الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجدل روح الثقافة

مهدي النجار

2006 / 10 / 1
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ما زالت الثقافة العربية الإسلامية التقليدية تتغلغل في روحها آليات فهم عتيقة ترجع إلى أزمنة بدائية، تسكنها الاطلاقيات والجزميات، واقعة بين فكي "اسود أو ابيض"/ "نعم أو لا"/"صح اوخطأ" /...لا يزال الجدل مجرد إمكانية، إذا ما تحقق في الثقافة يمكن أن يحولها من الاجترار والتكرار إلى الإبداع والنقد وبذا تتجاوز تناقضاتها وعطالتها وسكونيتها.بدءاً ينبغي التمييز الدقيق والصارم بين مفهومين احدهما لغوي، بمعنى "المناقشة" كما ورد في الآية الكريمة: "وجادلهم بالتي هي أحسن" أي حاورهم، و"المجادلة" سورة قرآنية بمعنى تجادلك، تحاورك وتراجعك، كما جاء في تفسير الشيخ حسنين محمد مخلوف. أما المفهوم الثاني والذي نقصده هنا، فهو يتعلق بمصطلح ديالكتيك dialectic بمعنى جدلي، متعلق بالدياكتيك أو الجدلية.
أن نمط (أو أنماط) التعبير في شكل مفاهيم،أي فن العمل بالمفاهيم، يتدرج من العفوي والبسيط والفطري إلى المعقد والتفكير الفعلي، ولهذا التفكير تاريخ تجريبي طويل، مثله مثل العلم الطبيعي التجريبي دون زيادة أو نقصان. ليس أولا "هيغل" كما يتوهم البعض هو الذي صاغ الجدل، إنما كان الفكر الجدلي موجودا منذ


زمن طويل، في ابسط قضية وفي كل المعرفة الإنسانية، وقد توضح بصياغات مبسطة في تأملات طاليس (384/ 323ق.م ) ولكن بصورة مميزة في فلسفة زعيم المذهب الابيقوري، زينون الصيداوي (حوالي100ق.م)كما كان يصفه هيغل بأنه: أبو الجدل.
والآن، ماهو الجدل(الديالكتيك) ؟ هل يمكن وضع تعريف للجدل، أن وضع تعريف يعني قبل كل شئ إرجاع مفهوم معين إلى مفهوم أكثر إحاطة منه: زيد إنسان/ زيد رجل/ زيد خباز/...هل هذا يكفي؟ أبدا لا. إذن كيف مع مقولات كبرى وأولية مثل الجدل؟ هذا يصرفنا عن فكرة التعريف إلى ما إذا كان بمقدورنا أن نجيب عن ما هو الجدل بفكرة التحديدات، بسط المفهوم والكشف عن بنيته الداخلية، أي باختصار نحدد مفهوم الجدل بالية الجدل نفسها، وفي البدء من التأسيسي هيغل وبلغته: الجدل حركة الفكر في جوهر المفاهيم لتوضيح التناقض. فكما أن المفاهيم في حركة، في ترابط فهذه الحركة هي جوهر الجدل، الحركة الفاعلة والمتفاعلة في المفاهيم، لذا يمكن القول أن روح الجدل هي حركته الاستقصائية والاستكشافية في المفاهيم، وهذه الحركة لكي تكشف المفاهيم وتستظهرها ينبغي أن تتجه إلى ترابطها العام وتشابكها، ثم يتم تفكيكها وبحثها منعزلة، عندها تظهر الحركات المتغيرة الواحدة منها علة والاخرى معلولا، وبالتالي ابراز التناقض داخل الهوية الواحدة.
يحدد العلامة الانتربولوجي كلود ليفي شتراوس الثقافةبانها: ينبوع تمركز الجنس حول ذاته، وتفرض الثقافة على الانسان كما تفرض عليه الطبيعة. ولكن على اساس هذا التحديد، من الذي يحرك الثقافة؟ العقل يحرك الثقافة بوصفه جدلياً، يعين حقولها ويقيم فيها علاقات، وطبقاً لشتراوس ايضاً: العقل الجدلي هو عقل


مُكوِّن باستمرار، انه جسر يقيمه العقل التحليلي ويدعمه دون ملل (شتراوس/الفكر البري/ ف8 ). اذن الجدل يُكوِّن اما التحليل فهو يُعَرِّف، التمييز بين الجدل والتحليل لازم، اما الفصل بينهما فغير ممكن. نحن اذن امام عقل جدلي/ تحليلي واحد وليس عقلين، والخلاصة يشمل تعبير "عقل جدلي" على معنى الجهد المتواصل الذي لابد للعقل التحليلي من ان يبذله لكي يتشكل من جديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمين المتشدد في صعود لافت في بريطانيا قبل انتخابات يوليو ا


.. مرشح الإصلاحيين في إيران يتعهد بحذر بوقف دوريات الأخلاق




.. حزب الله وإسرائيل.. تصعيد مستمر وتحذيرات من حرب مفتوحة| #غرف


.. أهالي جباليا في غزة يصلون العيد بين الركام




.. البيان الختامي لمؤتمر السلام الخاص بأوكرانيا يدعو الجميع لإح