الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنسنة المجتمع أفضل من أدينته

مصطفى العمري
(Mustafa Alaumari)

2022 / 10 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يختزل بعض الاشخاص غرماءهم إستناداً على تلميحة فكرية او رأي شاذ او مظهر مختلف و بعض الأحيان يتم الاختزال من خلال هيمنة الهوية الايدلوجية الطافحة عند بعض الناس.
ليس من حقنا إختزال الأفراد لأنهم يختلفون عنّا او لأننا لا نرغب بمنهجهم و اعتقادهم أو دينهم، ومن الإجحاف المفرط ان يساق رهط واسع من الناس الى الإقصاء و الإبعاد ليس لسبب إلا لأنهم يختلفون عنا شكلاً او مضموناً عقائدياً او أيدلوجياً.
كل هذه المقدمة سقتها لكي أبرهن أننا بحاجة ماسة الى اشخاص يتمتعون بروح النقاء الإنساني بغض النظر عن معتقداتهم التي آمنوا بها بالوراثة (فأغلب معتقدات الناس وراثية)
اذن نحن نحتاج الى فعل إنساني وليس الى زعم فارغ و ساذج.
وبما ان الفعل الإنساني النبيل هو العامل المشترك بين جميع شعوب العالم، فقد أخترتُ عالماً و علماً و إنساناً نبيلاً هو الشيخ خليل بزي.

قبل عشرة أعوام تقريباً أهداني الصديق المهذب الأستاذ كامل بزي كتابه الذي أسماه
( الشيخ خليل بزي 75 عاماً في خدمة الدين و المغتربين)
قرأت الكتاب من الحرف الأول الى الحرف الأخير، تأملت فيه راجعت بعض قضاياه و تفحصت بعض معلوماته.
سحبتني العاطفة و أيقظني العقل ،دفعتني الذكريات و انتشلني الواقع، يالله يا لهذا الكتاب من روعة و واقعية.
كم أتمنى لو ان رجال الدين و مشايخه و علماءه يقرأون سيرة هذا الشيخ النقي والذي يعمل لخدمة الناس و مصالحهم وليس العكس كما هو حاصل اليوم فالدين أصبح تجارة دنيوية بائسة فأغلب رجاله يحتالون و يتواكلون على غيرهم بالمعيشة و السكن.
(تلك حكاية تحتاج لمجتمع واع و مستيقظ)

هاجر الشيخ خليل بزي مدينته بنت جبيل متجهاً الى أمريكا وذلك عام 1916
ليعمل بأحد مصانعها الكبيرة. لكنه لم يلبث طويلاً حتى عانق المجتمع الذي ينتمي له و الجالية التي يسكن معها و يعرف همومها، فتحرك و اشتغل و كافح و ضحى و بذل من طاقته و أمواله الخاصة الشيء الكثير لكي يرتقي بالمجتمع الذي أحبه و تفاعل معه.
تنازل عن مركزه الديني و الإجتماعي لأنه لا يطلب واجهةً إجتماعيةً ولا يحاول التسلق من خلال المركز الديني لنزواته و قضاياه الخاصة، كان محض عفة و نقاء.

الكتاب يتحدث عن قصص و حكايات عديدة تعزز المعنى الإنساني الذي جُبل عليه الانسان الحقيقي لكني سأقف على واحدة منها.

دُعي الشيخ عام 1941
الى مدينة مشگن ستي بولاية إنديانا لعقد قران أحد المهاجرين، أكمل المهمة وفي طريق العودة وبعد ان قطع ما يقارب نصف المسافة، تحسّس جيبه فوجد مظروفاً و بداخله مبلغاً من المال كان قد دسه ذوو الزوج خفية في جيب الشيخ، فما كان منه الا ان قفل راجعاً الى المدينة التي عَقد بها القِران لكي يرجع المبلغ الى أصحابه.

كان الشيخ بزي يُدعى كثيراً و يسافر لقضايا دينية كالزواج و الطلاق و المناسبات الدينية، كشهر شهر رمضان و شهر محرم ( الذي غدا مقاولة بائسة في هذا الوقت بين الواعظ وبين أصحاب المسجد)
و السؤال المهم هنا من يدفع له ثمن بطاقات السفر ؟
لهذا السؤال يجيب أحد قدامى المهاجرين العرب فيقول:
معاذ الله .. حتى ثمن البطاقة هذه ما كان الشيخ ليرضى ان تدفع له.

مثل هكذا رجل استثنائي نقي نزيه و ورع لا يستطيع العيش مع زملائه من هذا الزمن.

ما أحوجنا الى أشخاص يتمتعون بهاجس الإنسان و يبتعدون عن منهج الإفتراس و الاحتيال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأقباط يفطرون على الخل اليوم ..صلوات الجمعة العظيمة من الكا


.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو




.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط