الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البابا يمنح تفويضا دينيا لسياسة بوش العدوانية

حزب العمال التونسي

2006 / 10 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أثارت تصريحات البابا بنديكت السادس عشر موجة من الغضب الرسمي والشعبي في صفوف المسلمين. وكان البابا قد أساء إلى الإسلام والمسلمين عندما قال في محاضرته أن "الإسلام انتشر بالسيف" وأورد كلاما اقتبسه من العصور الوسطى لأحد ملوك بيزنطة وصف فيه الإسلام بأنه "شرير وغير إنساني". ولم يقل البابا خلال محاضرته أن هذا الملك كان مخطئا بل على العكس من ذلك وصفه بأنه مشبع بالفلسفة اليونانية وعالم بالديانتين المسيحية والإسلامية على حد سواء.

ونددت كل الأنظمة العربية تقريبا بهذه التصريحات، وطالبت البابا بتقديم اعتذار رسمي. لكن هذا الأخير اكتفى بالتعبير عن أسفه لما حصل من سوء فهم لمحاضرته وقال بأنه يكن كل الاحترام للإسلام. وهو اعتبره البعض غير كاف.

وقد سجلت بعض ردود الأفعال الشعبية على هذه التصريحات حيث خرجت بعض المسيرات في بعض المدن العربية. كما وقع الاعتداء على بعض الكنائس في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقتل راهبة إيطالية في الصومال...

وأعادت هذه التصريحات إلى الأذهان قضية الرسوم الكاريكاتورية في سبتمبر من العام الماضي. كما تزامنت مع تصريحات بوش حين ربط بين الإسلام والفاشية.

إن تصريحات البابا لا يمكن فصلها عن سياقها العام وعن سياسة الامبريالية العالمية التي تمر بأزمة شاملة وخانقة ومستعصية على الحل. فهي تأتي في ظل مناخ عالمي ازدادت فيه الامبريالية الأمريكية غطرسة ونفوذا واحتدت أزمتها إلى درجة لم يعد بإمكانها حلها إلا عن طريق الحروب العدوانية والسياسات العنصرية لإحياء النعرات الطائفية وتأجيج الكراهية بين الأديان والأجناس والعزف على أوتار الدين لكسب التأييد والتعاطف. وكلما احتدت أزمة الامبريالية كلما اتضح هذا التوجه أكثر. وهذا لاحظناه مثلا في خطابات بوش الأخيرة التي ركّز فيها على البعد الأخلاقي والديني والقومي، لأنه يعلم أن كل الناس بمن فيهم الأمريكيين لم يعد بالإمكان إقناعهم بسياسة أثبتت التجربة فشلها وبانت فضائحها وانكشفت عدوانيتها.

ولا يمكن للبابا أن يكون جاهلا بالإطار العام الذي تنزلت فيه تصريحاته. فهو يدرك تمام الإدراك أن هناك موجة من العداء والكراهية للمسلمين يقودها اليمين المتطرف والمتصهين في واشنطن تروج أن الإسلام هو دين الكره والعنف والإرهاب وأن المسلمين متخلفون وفاشيون وإرهابيون. والغاية من هذه الموجة هي إيجاد مبررات لسياسة بوش العدوانية في العراق وأفغانستان ودعمه اللامشروط للكيان الصهيوني الذي ارتكب مجازر فظيعة آخرها في لبنان ولا يزال يبيد الشعب الفلسطيني. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى تحميل المسلمين مسؤولية كل الفظاعات التي ترتكبها الامبريالية العالمية والصهيونية في حق شعوب العالم، بحيث يصبح الجلاد ضحية وفي موقع الدفاع عن النفس، أما الضحية الذي يقاوم من أجل حريته وكرامته فهو إرهابي يستمد الكراهية من دينه ومن جذوره التاريخية والعرقية!

ومن هذا المنطلق فإن تصريحات البابا في توافق تام مع سياسة بوش وتوجهاته. وهو بذلك يعطي غطاء دينيا لليمين المتطرف الحاكم في واشنطن والمتحكم في العالم، ويمنحه تفويضا دينيا بالمضي قدما في سياسته العدوانية في العراق وأفغانستان... لتتحول هذه الحروب القذرة التي غرقت فيها الإدارة الأمريكية ومن معها إلى "حروب مقدسة" مدعومة من طرف أعلى سلطة دينية مسيحية في العالم (الكنيسة الكاثوليكية). وهذا يؤكد إفلاس السياسة الامبريالية في أعلى مراحلها (العولمة) وعدم قدرتها على إقناع الرأي العام بغير لغة الغيب واستحضار الشهادات من القرون الوسطى. وهي تلتقي بذلك مع كل الأنظمة الرجعية العربية التي توظف الدين وتستغله في إضفاء طابع قدسي على نظمها الفاسدة وتشريع قمعها لشعوبها وحرمانها من أبسط حقوقها.

والأخطر من كل هذا هو أن الامبريالية بقيادة اليمين المتطرف تدفع باتجاه حرب طائفية كونية لا تبقي ولا تذر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 170-Al-Baqarah


.. 171-Al-Baqarah




.. 172-Al-Baqarah


.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات




.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع