الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قبول الآخر كبديل لحوار الحضارات وتصادمها

مهدي سعد

2006 / 10 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


انتشرت الدعوات ولا سيما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر إلى ضرورة تمتين أواصر الحوار بين الحضارات والأديان المختلفة وذلك درءًا للمخاطر المحدقة بالعالم ومن أجل إيجاد قواسم مشتركة بين الأمم والشعوب المختلفة .

وإن كانت هذه الحوارات تحمل في طياتها بعدًا إيجابيًا يتمثل بتلاقي الأديان والحضارات مع بعضها ، إلا أنني لا أجد ضرورة لقيام مثل هذه الحوارات لأنه إذا سلمنا مسبقًا بضرورة قبول الآخر المختلف عنا فإن ذلك يعني بالضرورة إن لا نتحاور معه على قضايا ومعتقدات يملك كل الحق في اتخاذ التصور الذي يناسبه فيها .

فحوار الحضارات يهدف إلى البحث عن أمور مشتركة بين الأديان والشعوب المختلفة ، وكثيرًا ما يراودني تساؤل حول هذا الموضوع : هل هناك ضرورة لوجود قواسم مشتركة بين الناس ليعيشوا مع بعضهم بسلام ؟؟

أنا شخصيًا لا أرى ضرورة لذلك ، فما دام هذا الإنسان الذي أمامي إنسانًا مثلي فهذا يكفيني لكي أعيش معه بغض النظر عن معتقده أو لأي جنس من البشر ينتمي ، لذلك فلا حاجة للحوار معه وعلي أن أتقبله كما هو .

وللأسف فإن هذه الحوارات غالبًا ما تكون مناسبات للنفاق والتكاذب المشتركين وتعقد لكي يظهر ممثلو الأديان المختلفة وكأنهم متسامحون تجاه الآخرين في حين أنهم في سريرتهم يعلمون علم اليقين بأنهم مختلفون عن بعضهم اختلافًا جذريًا وهناك تناقضات جوهرية في وجهات نظرهم حول أهم المواضيع ولا سيما حول مفهوم الله وطبيعته وهذا ما ناقشته بشيء من التفصيل في مقال سابق طرحت فيه نظرة اعتبرت جديدة في هذا المجال ومفادها أن لكل دين ومذهب إله خاص وهذا الإله ليس بالضرورة هو ذاته إله الآخرين .

لا أريد أن يفهم من كلامي أنني من أنصار نظرية "تصادم الحضارات" التي طرحها المفكر الأمريكي المعروف صامويل هنتنغتون ، فهي الأخرى أطروحة متخلفة تقتضي رجوع الأمم إلى عصور خلت من الصراع والنزاع وهذا ما لا يقبله عاقل على وجه الأرض .

وكبديل لحوار الحضارات وتصادمها أطرح ضرورة تعزيز مفهوم قبول الآخر في وعي الإنسان والمجتمع وبالتالي تصبح هذه الفكرة بمثابة العمود الفقري لتعايش مختلف الأديان والشعوب على وجه البسيطة .

عالمنا اليوم يشهد تصاعدًا للأصوليات الدينية الهدامة التي تكفر أتباع الديانات الأخرى وتحث على قتالها وربما على محاولة القضاء على قسم كبير من المدينين بها ، وذلك بعد أفول زمن النظريات القومية المتطرفة التي أدت إلى تطاحن الشعوب وجرت العالم إلى كوارث ومحن كثيرة ، وهناك خشية من نشوب حرب كونية ثالثة يكون للأصوليات الدينية الدور المحوري فيها .

فالمطلوب من كل قوى الخير على وجه هذه المعمورة والتي يهمها مصير السلم العالمي تعزيز جهودها من أجل الحد من انتشار هذه الأفكار الظلامية والعمل على بناء حضارة إنسانية ترتكز على الديمقراطية المسيجة بالأخلاق وتكون مؤسسة على ضرورة قبول الآخر والتعامل معه كما هو .

من هنا يجب أن نبدأ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah