الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عام دراسي جديد بأمس الحاجة الى رفد التلاميذ بالتفاؤل والفرح

صادق الازرقي

2022 / 10 / 31
التربية والتعليم والبحث العلمي


ربما يعده البعض بطرا إن تطرقنا الى ضرورة توفير مستلزمات رئيسة يجب ان نؤمنها للمدرسة تتوفر عليها في العادة المدارس في البلدان المتحضرة، ومنها على سبيل المثال توفير وسائل الحماية من الحرائق، طالما ان نسب الحرائق التي تعرضت لها ما يعرف بالمدارس "الكرفانية" في العراق كانت الاكثر على صعيد العالم، كما لن نتطرق في هذه العجالة الى اساليب التدريس ومنها تخصيص جانب مهم من اليوم المدرسي لتنمية وتطوير الاطفال المعاقين او المصابين بعاهات، وتشجيع اهاليهم على زجهم في المدارس، وتلك اساليب اعتيادية في ظل الانظمة التعليمية المتطورة.
وفي الحقيقة فان العملية التعليمية يبدأ نجاحها من الاساس في طريقة اعداد المعلمين وأساليب تطوير مستواهم وعملهم؛ والملاحظ هنا ان كثيرا من الدول تعد ذلك اساسا للارتقاء بالعملية التعليمية وتضع لاختيار المعلمين اعتبارات وشروطا محددة، ففنلندا مثلا التي لفت تفوق تلاميذها الصغار انظار العالم استنادا الى دراسات بيسا (برنامج تقويم الطلاب الدولي)، الذي تنظمه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) التي توفر منصة لمقارنة تجارب السياسات، تركز فيها المدرسة على دعم الطلاب وإرشادهم على المستوى الفردي بدلا من التنافس والمقارنات، ويكون فيها المعلمون مدربين تدريبا رفيع المستوى، اذ يتطلب التدريس في جميع المراحل التعليمية في فنلندا حصول المعلم على درجة الماجستير، فضلا عن دراسات موسعة في العلوم التربوية والمواد الدراسية، بحسب النظم التعليمية الفنلندية.
وعلى صعيد احتياجات المدارس في العالم، فان بيانات برنامج الرصد المشترك بين منظمة الصحة العالمية واليونيسف، تبين ان 29% من المدارس على مستوى الدول تفتقر إلى خدمات مياه الشرب الأساسية، وان 28% من التلاميذ ما يزالون يفتقرون إلى خدمات الصرف الصحي الرئيسة، و 42% من المدارس تفتقر إلى خدمات النظافة الأساسية؛ والمفارقة المحزنة هنا ان مدارس العراق عدا اقليم كوردستان، تعاني من مشكلات جمة دأبت وسائل الاعلام لاسيما مع بدء العام الدراسي الجديد على ابرازها والتحذير من مخاطرها على العملية التعليمية، والملاحظ هنا ان مثالب العملية التعليمية تلك تتكرر في كل عام دراسي جديد من دون حل، برغم الاموال التي توفرت وتتوفر للبلد وبرغم التخصيصات للوزارات والجهات المعنية بالتعليم.
ومن ابرز المشكلات في العراق، افتقار كثير من المدارس الى المراحيض والمرافق الصحية؛ والمشكلات المتعلقة بتوفير الماء الصالح للشرب والكهرباء والنظافة والخدمات، ناهيك عن اكتظاظ الصفوف الدراسية واضطرار كثير من الطلاب الى الجلوس على الارض لعدم توفر الرحلات المدرسية، بل ان العام الحالي شهد افتتاح بعض الصفوف في خيم "جوادر" عزاء اقيمت على عجل في الهواء الطلق مثلما نشر وبالصور في وسائل الاعلام، كما ان معضلات توفير الكتب ومستلزمات الدراسة الاخرى يتجدد طرحها باستمرار، وكثيرا ما يتأخر توزيع الكتب المدرسية او توزع كتب تالفة وممزقة معاد استعمالها، كما يلجأ كثير من اولياء الامور الى شراء كتب ابنائهم المدرسية من السوق.
كما يجري ترك وسيلة التغذية المدرسية التي كثيرا ما يؤكد المتخصصون التربويون على اهميتها في مد التلميذ بالتفاؤل والفرح وهو يستقبل عامه الدراسي؛ تلك الممارسة التي جرى تطبيقها بصورة متقطعة في مدد سابقة في العراق ثم الغيت، كما تغيب الحوانيت المدرسية الصحية، التي يفترض تواجدها كبديل مؤقت عن التغذية المدرسية المجانية الشاملة، وبالطبع فان تلك المستلزمات الحياتية الداعمة للعملية التعليمية يحقق توفرها اهدافا هامة منها الحد من ومنع تسرب التلاميذ من المدارس؛ كما يجري في معظم الاحيان اهمال الدروس الفنية وحصص الرياضة برغم اهميتها القصوى على نفسية التلاميذ لاسيما الصغار.
تركز الحكومات بصورة رئيسة على التعليم الحكومي بما يجعله ندا للتعليم الخاص او الأهلي، اذ ان ذلك يحقق جملة مزايا من اهمها ترسيخ مفاهيم الدولة والمؤسسات واعداد جيل متعلم واع يسهم لاحقا بصورة فاعلة في ادارة الدولة والمجتمع على اسس سليمة، كما ان تأمين تلك المتطلبات يوفر للعائلات اموالا هي بأمس الحاجة لها في تأدية امورها المعيشية من دون ان تقتطع منها للصرف على ابنائها الملتحقين بما يسمى بالمدارس الاهلية في العراق، التي اصبحت تنافس مدارس الحكومة وتقصيها من اعتبارات المنافسة، بفعل ما يوفره كثير منها من مستلزمات وحاجات دراسية وحياتية تفتقر اليها مدارس الدولة؛ ما اثر على مستوى التعليم عموما، وهو ما يستوجب المعالجة السريعة من قبل الاجهزة الحكومية لردم الهوة بين نمطي التدريس لما تشكله الاقساط المدفوعة للمدارس الاهلية من اعباء على ميزانيات الاسر لاسيما ذوو الدخل المحدود والفقراء.
وبحسب الدراسات المتخصصة فان اهمال دور التربية والتعليم في العراق يؤدي بالضرورة إلى تدهور الاقتصاد والصحة وجميع مجالات الحياة؛ فحتى المناهج لم يجر تطويرها استنادا الى الواقع المعاصر لتواكب التقدم ومتطلبات العلم، كما لم توضع خطط فاعلة لإنشاء المدارس وتجهيزها؛ وذلك أضعف أساس الجودة في نظام التعليم مثلما يتفق عليه الجميع، وبنتيجته، اخفق نظام التعليم في الاسهام بإخراج البلد من الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الخانق.
وقد سجلت المنظمات الدولية المعنية بالتربية والتعليم انخفاضا متواصلا في كفاءة وجودة المعلمين والتعليم عموما في العراق، كما لا يعرف الطلاب استعمال المكتبات في المؤسسات التعليمية او خارجها ولا يشجعون على استعمالها ولا على القراءة الخارجية، كما تفتقر كثير من المدارس الى مكتبات خاصة، و يلاحظ التركيز في الاهتمام بالتعليم النظري العام الذي لا يصنع قوى مهنية للسوق ما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة لاعتماد الخريجين المفترضين لاحقا على التعيين الحكومي.
كما يجري في العراق التمسك بالمناهج وطرق التدريس القديمة المملة وغير المناسبة لميول الأطفال وهواياتهم، كما أصبح النظام التعليمي رهينة للتدخل السياسي، ناهيك عن معاناة كثير من المدارس، لا سيما تلك المتواجدة في المناطق الريفية والمناطق الفقيرة، من تدهور مبانيها التي تهدد صحة الطلاب وسلامتهم وفرص تعلمهم، بحسب ما تحذر منه الدراسات؛ وبالتأكيد فان امر وامور التعليم في العراق بحاجة الى دراسات شاملة تفصيلية ووافية وبالأرقام؛ تشخص فيها المشكلات بجرأة وتقترح الحلول تمهيدا لتفعيلها وتنفيذها، في سبيل الوصول الى حياة تعليمية سليمة نستطيع بتحقيقها ان نوفر الوعي المطلوب لتوجيه مستقبل البلد نحو الافضل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا