الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرياضة قبل العلم

أحمد فاروق عباس

2022 / 10 / 27
التربية والتعليم والبحث العلمي


لدى عادة محببة ، وهى قراءة المجلات القديمة ، وبينما كنت أقرأ فى عدد قديم من مجلة الهلال - عدد أكتوبر ١٩٤٨ - وجدت مقالاً لكاتب كان مشهوراً أيامها ، إسمه د . أمير بقطر ، وهو خبير فى التربية والتعليم ، عنوانه " علموا أولادكم القتال " وفكرة المقال هى أن هناك اهتماماً زائداً عن الحد فى مصر بتعليم العلوم ، وحشو أدمغة التلاميذ بالمعلومات ، يقابله تدنى الإهتمام بصورة غير مبررة بتعليم الرياضة البدنية للنشء والتلاميذ !!

فالرياضة تعلم الإنسان قوة التحمل ، والتنافس ، والصبر على المشاق ، والامانة ، وتخلق في الشخصية الإنسانية مالا تستطيع المعلومات المجردة خلقه من الصفات ..
وقد فهمت الأمم المتقدمة ذلك فأعطت للرياضة أعظم اهتمامها ، وخلقت من شعوبها أمماً رياضية بطبيعتها ، ومن المهد إلى اللحد ..

ويضرب الكاتب أمثلة على بعض الأمور يختلف فهمها والتصرف بشأنها عندنا في مصر عما يحدث فى الغرب ، فقد بلغ حب الغرب للتنافس أنه فى المشاجرات - وخلافاً لما يحدث عندنا من تدخل البعض للفض بين المتشابكين - يحدث عندهم أن يترك الشخصان يتلاكمان إلى أن يستسلم أحدهما للهزيمة !! ويرون أن ذلك أقرب لمبدأ التنافس الحر ثم الفوز أو الهزيمة لأحد الطرفين وانتهاء المشكلة ( يحدث عندنا فى الغالب عند التشاجر مقدمة طويلة من الشتائم المقذعة من كلا الطرفين ، ثم تهديد بعظائم الأمور ، وينتهى الأمر فعلياً بانتظار " أهل السلام " لفض المشكلة قبل استفحالها !! )

وهذه ليست دعوة طبعا لترك المتشاجرين ، ولكن هى بيان لطبيعة تصرف وفهم الشعوب ونظرتها للأمور ..

ويرى الكاتب أن الجماعات كالافراد ، كلما اشتدت عزائمهم وقويت سواعدهم ، وتوافرت عدتهم زادت ثقتهم بأنفسهم ، وحسب لهم العدو حساباً ، وزادوا عن حياضهم بسلاحهم ، ودافعوا القوة بالقوة ، وردوا السيف بالسيف ..
أما الجماعات الضعيفة فيحتجون ولا يقاتلون ، ويتكلمون ولا يفعلون ، ويستغيثون ولا يدافعون عن أنفسهم ، ويبررون ذلك بقولهم أنهم محبون للسلام وأعداء للحرب والخصام ..

وينتهى المقال بقول الدكتور بقطر " خففوا قليلاً من مناهج الجبر والهندسة ، والجغرافيا والتاريخ ، والإعراب والنحو والصرف ، فوالله إن الإكثار منها جهد ضائع ، والإسهاب فيها تقليد وعرف أكثر منه نفع عملى وفائدة ، وأكثروا من الرياضة البدنية ، وعلموهم الشجاعة والشهامة والقتال " ..
إنتهى المقال ، وظللت أفكر فيه لبعض الوقت ..

- هل ما ذهب إليه الكاتب صحيح ام أنه يبالغ فيما يرى ؟

- هل ذلك ( إذا كان ما ذهب إليه الكاتب صحيحاً ) هو سبب ما نراه من " رخاوة " بعض الشباب المصرى فى الوقت الحالى - حيث الشكل والشعر مثلا أقرب الى البنات منه إلى البنين - واللين المبالغ فيه فى الكلام والأفعال ، والرقة الزائدة أحياناً عن الحد !!

- هل هو تفسير ما نراه من استغراق الشباب المصرى فى الأحلام التى لا يساندها إستعداد أو قدرة ، ومن تمنى اشياء لا نرى محاولة لتحقيقها في الواقع ، ومن الشكوى الدائمة من أى شئ وكل شئ ؟

- هل هو سبب تمنى أغلب الشباب المصرى - على غير أساس قوى فى أغلب الأحيان ، وعن تقدير مبالغ فيه للذات - للهجرة خارج البلاد ، تحت اعتقاد أن مصر لا تقدر كفاءته ! ولا تعطيه حقه أو ما يتصور أنه حقه !! وأن العيب كل العيب في الدولة أو النظام ، وأن المنظومة - وهو اللفظ الذى شاع استخدامه لإعطاء الإحساس بالفهم - كلها غير جيدة ، وأنه إذا سافر ، فستتكرر فوراً قصة أحمد زويل في شخصه ، أو - على الأقل - مجدى يعقوب !!

- هل هو السبب أن المصرى لا يخطأ نفسه أبداً ، بل يرى نفسه دائمآ على صواب ، ولكن الخطأ دائمآ على غيره ، سواء الآخرين الذين لا يفهمونه ، أو الظروف ، أو الزمان الغادر أو.... إلخ !

- هل أسلوب ونمط تربيتنا لأبناءنا خاطئ من أساسه ، وأن الإكثار من التدليل والدلع مسئول عن هذه الأمور ، وليس فقط عدم تعويد الشباب المصرى الكفاح والتنافس والقوة ، وهى الأمور التى يرى الكاتب أن الرياضة تقدمها أكثر من العلم ..

- هل هو الذى خلق من جزء كبير من المصريين صورة الرجل " الفاتر "الذي لا يتحمس لرأى أو سياسة أو مبدأ ، أو يهاجم ذلك الرأى أو السياسة أو المبدأ إذا رأى فيه ما يعتقد أنه خطأ ، إنما يقف عند مفترق الطرق ، يحاول إرضاء جميع الأطراف ، محاولاً أن " يحبه "الجميع ، لذا فهو يحاول إرضاء الجميع !!

خواطر أثارها مقال قديم ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية