الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نصوص للتأمٌل

صادق إطيمش

2022 / 11 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إطلعت على كتاب وجدت محتواه جديراً بالنقاش لما يتضمنه من افكار تحاكي الاوضاع التي تمر بها كثير من مجتمعاتنا العربية والإسلامية اليوم، إن لم نقل جميعها.
الكتاب بعنوانه الأصلي باللغة الإنكليزيه:
The End of Faith
Religion, terrorisim, and the future of reason,
Sam Harris
مترجم الى العربية برعاية مؤسسة افكار بلا حدود بعنوان:
نهاية الإيمان ، الدين، والإرهاب، ومستقبل العقل
ترجمة: أسماء إبراهيم محمد تحرير: أحمد عبد المجيد
الطبعة الأولى: 2021
صادر عن دار سطور للنشر والتوزيع، بغداد، شارع المتنبي
ساحاول التطرق الى هذه النصوص كما وردت في الكتاب حرفياً، بغية مناقشة ما يمكن مناقشته والذي قد يلامس بعض ما تعانية مجتمعاتنا العربية والإسلامية اليوم، وخاصة ما يعانيه مجتمعنا العراقي من التجارة بالدين وما ينتج عن هذه التجارة من ارهاب ومن تغييب للعقل وتعميق للجهل الذي يشكل الركيزة الأساسية لكل ما تواجهه شعوبنا اليوم من تخلف وتراجع مميت عن المساهمة في الحضارة الإنسانية.
النص الأول على الصفحات 8 و 9 من الكتاب:
"" إن وضعنا يتمثل بالتالي: أغلب الناس في هذا العالم يؤمنون بان خالق الكون قد كتب كتاباً. ولقد ابتلينا بوجود الكثير من هذه الكتب في متناول ايدينا، والتي يدعي كل منها العِصمة حصرياً. ويميل الناس لتنظيم انفسهم ضمن طوائف تبعاً لما يعتنقونه من هذه الإدعاءات المتنافرة، وليس تبعاً لقواسم اللغة ولون البشرة ومكان الولادة او المعايير القبلية الأخرى. ثم ان كل نص من هذه النصوص يحثُ اتباعه على تبني طيف من العقائد والممارسات، بعضها غير خطرة، لكن الكثير منها ليست كذلك. تنضوي جميعها ضمن إتفاق فاسد ينص على نقطة ذات اهمية جوهرية ألا وهي ان "احترام" الأديان الأخرى او آراء غير المؤمنين ليس بالسلوك الذي يقره الله. ورغم ان روح المسكونية* قد لامست كل الأديان في كل مكان، إلا ان العقيدة الأساس لكل تقليد ديني هي ان كل تلك الأديان الأخرى حاملة للآثام أو انها ـ على احسن تقديرـ ناقصة على نحو ينذر بالخطر. ولذا يُعد التعصب متأصلاً في كل عقيدة. فحالما يؤمن الفرد ايماناً خالصاً بان هناك افكاراً تقود الى السعادة الابدية او الى نقيضها، لا يعود متسامحاً تجاه احتمالية ان يظلَّ احباؤه عن الصواب من خلال تعرضهم لإغراءات غير المؤمنين. إن اليقين بوجود الحياة الأخرى يتعارض بكل بساطة مع التسامح في هذه الحياة.""
هناك محطات كثيرة يجدر بنا التوقف عندها في هذا النص الثري بالتمعن الفكري تجاه الأديان ومعتنقي تعاليمها على اختلاف درجاتها في الوضوح والغموض.
المحطة الأولى هي مسألة الكتاب السماوي الصادر عن الخالق في السماء والتي تعددت بشكل يوحي الى السؤال عن المؤلف الحقيقي لكل منها بالنظر لما اختلفت فيه هذه الكتب من اطروحات تعالج نفس الموضوع، مما يثير السؤال المحق: اية اطروحة من هذه الأطروحات المتنافرة نتبع وايتها نترك وبالتالي اي مؤلف نتبع وايهم نترك؟ ولنا في الأمثلة الكثيرة التي تتناول موقف الإنسان من الخطيئة في هذه الكتب، بل وفي نفس الكتاب احياناً، وهل هي ذاتية او مكتسبة؟ وإذا كانت مكتسبة، فمن ماذا او ممن؟ وهناك امثلة اخرى غير قليلة يتصدرها اسم مؤلف الكتاب الذي اختلف تبعاً لإختلاف اللغات، إلا ان الكتب المختلفة لم تبين لتابعيها فيما اذا كان محتوى هذا الإسم بهذه اللغة هو نفس ذلك المحتوى بتلك اللغة او يختلف عنها؟
المحطة الثانية المتعلقة بمسألة الإنتماء، اي ما نسميه اليوم بالهوية وكل اشكالاتها التي تحدد الإنتماء الذي جعلته الأديان للطوائف الناجمة عنها ولكل ما يتفرع عنها من فرق ونِحَل تحدد للتابع مجال حركته في مجتمعه ونوعية علاقته بالمجتمعات الأخرى. وعلى هذا الأساس فإن ما نطلق عليه اليوم بالهوية الإنسانية من خلال الإنتماء الى الجنس البشري والتعامل مع الأخرين والحياة بينهم على هذا الاساس الذي لا يفرق بين الأسود والأبيض او بين الفقير والغني وبالتالي بين المؤمن بعقيدة ما وغير المؤمن باية عقيدة، يصبح بعيداً عن التطبيق الفعلي في مجتمع ينشد الأمن والسلام. او من خلال الإنتماء الى الهوية الوطنية وعلى تلك المساحة الجغرافية الصغيرة التي تضم اناساً يتحركون على ارضية مشتركة وبالتالي فإن لهم مصالح مشتركة على هذه الارض التي تسمى وطناً.
المحطة الثالثة المتعلقة بالتعصب والتسامح، هاتان الأطروحتان اللتان تتناولهما جميع الأديان بهذا الشكل من التركيز او ذاك من التعميم.
لا يخلو اي دين من الأديان من ترديد مقولات الرحمة والأخوة والتعاون والتسامح وعمل الخير وتجنب المعاصي وغير ذلك من مقومات الأخلاق التي لم تتحقق في اي مجتمع من المجتمعات التي جعلت المبادئ الدينية اساساً لتعاملها مع الأخرين او ما بين معتنقيها. وتاريخ الأديان والكتب التي تستند عليها هذه الأديان يقدمان لنا امثلة حية على ذلك.
فأوربا التي كانت تحكمها المسيحية في القرون الوسطى انتجت للعالم الحروب الصليبية بكل مآسيها التي استمرت لمئات السنين. واليهودية التي لم تكتف بالحرب بين طوائفها المختلفة، اوجدت الصهيونية التي تقتل وتهدم وتدمرما شاء لها التدمير تحت سمع وبصر ورضى بعض اشقاءها في الإنتماء الطائفي بين المسيحيين والمسلميين. والإسلام الذي اوجد لنا الإسلام السياسي الذي اصبح تجارة المنتمين لهذا الدين طائفياً، ولنا في اخلاق تجار الدين في العراق وتعاملهم مع المبادئ التي يزعمون بانها تشكل صلب عقيدتهم التي لم ير المجتمع العراقي تطبيقها إلا من خلال اللصوصية والجريمة وانتهاك كل ما يمت الى الاخلاق والشرف بصلة.
ربما يستطيع قراء هذا النص، والنصوص التي تليه لاحقاً، من الصديقات الفاضلات والأصدقاء الافاضل ان يتعمقوا في قراءة النص لإستكشاف بعض ما خفي عليَّ من محطات يمكن التوقف عندها كمحاولة للمساهمة في طمر بعض مطبات الجهل والتجهيل التي يعاني منها مجتمعنا اليوم والتي اصبح الدين، من خلال تٌجّاره، المصدر الرئيسي لها.
الدكتور صادق إطيمش
• المسكونية هي حركة تهدف للتقارب الديني والوحدة بين الكننائس المختلفة، ويُقصد بروح المسكونية هنا ثقافة التقارب الديني التي تبديها الطوائف والأديان بشكل عام تجاه بعضها. (المترجمة)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القبض على شاب هاجم أحد الأساقفة بسكين خلال الصلاة في كنيسة أ


.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهدافها هدفا حيويا بإيلا




.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل