الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفكارٌ عامةٌ حولَ الأصولية والفكر الأصولي (1)

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2022 / 10 / 14
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الأُصولية - حسب زعمي - هي سبيلٌ فكري يقيني، لا يختصُ بدينٍ معينْ أو عقيدة بعينها، و ليس له حزب ذو صبغة إيمانية حصرية مُحدّدة.
هي ببساطة : الدعوة الى وقف إعمال العقل في النص، وتوهّم إمتلاك الحقيقة المُطلقة.
تبدأ دعواها من كراهية المُختلف، وتمرّر خطابها في أكذوبة الإعتدال، ثم تنتهي بعد ذلك إلى تصدير الارهاب بالضرورة.
---------------
الأصولية بمختلف أنواعها، هي وباءٌ فكريٌ عالمي بغيض، موغل في القدم بشكل عام.
لكن أعتقد أنّ أغصان هذه الأصوليات الدّينية المُعاصرة، الممتدة بكثافة في مجتمعاتنا المشرقية بالذات، كانت قد دُعِمَت و رُويَّتْ و اشتدّ عودها، في تقديري منذ مَطلَعِ القرن العشرين.
وذلك منْ قِبَل جهاتٍ سياسية مُعيّنة ، ولأسبابٍ وغاياتٍ نفعية كثيرة، يَصعبُ ذكرها في هذه العجالة..
إلا أنّ أهمها ، يقع في بند الإستغلال السياسي المُحْكم لها ،
و نجاح خطة استخدامها كأداةٍ نَشِطة ، في لعبة دولية ، من أجل كسب وحماية مصالح طرف ما،
و كذلك في حُسن استعمالها كسلاحٍ فكريٍ فعّال، من قبل إحدى القوى العالمية، منْ أجلِ كسبِ معركتها الاستراتيجية، وتمكين الحشد الظافر ، ضد أحد أهمّ أقطاب العالم آنذاك .
--------------
الأصوليات الدينية بعامة، تَسْتولدُ الكراهية ضد بعضها البعض - بالضرورة - لأن كل منها يؤمن يقيناً أن لديه الحق المبين وحده .
ولهذا ترى الأفهام فيها تستعذبُ جداً نرجسية التميّز ، وتميل بطباعها المتطرفة، إلى مُخالفة كلّ ما يقدّمه لها الواقع من صدق أو حق،
و قد تبدو كالأصفاد الصلبة، المُحكمة على معصم التفكير ، كلّما حاول العقل المنطقي هزّها أو تحريكها ، اشتد خناقها عليه أكثر فأكثر ..
إنّها مجرّد أفهامٌ مُغلقةٌ تماماً على نفسها، لا تقبل بالآخر، ولن ترضى عن المُختلف الضال عن سبيلها، حتى يتّبع مِلتها .
تشعرُ دوما بفوقية شديدة، وتعيش في تعالٍ على الآخرين، مهما حاولتْ أنْ تدّعي أنّها سَمْحاء مع المعتقد الآخر ، أو جاهدت في ترويج خطاب الانفتاح معه، أو التسامح إزاء المناهضين لها.
-----------------
و لعلَّ الشرّ المُستطير في تلك الافهام الأصولية ، يَتأتّى - في تقديري - ليس في إيمانها العميق، أنّ هناك حقيقة واحدة في هذا العالم فحسب، بلْ في يقينها المُطلق ، أنّ تلك الحقيقة الواحدة، هي الجهة الوحيدة التي تمْتلكها. وهي وحدها المُخوّلة في تمثيلها والدّعوة لها.
-------------
إنّ ما يُقابل الافهام الأصولية - في زعمي - هي الأفهام العلمانية.
التي تُؤمن وتفكر بالنسبي ، بما هو نسبي مُتغيّر ، وليس بما هو مُطلق " على حد تعبير أستاذنا المُفكر د. " مراد وهبة " .
وقد لاحظت أنّ الأفهام الأصولية (الدّينية منها بالذات ) على إختلاف جغرافيتها و مراجع مطلقياتها أو دوغمائياتها الفكرية، ( سماوية أم أرضية) تتشابه كثيراً، في أنماط التفكير و مسالك الحوار .
بل تكادُ تتطابقُ في أساليب تعبيرها، ومناحي اهتماماتها، إلى حدٍ بعيد، و أحياناً مذهل.
و كثيراً ما رأيت أنّ الفهم الأصولي -مثلاً - عندما يناقش أحداً ما ، حول حقائقه المُطلقة، يكون هدفه الانتصار لها فقط، وليس الإمعان في فهمها ، أو التفكير في نقائصها.
و لذلك نراه لا يمتنع عن استخدام أيّة وسيلة ( مادية ام فكرية أم نفسية)، من أجل هزيمة حقائق الفهم الآخر، المُضاد له، او إقصائه تماماً عن الوجود، إنْ أمكن ذلك.
بينما الفهم العلماني -المُنفتح على منهج التفكير العلمي، يُحاور كي يفهم أولاً ، ويتقدّم بالوعي الى مناحٍ جديدة ثانياً،
و لهذا تراهُ يدأبُ في نقل سفن الحقيقة، الى معارج جديدة ، ويثابر في استكشاف فضاءات فكرية لحقائق غامضة، قد لا تكون معروفة لديه منْ قبل..
-----------------
و على خلافِ الفَهم العَلماني، المملوء دوماً بقلق الشك المنهجي، ومزيّة الدّحض والإنتقاد..
يمتلكُ الفهم الأصولي اليقيني، حسّاً مُطمئناً، وروعاً رائقاً ، يوفّر له براعةً هائلةً، حين يتسنّى له الإشتراك في لعبة الإعتدال والفوز أمام خصومه ..
حيث تتوفّر لديه - غالباً - الحماسة الشديدة للمناكفة والمجادلة، وإثبات الحضور، و الرغبة النفسيّة العارمة، والمهارة الملحوظة في فنّ الاقناع ، وتسويق الأغاليط،
التي تساعده كثيراً على ليِّ عنقِ الحقائق ، و التوفيق المزيّف بين مجريات الواقع وخرافاته المتناقضة، بطريقة يصعب على الإنسان البسيط كشفها أو دحضها ..
يُضاف الى كلّ ذلك، حسن توظيف الخيال المبدع للبيان لديه، في التلفيق المُنظّم والدّجل العاطفي الذي يمارسه في تجميل تهافت أيّة حجة أو بُرهان، سواء في بثِّ آية معلومة، أو سرد خبرٍٍ مَكذوب،
بغايةٍ واحدةٍ فقط لاغير ، وهي دعمُ عقيدتَه ، ونُصرة دغمائياته المُقدّسة، بكل عَجَرِها وبَجَرِها .
للحديث بقية
zakariakurdi








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -عفوا أوروبا-.. سيارة الأحلام أصبحت صينية!! • فرانس 24


.. فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص




.. رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس


.. انقلاب سيارة وزير الأمن القومي إيتمار #بن_غفير في حادث مروري




.. مولدوفا: عين بوتين علينا بعد أوكرانيا. فهل تفتح روسيا جبهة أ