الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كهنة الثقافة وكهنة الأديان

منى نوال حلمى

2022 / 10 / 30
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


-------

مثلما نعاني من الإرهاب تحت ستار، «الديـن» توجد ظاهرة أخـرى موازية هي الإرهاب تحت ستار «الثقافة». مثلما هناك جماعـات تـقـوم بتكفير البعض، والمطالبة بإهدار دمه، وتصفيته جسديا باسم الدين . هناك «شلل» تقوم بتكفير البعض فكريا، وإهدار دمـه إعلاميا، وتصفيته أدبيا باسم الثقافة.
مثلما هناك جماعات تدعى امتلاك الحقيقة الدينية، نجد جماعـات تدعى امتلاك الحقيقة الثقافية.
الأولى : تزعم أحتكار تفسير الدين، والحكم على المؤمنين والمؤمنات.
والثانية : تحتكر تفسير الثقافة والفن والأدب والحكم على المفكرين والمفكرات.
امتلأت حياتنا الثقافيـة بـ «الكهنة» أغلبهم من الذكور، الذيـن يسترزقون من التفقه في تصنيف الأدباء والأديبات، ونقد المبدعـين والمبدعات. ولديهم قائمة اغتيالات معنوية، لكل منْ لا يؤدى طقوس الطاعة والولاء، ولكل منْ يتعفف عن تقديم القرابين.
ولديهم أيضا، قائمة اتهامات جاهزة للانقضاض على كل أديب، أوأديبة، مبدع أو مبدعة، أثبت وجوده من خارج عباءتهم، وليس في حاجة إلى رضاهم وبركتهم وشفاعتهم.
والكارثة أن هؤلاء «الكهنة» الذين نصبوا أنفسهم «آلهـة» الثقافة والفكر والإبداع والنقد ، يعرفون الطريق أكثر من غيرهم إلى وسائل الإعـلام، وبالتالي هم ينجحون في اختراق الرأي العام وإفساد الذوق الثقافي.
إن كهنة «الأديان» يحشون أدمغة الناس بما ينسجم مع تفسيراتهم الشخصية للدين، ومصالحهم السياسية الخاصة. وكهنـة «الثقافة» يحشون أدمغة الناس بمنْ يدعم رؤيتهم الخاصة للثقافة والإبداع .
وكما يقف أصحاب الإرهاب الديني طبقة عازلة بين الناس والدين الحقيقي، يحجب أصحاب الإرهاب الثقافي عـن النـاس بـجـدار سميـك معنى الثقافة الحقيقية وجوهر الإبداع الأصيل.
إن كهنة «الثقافة» وكهنة «الأديان» يدعمان بعضهما البعض. وهما ظاهرتان يفرزهما مناخ واحـد وترسخهما منظومة واحدة ، أو لنقل إنهما وجهان لعملة واحدة، وإن كنا نرى أن كهنة «الثقافة» هـم الأكثر خطورة ، فاستمرار الإرهاب الديني مرهون بسيادة الفكر الواحـد والتعصب لرؤى فكرية محددة تفرض حصارها وسيطرتها، وهذا بالتحديد ما يرسخه كهنة «الثقافة» . هم يزرعـون بـذور «التعصب» الفكـرى و«التزمت» الإبداعي، كأسلوب حياة ونمط للتفكير.
حركة الحياة، وإن أصابها بعض التراجع، هي دائمـا نحو الارتقاء، ولذلك فإن أصحاب المؤسسات «الكهنوتية» وأنصار الفكر «الكهنوتي» في الدين والثقافة على حد سواء، هم إلى زوال.
--------------------------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة