الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظاهرة العنوسة في المجتمعات العربيّة ... تلك القنبلة الموقوتة .

علي فضيل العربي

2022 / 10 / 9
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


للمرأة في المجتمعات العربيّة مكانة خاصة ، و نظرة خاصة أيضا . فهي رمز لشرف الأسرة او القبيلة او القوم . و شرف الأسرة أو القبيلة من شرفها .
و لهذا تسعى كل أسرة إلى تزويج ابنتها ، مهما بلغت هذه الأخيرة من علم و ثقافة . و كان زواج في المجتمعات العربيّة – خاصة الريفيّة و القرويّة منها – في سنّ العاشرة ، و الثانيّة ، و أقصاه في عمرالرابعة عشر ، صونا لشرف الأسرة و المجتمع .
لكن الأحوال تبدّلت ، و تغيّرت فسفة الزواج في المجتمعات العربية المعاصرة ، فلم يعد الزواج المبكّر شائعا بين الفتيات في الأسر المدنيّة ، نظرا لانتشار التعليم بين الفتيات ، و خروج المرأة إلى سوق العمل الحرّ و الوظائف الحكوميّة في ميادين التعليم بجميع فروعه و جذوعه العلميّة و الأدبيّة ، و الصحة و الإدارة و الرياضة ، و غيرها ، ماعدا بعض الاستثناءات التي مازالت قائمة في بعض البيئات العربيّة الريفيّة الفقيرة .
لقد حقّقت المرأة العربيّة نجاحات باهرة في جميع ميادين النشاط ، العلميّة منها و الأدبيّة و الرياضيّة و التجاريّة ، فأصبحت تمارس حياتها ، بحريّة و مسؤوليتها جنبا إلى جنب مع أخيها الرجل ؛ معلّمة أو أستاذة أو طبيبة أو مهندسة أو ضابطة أو عالمة مخترعة أو مسيّرة أو وزيرة أو رئيسة وزراء أو امرأة أعمال لامعة ، و هلّم جرّا ...
كل ما ذكرناه للمرأة العربيّة من محاسن ، و ما لم نذكره ، افتكّته المرأة العربيّة المعاصرة ، بذكائها و حكمتها و جهدها و صبرها و كفاحها و صمودها و تطلّعاتها . لكنّ ، بالرغم من كلّ ما حقّقته المرأة العربيّة من إنجازات باهرة ، و ما قدّمته من تضحيات جسيمة ، في خضم الحياة الاجتماعية ، اليوميّة ، فإنّها مازالت – في نظر أسرتها و بيئتها – قاصرة ، و " ناقصة عقل و دين " ما لم تتزوّج ، و تنضوي تحت جناحي زوج ، يصون شرفها ، و يحفظ مكانتها ، و ينتشلها من من مستنقع العنوسة .
إنّ ظاهرة العنوسة الأنثوية و الذكوريّة في المجتمعات العربيّة حديثة العهد ، ناتجة عن ميلاد فلسفة اجتماعية جديدة . دوافعها عديدة ، منها عزوف الشباب و الشابّات عن الزواج ، و نفورهم من الحياة الزوجيّة ، و شعورهم بأنّها – أي الحياة الزوجيّة – أغلال في معاصمهم ، تقيّد أو تحدّد حريّتهم الشخصيّة .
فبالنسبة للشباب الراغبين في الزواج ، فقد حالت العوائق الاجتماعيّة و الاقتصاديّة دون تحقيق تلك الرغبة . كغلاء المهور و تكاليف الزواج و البطالة و انعدام السكن و انتشار المواقع الإباحيّة و العلب الليليّة و التطلّع إلى الهجرة النظاميّة أو السريّة .
و في المقابل ، نجد الشابات الموظّفات في القطاعات الاقتصاديّة و الإداريّة و الاجتماعيّة ، لا يرغبن في الزواج ، ما دمن قد ملكن ذمتهنّ الماليّة ، و يشعرن بحريّة أكثر في قرارتهنّ و سلوكاتهنّ ، و حياتهنّ بصورة عامة .
لقد تحوّلت العنوسة في البلاد العربيّة ، و خاصة في البيئات الحضريّة و المدنيّة و الجماعات الميسورة ، إلى ظاهرة ، و بلغت حدّا لا يطاق ، إذ بلغت نسبة العنوسة في الوطن العربي - حسب دراسة للأستاذ محمد عبد الشكور ، نُشرت في موقع الجزيرة مباشر - حدّا لا يطاق . فقد أحصيت – حسب تلك الدراسة - في الجزائر حوالي 12 مليون عانسا ، أي ربع تعداد السكان ، و في المغرب بلغت حوالي 35% من المغربيات ، أي أكثر من الثلث عازبات . و في تونس بلغت % 81 % ، و في لبنان أصبحت نحو 80 % ، و في مصر بلغت أكثر من 5 . 13 مليون عانس . إنّها أرقام مرعبة حقّا . تؤسس لمجتمعات بدون أسر مستقرّة و أطفال أسوياء . و من الممكن جدّا أن تؤدي ظاهرة العنوسة بين الشباب الذكور و الإناث ، فضلا عن ظاهرة الطلاق ، إلى انتشار فاحشة الزنا و الاستغلال الجنسي للمرأة و ظهور الأطفال المولودين خارج مؤسسة الزواج الشرعيّة ( اللقطاء ) و استشراء الأمراض النفسيّة ، كالاكتئاب و الأرق و النوم القهري ، بين الذكور و الإناث بسبب الفشل في مغادرة مربّع العنوسة .
و ستكون للعنوسة ( الأنثوية و الذكوريّة ) آثار سلبيّة وخيمة في المستقبل على مداه المتوسّط . فعدم الزواج ، أو نقصه ، أو تأخره ، يفضي إلى محدوديّة النسل و بطء النمو الديموغرافي و شيخوخة المجتمعات العربيّة . و هذا يعني الأنظمة العربيّة لن تكون في حاجة إلى اعتماد سياسة تنظيم الإنجاب و تحديده .
و الأمر المحيّر ، فعلا ، هو إلحاق ظاهرة العنوسة بالعنصر الأنثوي ، دون العنصر الذكوري . و تكشف هذه النظرة الأحاديّة للظاهرة عن فلسفة المجتمع الذكوري في البيئة العربيّة ، و عن حجم التمييز القهري الممارس ضد المرأة العربيّة .
إنّ ظاهرة العنوسة في البيئة العربيّة ، القرويّة منها و الحضرية. قاسم مشترك بين الذكر و الأنثى . فكلّ أنثى عانس يقابلها ذكر عانس . مثلما هو الحال لظاهرة الطلاق ، فكل امرأة مطلَّقة يقابلها رجل مطلِّق . و هكذا دواليك ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حديث السوشال | بأعجوبة.. امرأة تمنع لصا من سرقة سيارتها


.. الأكاديمية والإعلامية الفلسطينية مي أبو عصب




.. الصحفية المغربية نعيمة بومور


.. صحفيات تنددن بالانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيينات خلال الحر




.. أقوال المرأة خالدة في ذاكرة التاريخ