الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التّحليل النفسي للتاريخ

حسن مدن

2022 / 10 / 18
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


هل من علاقة بين علم النفس وعلم التاريخ؟ سيبدو السؤال غريباً بعض الشيء. التاريخ هو وقائع وأحداث، الكثير منها فاصل ومصيري، غيّر مجرى المسار البشري، وأنهى وقائع قائمة وأسس لوقائع جديدة، وفتح أفقاً لم يكن منظوراً، وحتى غير متوقع قبلها، وفي التاريخ تدخل أمور مثل الحروب الطاحنة، وانهيار امبراطوريات ودول، ونشوء دول لم تكن موجودة سابقاً. وفي التاريخ أيضاً تدخل الأفكار. لم تنشأ الأفكار كلها مرة واحدة، وإنما شهدت، هي الأخرى، مساراً طويلاً معقداً، سقطت فيه أفكار وقناعات ومعتقدات، لتخلي مكانها لأفكار أخرى جديدة، وفي التاريخ أيضاً تدخل الأديان. حتى الديانات السماوية لم تظهر بالتوازي أو التزامن، وإنما بالتتالي، وهو ما يقف عنده علم تاريخ الأديان.

إذا نظرنا إلى التاريخ من هذه الزواية وحدها، ربما لا نجد مكاناً لعلم النفس في كل هذا، ولكن التاريخ ليس تاريخ الوقائع والأفكار. إنه أيضاً تاريخ الأفراد. الوقائع لم تحدث من تلقاء نفسها، إنما صنعها بشر من لحم ودم وعظم، وكذلك فإن الأفكار والاكتشافات العلمية هي من اختراع ووضع الأدمغة البشرية المتميزة، ولا يمكن قراءة الوقائع والأفكار دون الوقوف عند صانعيها وواضعيها من البشر.

من هذه الزاوية بالذات، يصبح للتحليل النفسي للتاريخ ضرورة. صحيح أنه وحده غير كافٍ لتقديم تفسير شامل وقاطع لمجريات التاريخ، فلهذه المجريات أسباب موضوعية، اقتصادية واجتماعية وعسكرية وسياسية، وحتى حضارية، لا يمكن للتاريخ أن يُقرأ أو يُدرس بدونها، وأن يوضع في سياقاتها، لكن الوقوف عند شخصيّات الصناع سيقود تلقائياً إلى التكوين النفسي لهم.

هل يمكن قراءة التاريخ دون الوقوف عند شخصيات مثل الإسكندر الأكبر وتيمورلنك ونابليون وهتلر وسواهم من القياصرة والملوك والأباطرة؟ وهل يمكن لهذا الوقوف أن يتم بمعزل عن التعرف إلى التكوين النفسي لشخصية كل واحد منهم، سواء أكان ذلك بالسلب أو الإيجاب؟ فليست السمات الإيجابية للقائد وحدها هي ما يجعل منه مهماً، بل يمكن للسلبيات وحتى العقد الداخلة في تكوينه النفسي أن تترك من الآثار وتصنع من الأحداث الشيء الكثير.

لن ندخل في دهاليز تاريخنا العربي، ولنبق في عصرنا الراهن، لنرى كم كان للتكوين النفسي للزعماء من أثر كبير في صنع ما عرفناه من تحوّلات، وكم كان لعقد بعضهم من دور في ما شهدناه، وما زلنا، من كوارث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح والعلاقات بين مصر واسرائيل .. بين التوتر والحفاظ على الم


.. الجدل المتفاقم حول -اليوم التالي- للحرب في غزة.. التفاصيل مع




.. حماس ترد على عباس بشأن -توفير الذرائع لإسرائيل-.. فما انعكاس


.. قتلى ومصابون في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل وحزب الله | #ر




.. جدل مستمر وخلاف إسرائيلي وفلسطيني حول مستقبل حكم غزة | #التا