الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التغيير الوطني الديمقراطي.. بين مشروع الدولة ومشروع المقاومة

فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)

2006 / 10 / 2
المجتمع المدني


قدمت الحرب الأخيرة في لبنان مفارقات مدهشة.. مفارقات تكاد تكون فاصلة في حياة الأمة..
حرب قدمت خلاصة هامة لمفهوم الدولة والمقاومة معاً..
والتوصيف بسيط:
خمسة حروب خاضها النظام العربي الرسمي مع إسرائيل وكانت بمجملها عبارة عن سلسلة من الهزائم المتوالية.. الحرب السادسة لم يدخلها النظام العربي بل على العكس حرض على ضرب واقتلاع حزب الله من لبنان..
الحرب السادسة كانت حرباً بين إسرائيل والمقاومة.. وفجأة خسرت إسرائيل الحرب!!
الخلاصة المباشرة والقريبة عند الشارع العربي كانت كفراً بالأنظمة (أو الدولة).. وإيماناً بالمقاومة..
وتبدو خلاصة منطقية!!
إذ إن (الدولة) وعلى مدار نصف قرن لم تستطع أن تحقق شيئاً من المسؤوليات المطلوبة منها، لا حماية حدود ولا تحرير أرض ولا حياة تليق بكرامة الفرد وإنسانيته..فضلاً عن عجزها عن كل مقتضيات التنمية الاقتصادية ـ الاجتماعية.. وإنما على العكس دولة ينخرها الفساد بكل مؤسساتها ونخبها أسقطت مفهوم القانون والقضاء والحريات العامة وسلامة الفرد وأمنه.. وعاثت أجهزتها الأمنية والعسكرية بالحياة المدنية للناس خراباً.. واضطهاداً.. بحيث تحول المواطن فيها من (ديك إلى دودة).. حسب تعبير الراحل ياسين الحافظ..
لقد بات المرء يشعر أن لهذه (الدولة) مهام تختلف عن مهام الدولة المتعارف عليها.. وكأنها عبارة عن (دكاكين) وجدت للحفاظ على توازن إقليمي أو دولي معين.. ضمن مصالح عالمية كانت شعوب المنطقة خارج دائرة فاعليتها.. وتحولت هذه الشعوب مع تكريس مفاهيم هذه الدولة في الحياة السياسية اليومية إلى كم مهمل لا كلمة له ولا قرار..
يبدو هذا التوصيف جيداً.. ولكن!!
كل مشاريع المقاومة تاريخياً كانت تسعى نحو تشكيل الدولة.. ضمن مفهوم الدولة الوطنية الحديثة.. أي لم تكن المقاومة بحد ذاتها هدفاً.. وإنما الهدف هو الدولة..
أخشى أن تكون المسألة معكوسة تماماً عندنا!!..
أي إن الهدف هو المقاومة.. ومن خلاله يتم ضرب مشروع الدولة الوطنية الحديثة..بدلاً من العمل على
بنائها، وهو الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات حول مفهوم المقاومة والدولة معاً..
المقاومة في لبنان لم تأخذ بعدها الوطني الشامل وبدت أنها قد اقتصرت على فئة اجتماعية دون غيرها..
كذلك اتهمت هذه المقاومة بولاءات خارجية أضعفت من مصداقيتها بنظر البعض..
النقطة الأهم ضمن مستنقع الانقسام والاقتتال الطائفي والمذهبي الذي يضرب في العراق اليوم وينبىء بخطورته في مناطق أخرى ومنها لبنان.. يحتم علينا إعادة النظر بمشروع المقاومة على ضوء هذا الواقع..
وبالتالي لا بد من التأكيد أن أصل البلاء ليس في وجود الدولة بحد ذاته.. وإنما في غيابها !!
ومشروع المقاومة إذا تجرّد من مشروع الدولة فإنه يفقد مشروعيته التاريخية.. ويتحوّل إلى ضرب من (بطولة) بحكم واجب الوجود أكثر من كونه فعلاً ثورياً تقدمياً يشكل خطوة نوعية في حياة البلاد وتاريخها.
بين الدولة والمقاومة.. وشائج قربى يمثل تجاوزها خطاً أحمر في حياة الأمم والشعوب.. والإخلال بتوازن المفهومين يجعلنا عرضة لرياح تغييرات قد تقضي على الدولة والمقاومة.... معاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مندوب الصين بالأمم المتحدة: نحث إسرائيل على فتح جميع المعابر


.. مقررة الأمم المتحدة تحذر من تهديد السياسات الإسرائيلية لوجود




.. تعرف إلى أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023


.. طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة




.. تفاعلكم الحلقة كاملة | عنف واعتقالات في مظاهرات طلابية في أم