الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلاقة الأردنية الفلسطينية في ضوء خبرة عصبة التحرر الوطني في فلسطين 1948-1951 -3

ابراهيم حجازين

2006 / 10 / 3
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


أثر الموافقة على قرارتقسيم فلسطين على العصبة
رفضت اللجنة المركزية للعصبة قرار التقسيم بعد صدوره ، حيث كان موقف أكثرية اللجنة ضد القرار بينما صوتت الأقلية لصالح القرار .فدعت الأقلية بعد ذلك إلى اجتماع موسع في بدابة عام 1948 قاطعته الأكثرية من اللجنة المركزية وفروع نشطة من العصبة كفروع عكا وحيفا واتخذ الاجتماع قرارا مؤيدا لقرار التقسيم . يعني هذا فعليا انقسام في صفوف العصبة حيث خرج منها عدد من الكوادر والأعضاء الذين التحقوا بصفوف القوى المعارضة للتقسيم.
ترافق الموقف الجديد للعصبة مع تغير في خطابها ، واقتربت في طروحاتها من الصيغة الكلاسيكية للخطاب الشيوعي السائد آنذاك من حيث الموقف من الإتحاد السوفيتي والقائد الملهم ستالين ، كما طرأ تغير مهم على موقفها من القضية القومية في فلسطين ، فتراجعت العصبة عن رؤيتها الفكرية السابقة التي كانت ترى أن القضية القومية في فلسطين في جوهرها هي قضية عربية وأصبحت ترى أنها قد تحولت إلى عربية ويهودية وأن حلها على أساس الماركسية يجب أن يضمن تقرير المصير للشعبين ، ومن هنا جاءت موافقة العصبة على قرار التقسيم .
لكن من دون البحث في المبررات النظرية التي ساقتها العصبة لشرح موافقتها على قرار الأمم المتحدة ، فأنه في ظل الأوضاع التي نشأت تلك الفترة لم يكن هناك خيارات مطروحة أمام الشعب الفلسطيني إلا ثباته على أرض وطنه . خاصة وأن عصبة التحرر كانت قد حذرت في مرات عديدة من أن الاستعمار الأنجلو - أمريكي والمشروع الصهيوني يستهدف الوجود الوطني للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره . لذلك فأن موافقة العصبة على قرار التقسيم كانت محاولة من جانبها لتحقيق الحد الأدنى من الحقوق القومية ، حيث أن البديل المطروح كان أسوأ بكثير من عدم الموافقة .
إن المرحلة الجديدة كانت كارثة بالنسبة للشعب الفلسطيني ، فقد استطاعت القوى المعادية أن تمنعه من حقه في تقرير مصيره وتقطيع أوصال وطنه فلسطين . فتم إعلان دولة إسرائيل في 15/أيار/1948 على أكثر من نصف مساحة فلسطين وضمت هذه الدولة المستوطنين اليهود الذين قدموا إلى فلسطين ضمن المشروع الاستيطاني الصهيوني .
وبعد هزيمة الدول العربية عام 1948 حرم الشعب الفلسطيني من إقامة دولته على الجزء المخصص له حسب قرار الأمم المتحدة ، خطت العصبة خطوة أخرى على الطريق الذي اختطته سابقا واتجهت نحو إبراز نفسها كمنظمة شيوعية ويستدل على ذلك من قرارها عام 1948 بإعلان إعادة الوحدة الأممية للحركة الشيوعية في فلسطين .
كان واضحا أن الأمور قد آلت إلى هزيمة كبرى للدول العربية ومأساة هائلة أصابت الشعب الفلسطيني . على هذه الخلفية أصدرت العصبة قرارها آنف الذكر . في هذا القرار توجه العصبة تقدا ذاتيا شديدا حيث تعتقد إنها تتحمل المسؤولية الأولى فيما وصل إليه الشعب الفلسطيني من أوضاع ، ويجري التقرير تحليلا للظروف التي مرت بها القضية انطلاقا من هذا الاعتقاد ويخلص إلى نتيجة مفادها أن العصبة تتحمل هذه المسؤولية بحكم أنها انطلقت منذ البداية على أساس قومي وليس طبقي أي أن تأسيسها كان عبارة عن انشقاق قومي في الحركة الشيوعية في فلسطين وأدى هذا بالتالي إلى توجيه ضربة قوية لوحدة الطبقة العاملة وإلى قدرة هذه الطبقة العربية – اليهودية على التصدي للمؤامرة الاستعمارية الصهيونية والرجعية( تقصد الهيئة العربية العليا ) التي نجحت في تقسيم سكان فلسطين على أساس عنصري مما هيأ الظروف لنجاح المؤامرة ، وبناء على ذلك دعت العصبة إلى إعادة الوحدة إلى الحركة الشيوعية في فلسطين على أساس أممي بحيث ينضم أعضاء العصبة الموجودين في إسرائيل إلى صفوف الحزب الشيوعي الإسرائيلي وينضم الشيوعيون اليهود الموجودين على أراض الدولة الفلسطينية المزمع إنشائها حسب قرار التقسيم إلى صفوف العصبة .
يلاحظ أن القرار جاء على أرضية الهزيمة التي أصابت الشعب الفلسطيني ووضوح المصير التي ستؤول إليه الأمور من حيث سلبه حقه في إقامة دولته كما نص القرار 181. وترافق كل هذا مع إعلان العصبة عن نفسها حزبا شيوعيا متخلية عن الطابع القومي التحرري الذي لازمها في فترة التأسيس عام 1944 ، وتقلصت قاعدتها الاجتماعية التي أصبحت أكثر ضيقا بالمقارنة بالمرحلة السابقة ، مع كل ذلك يمكن اعتبار القرار أيضا محاولة من قبلها لكسب حلفاء من داخل إسرائيل للسعي لإنشاء الدولة الفلسطينية ، ويكشف ذلك أيضا عن نزعة جدير بالانتباه وهي قدرة العصبة على التكيف مع الواقع لتحقيق الممكن في ظروف كتلك التي كانت سائدة آنذاك .
انطلاقا من موقفها بضرورة إقامة الدولة الفلسطينية كشكل لحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره ، رفضت العصبة الطرح بتوحيد الضفة الغربية مع المملكة الأردنية الهاشمية وعارضت ذلك عند إتمامه وحاولت إحباط الانتخابات التي جرت عام 1950 لإضفاء الشرعية على عملية الوحدة ، بالمظاهرات والمقاطعة واستمرت في مطالبتها بإقامة الدولة الفلسطينية فوق الأرض التي اقرها قرار التقسيم للدولة العربية .

*هذا بحث عن موقف عصبة التحرر الوطني في فلسطين السلف المباشر للحزب الشيوعي الأردني من العلاقة الأردنية الفلسطينية وهو موضوع تم بحثه رسالة الدكتوراه للكاتب بعنوان "عصبة التحرر الوطني في فلسطين 1943-1951 " صادرة عام 1991 من بلغاريا .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مناظرة تبادل الاتهامات بين بايدن وترامب | الأخبار


.. انقطاع الكهرباء في مصر: السيسي بين غضب الشعب وأزمة الطاقة ال




.. ثمن نهائي كأس أوروبا: ألمانيا ضد الدنمارك وامتحان سويسري صعب


.. الإيرانيون ينتخبون خلفا لرئيسهم الراحل إبراهيم رئيسي




.. موريتانيا تنتخب رئيساً جديداً من بين 7 مرشحين • فرانس 24