الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذاكرة الأمس ... الدراسات المسائية

داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)

2022 / 9 / 29
التربية والتعليم والبحث العلمي


بسبب تداعيات الحصار الظالم المفروض على العراق دون وجه حق في عقد التسعينيات , وما خلفه من آثار وخيمة على الجامعات وعدم قدرتها على تحمل نفقاته كما كان عليه الحال سابقا , ولغرض توفير فرص تعليمية لقطاعات واسعة من الناس دون تكليف الجامعات اية نفقات , ومساعدتها بتوفير موارد مالية إضافية خارج الموازنة الحكومية , قدمت مقترحا إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي من موقعي رئيسا لجامعة البصرة في العام الدراسي 1992 / 1993 لإستئناف الدراسات المسائية في جميع الكليات بصيغة مختلفة عن صيغتها السابقة التي كانت تشوبها بعض السلبيات والشكوك حول رصانتها العلمية , حيث إقترحت خضوعها لأنظمة وتعليمات ومناهج الدراسات الصباحية , وأن تكون إمتحاناتها النهائية مشتركة مع الدراسات الصباحية , ضمن أمور أخرى لا مجال هنا للخوض بتفصيلاتها. أعقبت هذا المقترح بنشر دراسة بجريدة القادسية بتاريخ 5/3/1994 بعنوان : " الدراسات الجامعية المسائية نمط تعليم عال اقتصادي", أبرز ما جاء بهذه الدراسة أن هذا النمط من التعليم يمتاز بمزايا عديدة أبرزها الآتي :
1. اتاحة فرص تعليمية لقطاعات واسعة من الناس قد لاتسمح ظروفهم اوامكاناتهم المادية بالالتحاق بالدراسات النهارية.
2.الاستخدام الافضل للمنشآت الجامعية اذ يلاحظ قلة استخدام العديد من هذه المنشات بعد الساعة الثانية ظهراً او عدمها .
3.تأمين مقاعد دراسية اضافية للطلبة وبخاصة في الدراسات الانسانية دون ان تتحمل المؤسسات التعليمية اعباء مالية تذكر قياسا الى كلف استحدث كليات او معاهد جديدة او التوسع في كليات او معاهد قائمة .
4. لا تتطلب هذه الدراسات اعضاء هيئة تدريسية اضافيين بل يمكن الاستفادة من اعضاء الهيئة التدريسية انفسهم من هم على ملاك الكلية او المعهد المراد استحداث دراسات مسائية فيها بعد تامين صرف حوافز مالية مناسبة .
5. يمكن وقف هذه الدراسات بصورة كلية او جزئية بسهولة عند انتفاء الحاجة لاي منها دون ان يؤدي ذلك الى هدر في الامكانات المستخدمة اصلا في الدراسات النهارية .
6. يمكن ان توفر الدراسات المسائية موارد مالية اضافية للكليات والمعاهد للاستفادة منها في تطوير منشاتها .
7. يمكن ان تؤدي الدرسات المسائية الى تعزيز التفاعل بين الكليات والمعاهد و حقل العمل اذ ان من المتوقع انخراط عدد غير قليل من العاملين في حقول العمل المختلفة والتفرغ للدراسة في المساء.
8.التخفيف عن كاهل الطلبة الملتحقين بهذه الدراسات اذ ان بامكانهم العمل خلال ساعات النهار والتفرغ للدراسة في المساء .
9.توفر فرص دراسية للراغبين في الاستزادة من التعليم وما يتبع ذلك من رفع المستوى الثقافي في المجتمع .
10.الاستفادة القصوى من جميع حملة الشهادات العليا خارج الوسط الجامعي للتدريس في الكليات المسائية في اوقات خارج ساعات دوامهم الرسمي وبما لايتعارض مع تأديتهم لوظائفهم ومهام اعمالهم الاخرى .
ولضمان نجاح مثل هذه التجربة الرائدة التي تكتسب اهمية خاصة في الظروف الراهنة واحتمال عدم حماس البعض لها بدعوى مس المستوى العلمي والذي لا نرى اي مبرر علمي او موضوعي له اذا ما احسن تنظيم هذه الدراسات على وفق الصيغ الجامعية المعمول بها في الدراسات النهارية.لذا يتطلب الامر صدور تشريعات لتنظيم هذه الدراسات بما يحقق الاهداف العلمية والتربوية المتوخاة منها لخدمةالعراق العظيم وتصاعد مسيرة التقدم العلمي بوتائر متسارعة وبكلف اقتصادية مناسبة وفتح افاق العلم الرحبة امام ابناء العراق للاسهام في بنائه ورقيه وتقدمه من موقع القوة والاقتدار.اما بالنسبة للننظام الدراسي المناسب للدراسات المسائية فأن نظام الساعات المعتمدة المعروف باسم نظام المقررات هو النظام الاكثر ملاءمة لهذه الدراسات لما يتصف به هذا النظام من مزايا عديدة .
وقد حصلت موافقة الوزارة على المقترح بالصيغة المقترحة , وبدأت جامعة بغداد بإستحداث الدراسات المسائية عام 1994. كما قامت الجامعات الأخرى عدا الجامعة التكنولوجية بإستحداث الدراسات المسائية في معظم كلياتها بإستثناء كليات المجموعة الطبية وكليات الزراعة والهندسة (بإستثناء كلية الهندسة في الجامعة المستنصرية) .صدر القرار رقم ( 148 ) لسنة 1996 لتنظيم إستحداث الدراسات المسائية في الكليات والمعاهد الفنية. وفي العام 1996 قامت الجامعة التكنولوجية بإستحداث الدراسات المسائية في جميع أقسامها بإستثناء قسم الهندسة المعمارية.
ولتسليط الضوء أكثر على هذا النمط من التعليم , إذ ما زال البعض يشكك بجدواه وبرصانته العلمية , نشرت دراسة أخرى حول هذا الموضوع بجريدة الثورة بتاريخ 22/1/2001, بعنوان : " لماذا الدراسات المسائية؟" , جاء فيها :
يسود اعتقاد عام لدى الكثير من الناس ان الدراسات المسائية انما وجدت لتوفير فرص تعليمية لمن فاتهم كما يقال قطار التعليم لسبب او لاخر, ومن ثم فهم يتوقعون ان هذه الدراسات محصورة بكبار السن من الدارسين قياسا باقرانهم في الدراسات الصباحية ,ولأنهم كذلك فقد يتوقع بعض من هؤلاء الدارسين ان فرص متطلبات هذا النوع من الدراسة ايسر والنجاح فيها اسهل ممما عليه الحال في الدراسة الصباحية المناظرة .وقد ينظر بعضهم الى الدراسات المسائية على انها ترف فكري او اشباع رغبات وحاجات انسانية بالاستزادة من الثقافة والمعرفة,وهي بذلك تكون اقرب الى الدراسات الحرة او التعليم المستمر والتي لا تفضي الدراسة فيها الى منح شهادات اكاديمية ,وهو امر يجعلها باعتقادهم اقل التزاما بضوابط الدراسات الصباحية المناظرة بصورة او بأخرى . كما ان الدوام المنتظم في هذه الدراسات لايصبح مسألة ذات اهمية ما دام الدارسون قد سددوا اجور هذه الدراسة. وقد يذهب بعضهم الى ابعد من ذلك وهو ان لاضرورة لتقييد هذه الدراسات بمدد محددة لمنح الشهادة الاكاديمية.
وفي ضوء منطلقات كهذه ترسخ لدى بعض المعنيين بشؤن التعليم بعامة والتعليم العالي بخاصة ان الدراسات المسائية ينبغي ان تكون حصرا بالدراسات النظرية, واكثر تحديدا بالدرسات الأنسانية,وباعتقادنا ان الدراسات المسائية ينبغي ان ينظر اليها من وجهة نظر اخرى ذلك ان التعليم المسائي انما هو نمط تعليمي شائع منذ زمن طويل في جميع الظروف والاحوال اخذت به دول عديدة في الدراسات النظرية والتطبيقة على حد سواء لتوسيع فرص التعليم لطالبيه دون تحمل اعبائه المالية لما له من مزايا عديدة ابرزها الاتي :
1ـ لاتتطلب الدراسات المسائية اية منشات او اجهزة او معدات او مستلزمات بشرية خاصة بها ,وانما الافادة مما هو موجود اصلا في الدراسات الصباحية المناظرة ,اي ان الدراسات المسائية تؤدي الى زيادة القدرات التشغيلية للمؤسسة التعليمية بنسبة (100% ) او اكثر بتوسيع فرص التعليم المتزايدة اصلا عاما بعد اخر, دون الحاجة الى استحداث اقسام علمية او كليات جديدة لسد حاجات القطر, ولاسيما في التخصصات العلمية التي يتطلب استحداثها تكاليف استثمارية وتشغيلية باهظة .
2ـ ان بالامكان وقف الدراسات المسائية في اي وقت من الاوقات بصورة جزئية او كلية دون ان تترتب على ذلك اية اعباء مالية بالنسبة للمؤسسات التعليمية اذ ان المباني والاجهزة والمعدات والملاكات التدريسية انما هي جميعها موجودة اصلا للدراسات الصباحية .
3ـ تخفف الدراسات المسائية شأنها شأن الدراسات في الكليات والجامعات الاهلية الكثير من الاعباء المالية عن كاهل الدولة ولاسيما اذا ما حددت اجور هذه الدراسات على وفق تكلفتها الحقيقية وليس كما هو سائد الان .
4ـ تستجيب الدراسات المسائية لتحقيق رغبات الدارسين في الانتماء الى التخصصات التي يرغبون في دراستها ما داموا قادرين على تحمل نفقاتها بدلا من الذهاب لدراستها في اماكن اخرى وربما في دول اخرى .
5ـ لاتستهدف الدراسات المسائية فئات عمرية محددة ولاتشترط التفرغ التام للدراسة اي انه يمكن الجمع بين الوظيفة والدراسة وهو امر يتيح الفرص للاشخاص الذين قد تضطرهم ظروفهم للعمل ان يواصلوا دراستهم في الوقت نفسه .
6ـ توفر الدراسات المسائية مبالغ لايستهان بها لفك اختناقات المؤسسة التعليمية وهو امر ينعكس ايجابا ليس على الدراسات المسائية حسب، بل الدراسات الصباحية ايضا منها على سبيل المثال التخصيصات المالية للاقسام الداخلية وزيادة مدخولات التدريسيين والموظفين على حد سواء وغيرها .
ان توسيع فرص التعليم وتنوع قنواته ونشره على اوسع نطاق والتخفيف من اعبائه المالية مسألة في غاية الاهمية اذ اثبتت الوقائع والتجارب ان المجتمعات المستندة الى التعليم اقدر من سواها للتصدي لمشكلات التنمية وتحقيق فرص التقدم. ولأن التعليم المسائي احد اهم انماط التعليم من وجهة النظر الاقتصادية في جميع التخصصات العلمية والنظرية , لذا يمثل خيارا تعليميا وطنيا في جميع الاوقات بعامة وفي ظروف الحصار الظالم المفروض على بلادنا بخاصة, وهو امر يتطلب ايلاءه اهتماما خاصا وبرمجته وطنيا لتأمين رصانته العلمية وجدواه الاقتصادية وضبط جودة مدخلاته ومخرجاته على حد سواء .ولتحقيق ذلك نقترح الاتي :
1.حصر الدراسات المسائية في الأقسام العلمية الرصينة التي مضى على تاسيسها سنون طويلة .
2.التركيز على التخصصات العلمية ذات الاهمية الخاصة في الوقت الحاضر في ضوء الحاجة الشديدة الى خريجيها .
3.عدم تكرار تدريس التخصص العلمي الواحد في اية جامعة في اكثر من قسم علمي واحد منعا لبعثرة الجهود ولأجل الافادة من الملاكات التدريسية ذات الكفاية العليا بصورة افضل .
4.ان لا تقل معدلات الطلبة المقبولين في الدراسات الصباحية عن حدود دنيا تحدد في كل عام بحسب كل تخصص.
5.تتعاون الجامعات القريب بعضهامن بعض في برمجة الدراسات المسائية منعا للتكرار .
. ان تكون مواقع الكليات المسائية في اماكن مناسبة لهذا النوع من الدراسة.6
وبذلك نكون قد وفرنا الاجواء الموضوعية للدراسات المسائية لتأخذ مداها العلمي في التطور والارتقاء لأنها رافد مهم من روافد التعليم العالي في بلادنا , في ظروف العراق الراهنة التي يعاني فيه قطاع التعليم العالي والبحث العلمي من إهمال واضح وحرمان شريحة واسعة من قطاعات المجتمع المختلفة من فرص التعليم العالي الذي بات سلعة تجارية يتلاعب بمصيره حفنة من التفعيين ممن لا علاقة لهم بالتعليم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خطوة جديدة نحو إكسير الحياة؟ باحثون صينيون يكشفون عن علاج يط


.. ماذا تعني سيطرة الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معب




.. حفل ميت غالا 2024.. إليكم أغرب الإطلالات على السجادة الحمراء


.. بعد إعلان حماس.. هل تنجح الضغوط في جعل حكومة نتنياهو توافق ع




.. حزب الله – إسرائيل.. جبهة مشتعلة وتطورات تصعيدية| #الظهيرة