الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشر الكوني

الحسن علاج

2022 / 10 / 25
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


مارلين مايسو
ترجمة : الحسن علاج

من سقراط ، الذي بحسبه "لا وجود لأي أحد شرير بمحض إرادته " ، إلى حنة أرندت Hannah Arendt) ( مؤكدة أن " الشر يندرج ضمن فراغ الفكر " ، فلطالما شكلت الذات مصدر اهتمام وإلهام للفلاسفة . ففي كتاب التفكير في الشر . تاريخ مغاير للفلسفة ، فقد ذهبت الفيلسوفة الأمريكية سوزان نايمان (Susan Neiman) إلى أبعد نقطة من ذلك جاعلة من سؤال الشر عصبا لتاريخ الفلسفة ، باعتباره محركا للاضطرابات الأساسية التي ستؤثر على علاقتنا بالعالم . ما هو مصدر الشر ؟ من يتحمل مسؤوليته ، البشر أم الإله ؟ هل بالإمكان تقديم تفسير له ؟ مقاومته ؟ بإمكان المرء تقديم العديد من الأجوبة لتلك التساؤلات ، وقد يصدر عن ذلك رؤيات للعالم ومسارات عمل مختلفة جدا . فإذا ما قرر المرء ، من منظور لايبنتيزي ، النظر إلى الشر على الدوام بوصفه شرا أهون ، شرا ضروريا لتوازن الواقع وانتشار خير عميم داخله كمثل نور في حاجة إلى ظل ليشع ، نظام العالم ، اتجاهه وعلة وجوده يكون في أمان ، لكن مقارنة بعجز مقلق أمام الشر . على أنه لم يتم الجنوح إلى اختيار مقارنة روسوية نوعا ما ، جاعلين من إمكانية الشر أن يكون نتيجة لحريتنا ( التي تتضمن حرية اختيار ذلك ) ، فإن هذه الأخيرة تصبح بالضرورة ثمرة للإرادة الإنسانية ، ويمكن ، من هذه الزاوية ، أن تُقاوم ، في ذاتها لدى الآخرين .
إلا أن طبعه الاعتباطي ، حضوره الكلي وجذريته حيث تكمن ذروته ، تبعا للمؤلفة ، في أوشفيتز ، تخلق غثيانا لا يُطاق إلى حد كبير : كيف يمكن للمرء أن يظل على قيد الحياة في عالم بلا إله وبلا غاية ، حيث تتضاعف عبثية شرطنا بواسطة عبثية سلوكنا ؟ فإذا كان الشر يأسرنا ويروعنا إلى هذا الحد ، فلأنه بإمكانه النمو في كل الأراضي الخصبة ويبعث من جديد بشكل مستمر . إن هذا الوعي الذي تكون كل الانتصارات ضده مؤقتة ، إذا يكون بالإمكان الانتصار في ألف معركة ، إلا أننا لن نقترب أبدا من نهاية الحرب ، ثم إنه يزدهر جدا في إيديولوجيات تغذي المبررات الأكثر عقلانية كما في لامبالاتنا المشوشة ، وربما ما يجعل من الشر موضوعا أكثر خصوبة للفكر الفلسفي وفي نفس الوقت عقبته الأكثر عنفا .
كيف للمرء ألا يفقد الأمل أمام جرائم الحرب التي لا تزال إلى يومنا هذا ، من اليمن إلى أوكرانيا ، ملطخة الأرض بالدماء ، تحت أنظار مجموعة دولية عاجزة ؟ هل مايزال ثمة معنى للاعتراض به على الشر بخطاب عقلاني حينما ، في بلدنا ، يتم الرد على الرسومات بالرصاص ( شارلي إيبدو ) ثم الرد على دروس التاريخ والجغرافيا بالسكين ( صامويل باتيsamuel paty) ( ؟ إن تلك الأسئلة التي تجلجل قدرما تجلجل التمزقات ، تردد صدى التفكير الذي كان قد صدر عن كامو ، في محاضرته سنة 1949 تحت عنوان " زمن القتلة " : " ثمة حرب ، احتلال ، مجازر ، أسوار السجن تعد بالآلاف ، ثمة أوروبا تعيش في فوضى الألم وكل هذا كي يكتسب البعض منا في نهاية المطاف اختلافين بسيطين أو ثلاثة اختلافات بسيطة تساعدهم على فقدان أمل أقل . " إن الحسابات مثيرة للقلق ، طالما أن الربح يعتبر كبيرا . ماعدا استحضار أن الفروق الدقيقة ، وليس السراب الكاذب للثورة الحاسمة ، هي التي ساهمت ، ضمن المسيرة الطويلة للتاريخ ، بتقليص شرور العالم بطريقة حسابية ، وجعل العالم ملائما أكثر للعيش .
مصدر النص : المجلة الفرنسية Lire magazine Littéraire ) ( في عدد جديد رقم 512 أكتوبر 2022 وقد خصص هذا العدد ملفا للروائي لوي فردناند سيلين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض


.. واشنطن وبكين.. وحرب الـ-تيك توك- | #غرفة_الأخبار




.. إسرائيل.. وخيارات التطبيع مع السعودية | #غرفة_الأخبار


.. طلاب بمعهد ماساتشوستس يقيمون خيمة باسم الزميل الشهيد حمزة ال




.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟