الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى التافهين . . سادة هذا الزمن الوضيع

أمين أحمد ثابت

2022 / 10 / 27
المجتمع المدني


سحرت في فضاءات من الجمال المطلق لوجود الانسان وعالمه الذي لا يحد ابدا بأي من النواقص ، سحرت ولم اع كم عبر علي زمن من عمر طافر مني ، اطفو فوق الظواهر والاشياء ، فوق البشر والتاريخ والاكوان و . . لا يستوقف سيري شيئا – اهيم ، اتقلب سابحا ، اغازل كل ما احبه واراقص كل من فتن برقصي ، ارخي جفوني واشدها مبحلق بأوسع الحدقات – هو السحر الذي اتى به الانسان اعلى من كل ما هو موجود . . ( الفن ) – نعم السمفونية نمطا او نوعا من الموسيقى ، ولكنه لا تقارن به بقية انواع الموسيقى – اجدني اعجز على اعطاء توصيف لرقي سام من ألوان الفن الادبي لمبدع خالص ترتقي ابداعاته لمصاف اطلاق عليها – في تصوري – بالسمفونيات الاصيلة الراقية ، المصورة بأحرف اللغة البليغة مقابل تلك المصورة بأحرف النوتة الموسيقية – لتكونوا معي لحظة متحررة الخيال ، أليستا رائعتي غابرييل غارسيا ماركيز مائة عام من العزلة وخريف البطريرك سمفونيتين ادبيتين نادرتين منفردتين بذاتيهما دونا عن غيرهما من الروايات – عبر التاريخ – ومثليهما الشيخ والبحر لهيمنجواي ارنست و تاراس بولبا لكانتزاكي والجريمة والعقاب لتشايكوفسكي والحب في زمن الكوليرا – وأليست لوحات دافنشي سوى سمفونيات تشكيلية بفرشاة الرسم وفان جوخ وسلفادور دالي – وأليست روائع المجسمات المهولة الاحجام من البرونز والصلب المجسمة في العديد من عموم بلدان الاتحاد السوفيتي القديم . . تعد سمفونيات نادرة مقارنة بكل اعمال النحت المنتج بشريا – ومثل ذلك فنون عمارة المدرجات الرومانية والقصور المعمارية الممتدة ارثا من الاغريق وهندسة بناء المدن الحديثة . . أليست تتجلى في ذهنك كمسار شبحي للتاريخ العابر خلال مزيج من العواصف والفوضى والاستقرار والحلم والعشق الذي لا يتوقف – هذه وغيرها من الكنوز الثمينة غير المتكررة في التاريخ . . اشيعت عبر امتداد الارض بشعوبها بأجناسهم واعراقهم ولغاتهم المختلفة خلال مئات من الاجيال حتى صار كل عبقري خلد بسمفونيات عريقة مستثناة عن غيرها من نفس نوع ولون الابداع الفني . . صار إرثا مملوكا لكل بشري وفي أي زمن من وقتنا هذا وحتى المستقبل البعيد – نعم كل واحد منهم هو مني وانا منه – كنت فقيرا ام غنيا ، مسئولا او مرؤوسا ، من جنسية موطنه او من جنسية أي كانت . . .

وبهذا الادراك السابق ، استغرب انسان هذا الزمن العربي الوضيع ، تحديدا من يعرفون بأناس البناء الفوقي لمجتمعاتنا ومؤسساته الحكومية والاهلية . . الموصفون بالنخبة العليا للمجتمعات العربية ، كيف يعبران عملاقان لا يتكرران في التاريخ كغيرهم من مبدعي السمفونيات الخالدة – بالأصل الذي اعتبرناه مجازا – كما هو بتماثل مجازي بالموسيقى ك . . بتهوفين ، موزارت ، باخ ، شتراوس ، شوبرت وشومان وغيرهم لا تحضرني اسمائهم – انهما الخالدان محمود درويش ونزار قباني ، انهما ليسا ملكا لاهليهما ، وليس لموطنهما الاقليمي الصغير وليسا ملكا إرثي للعرب ، انهما ملكا للبشرية جمعاء منذ ظهورهما وكل التاريخ البشري القادم – كيف تنفق مليارات المليارات من الاموال تنفق للحروب والاقتناء واللهو والعاهرات والخمور والمخدرات والقمار و . . حتى لتعميم الفساد وتعميقه وتعميم الروح الانتهازية الرخيصة كأخلاق معيشة وحياة – بينما العطاء السيمفوني المتنوع والكثير لهاتين الفلتتين العربيتين المعاصرتين – اللتين كانت مرآتهما القديمتين المتنبي وأمرؤ القيس – يعبران من بين ايدينا وبمجرد موتهما يصبحا ذكرى يفقد تذكرهما بواقع حياتنا المشوهة قيما اليوم وغدا – كيف سيأخذان مكانيهما بشريا إن لم نقدمهما بفهم فرادتهما للعالم بكل اللغات المكتوبة والمنطوقة ، وتوضع عطاءاتهما محل تنقيب وبحث لاستخراج الكنوز داخلها بعلمية وحرفية فنية جمالية التصوير عبر مختلف مصورات الفنون – صدقوني لو عرف علماء الجمال والفنون المختلفة والنقد وعلماء الانسانيات وعلماء النفس الجمالي والتطبيبي التحليلي في عموم المجتمعات البشرية بوجود مخلفات من الكنوز الفريدة لمثلهما . . سيحاكمونا اخلاقيا وربما يصل الامر قانونيا بحجب مثلهما عن انسان العالم .

إن ما اقوله ليس حبا تأثريا بهما ، بل في استقراء كثيف لأكثر من اربعة عقود للمخلف البشري الإرثي من الكنوز الفنية الثمينة – قديما وحديثا – وأقولها بمسئولية لم اجد المصور الخارق للعادة لروح الانسان في متضاربه اللحظي في وجوده العلاقاتي بين المقاومة – الانكسار – المقاومة ، بين المهذب الجسدي والانتهاك الروحي المسبب بتخاذل الاخرين او التآمر وبين الروح الثائرة المتوثبة المتجددة التي لا يلينها شيء ، بين جدلية التاريخ والواقع ومتشظى الروح ، بين مصورات الانسان اللامتناهية الابعاد وبين القضية المتلونة فلسطينيا وعالميا ، بين الجمال الخرافي لبنية التصوير السياقي والحكم المنثورة كألاف من الدرر واللآلئ في نسيج نصوصه الشعرية ، التي لن يجد فيها أي انسان كان في مكان من العالم وموضعه و . . في أي زمان كان – موجودا او متخيلا سيأتي ام ذهب في القدم – لن يجد نفسه إلا في ثنايا الجمل الشعرية لدرويش وسياقاته المفعمة بالروح والإشراق والجمال وعند حب الحياة – ومن الجانب الاخر نزار قباني ، فلعمري لم اصادف علما او ادبا او فنا جماليا وصل الى درجة بسيطة الى ما هو منتجا في شعر القباني ، وتحديدا في النفس البشرية بتلوناتها من خلال العلاقة – المتصلة او المنقطعة – بين الرجل والمرأة ، حيث يظهران فيها كسابحين في فضاءات مفتوحة لا نهاية لها من السحر وقيم الانسانية السامية – ببساطة وبشكل محدد بعينه لم يطرح ابدا ( فنا او علما ) عبقرية مجسدات الشهوة والرغبة كجمال روحي مطلق البراءة عن الطبيعة الغريزية لتلك الموصفات – ولن أخوض في السلاسة المتناهية للسياقات الشعرية غير المتكررة في النصوص ، ولن اخوض في الدفق المتواصل تجددا عن حد يوقفه للمشاعر المتضاربة والسياقات الشعورية المكتظة والمتداخلة كموج البحر الهادر وهدأته عند اطراف الشواطئ الرملية وعكس حبيباتها كالذهب البراق ، ولن اخوض حول تخلق المفردات والصور كساحرين للغة الشعرية ، كما لو انهما ينهلان اللغة والمفردات من محيط عميق غائر عمقه لا نعرفه وإن عرفناه لا نصل إليه او يصل إليه غيرنا من البشر – انهما ارث بشري ، لنخجل قليلا منهما لنيل مكانتهما عالميا ، ولينال انسان التاريخ البشري حقه من عطائهما العبقري – اخيرا بصورة عرضية ، كم من النشر والترويج والدراسات البحثية والرسائل والاطاريح العلمي التي قدمت حول المتنبي او امرؤ القيس او الجاحظ او المعري بمختلف اللغات . . مقارنة بهاتين الفلتتين في التاريخ !!!!!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح المجاعة يخيم على 282 مليون شخص وغزة في الصدارة.. تقرير ل


.. مندوب الصين بالأمم المتحدة: نحث إسرائيل على فتح جميع المعابر




.. مقررة الأمم المتحدة تحذر من تهديد السياسات الإسرائيلية لوجود


.. تعرف إلى أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023




.. طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة