الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تهافت المثقفين

عيد الدرويش

2006 / 10 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إن كلمة ثقافة ليست جديدة على لغتنا العربية , وما تعنيه من مدلولات في المعنى اللفظي والمجازي , وهي ليست قديمة في استعمالها بين المصطلحات والألفاظ , وقد اتسعت لتشمل بين جنباتها مفاهيم وضعتها البشرية ترتكز على قاعدة عريضة من العلوم والمعارف والآداب وكل الفنون والعقائد , وما يمكن أن يكتسبه بصفته عضوا في هذا المجتمع , وهذا ما يمكن أن يوجز تعريف الثقافة إن هذه المعرفة عندما يمتلكها الفرد ستكون زادا فكريا لا يجاد صيغ من التعامل والتفاعل والتكيّف مع الوسط من حيث البيئة والإنسان , وبتفاوت المعرفة بين الأشخاص بالإضافة إلى تفاوت القدرات العقلية والذهنية ستكون النتائج متفاوتة أيضا , ومن هنا نرى التباين والتمايز بين فرد وآخر من المثقفين
وفي كل عصر تتباين المعايير و تتنوع الأساليب في ممارسة الفعل الإنساني تحدده مجموعة من التراكمات المعرفية التي تصب في ذروتها في معيار الثقافة التي تعتلي الهرم المعرفي , لهذا كانت شريحة المثقفين في كل عصر هم الذين يصيغون المعايير بما يجب أن تكون وليس بما هو كائن , والمتتبع للحركة الثقافية والمثقفين في السياق التاريخي , فقد تعددت مللهم ونحلهم , وتنوعت مشاربهم وسلوكياتهم , ومن الصعوبة بمكان أن نرسم خطا عاما للمثقفين في كل زمان ومكان , وتحديد قواعد السلوك لأولئك المثقفين وتفاعلهم مع البيئة والمؤثرات الاجتماعية والتي تختلف من موضع لآخر لأن لكل وسط اجتماعي ظروفه الخاصة التي تختلف عن الأخرى وستكون الحلول والآراء متباينة بقدر تباين تلك الظروف.
فمنهم مثقفون حقيقيون ومنهم أشباه وآخرون أدعياء لا يمكن أن يشاركوا الأمة في همومها , فمن الواجب علينا أن نضعهم خارج الهّم والاهتمام , ولهذا تصبح درجة الخلاف واسعة بين المثقفين الحقيقيين والمثقفين الأدعياء , ويقول سارتر (يصبح المثقف مزيفا , ويصبح من ألد أعداء المثقف الحقيقي , وإن المثقف المزيف يدافع عن حجج تبدو واهية , وتقدم نفسها على أنها حجج دقيقة الاستدلال , وهو بداية وقبل كل شيء خائن ومرتش على الأقل) هؤلاء هم فارغون وغير معروفين على الساحة الثقافية , فيحاولون إبراز أسمائهم بقاعدة خالف تعرف وبطريقة وحيدة هي أن ينتقدوا السلطة ويدّعون بأنهم الوحيدون القادرون على تغيير خارطة العالم بما يملكون من معارف ويلغون الآخرين في حين أنهم يتحدثون في هذا السياق بأن الآخرين يريدون إلغائهم , وهكذا الموضوع أصبح سجالا لا أكثر ولا أقل .............
من خلال تلك الصورة يمكننا أن نتبين أن هؤلاء يسيرون بين صفوف المجتمع لهم علامات فارقة , فهم لا يحملون الهّم الاجتماعي , ويصبح هؤلاء بعزلة مع المجتمع وغير قادرين على الاندماج بين أوساطه , والمجتمع يبادلهم الشعور ذاته , وكما يقول هنري جيمس " إن بعض الناس عدم التعرف عليهم واجب اجتماعي "
وتتصلد أفكارهم بدعوة أنهم يقولون الحقيقة المطلقة في أي موضوع يتكلمون أو يبدون رأيا فيه فلا رأي بعده ولا قبله , وعلى هدي هذه القاعدة فماذا يمكن أن نقول للذين من قبلهم ؟ وكانت عصارة أفكارهم أساسا في استنباط الأفكار التي تلتها والحالة تلك بادعائهم ماذا سيبقى للآخرين من بعدهم من آراء ؟ والشكل الآخر الذي بدأ يلوح في الأفق في الكتابات أيضا أن هناك أفكارا مستوردة من أمم وشعوب أخرى لهم تجارب معينة ومروا بظروف مختلفة عن الظروف التي يعيشها المثقفون في مكان آخر ضمن بيئة ومجتمع معين , وصاغوا أفكارا ونظريات كانت متسقة مع ظروفهم ويريدون تطبيقها ضمن بيئة جديدة ومع فارق زمني أحيانا متناسين طبيعة المجتمع ومنمنمات حياته وظروفه , وما هو الأساسي من العوامل وما هو الثانوي , ألم يكن هذا المفكر الذي استطاع أن يجلب هذه الأفكار من الآخرين بقادر أن يبدع لواقعه من نظريات وحلول ويطور من حياته ونظم مجتمعه ؟ ولا ضير في ذلك عندما يطلع المثقف إلى ما توصلت إليه التجارب الأخرى للشعوب من معارف وعلوم ونظريات لتساعده هذه الأفكار والعلوم في إيجاد الحلول ولن تكون بصيغتها الجامدة والجاهزة وندرك جميعا أفرادا ومجتمعات وشعوب لن يعيش كل منا بمعزل عن الآخر, وعبر مسيرة التاريخ تداخلت العلوم والثقافة والحضارة , فلم تقف عند حدود الجغرافيا والقومية وساهمت بالقدر الذي وضعه أبناء هذا المجتمع أو ذاك في الحفاظ على تراثهم وثقافتهم وحضارتهم , وكانت قوتها بقوة أفكار أبناء هذا المجتمع واختلطت الغايات والسبل وحملت بين طياتها الغث والثمين , وهذا منوط بأبناء تلك الأمة الذين يستقدمون الأفكار والنظريات وينسون أن لديهم أقوى من هذه البراهين والعلوم من زاوية وما نراه من زاوية أخرى عندما يبدأون الحديث عن الثقافة والعلوم والمعارف والإبداع , فأنهم لو أتعبوا ذاكرتهم قليلا لوجدوا أن أساس كل هذه العلوم الغربية هي من تراثهم الشرقي , وتراث أجدادهم وماضيهم التليد , ولكن أصبحوا غرباء على المعرفة والثقافة , فتغربت الثقافة والمعرفة عنهم , فهل تهافت البعض من إسداء المعرفة لأبناء أمتهم ؟ وقول آرائهم بدون مواربة أم أن أولئك لم يسمعوا لهم ولآرائهم ؟ وبقي كل واحد منهم في واد , فهل هذا كان سببا من أسباب تخلفنا ؟ وهل كان تخلفنا سبب في تقدم الآخرين ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيك سوليفان: -قرار تجميد شحنة الأسلحة، لا يعني أننا سنتخلى ع


.. اتساع رقعة العمليات العسكرية في غزة رغم الدعوات الدولية لوقف




.. معارك ضارية في الفاشر والجيش يشن قصفا جويا على مواقع في الخر


.. -منذ شهور وأنا أبحث عن أخي-.. وسيم سالم من غزة يروي قصة بحثه




.. بلينكن: إذا قررت إسرائيل الذهاب لعملية واسعة في رفح فلن نكون