا تنزعجوا، هذه الحقيقة المرة .
للمقال مراجع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا