الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني الفصل السادس القضية الكردية في الشرق الاوسط وسبل الحل المحتملة 1-26

عبدالله اوجلان

2006 / 10 / 4
القضية الكردية


3 ـ النزعة التحررية الشعبية
إن اعتماد النزعة التحررية لشعب كردستان على هوية الحرية والمساواة التي سادت في العصر النيوليتي، يجعلها أكثر واقعية وتعليمية، حيث أن مفاهيم المساواة والحرية الطبيعية الخاصة بالكيانات الأثنية لذلك العصر وفي مجتمع يشكل أجداد وأمهات الشعب الكردي المعاصر تحتل مكانة هامة في حنين وحياة العشائر الريفية والعائلات القروية بشكل عام، حيث تظهر هذه الحقائق بشكل أقوى في المناطق الجبلية، فلا زالت النزعة التحررية الطبيعية تحتل مكانة هامة جداً لدى الشعب باستثناء الفئات العميلة التي تأخذ مكانها ضمن الطبقة العليا لنظام العبودية في العصور الأولى والوسطى، فمفاهيم الخدم والعبيد لا تجد إمكانية التطبيق إلا داخل أنماط الحياة والعلاقات المرتبطة بالطبقات العليا العميلة، وعلى الرغم من تأثير شبكة العلاقات ومقاييس حياة الرأسمالية، لا زال البحث قائماً عن مفاهيم المساواة والأخوة والحرية الطبيعية لدى الشعب، ونظراً لهذا الواقع فليس من المصادفة أن تكون الجوانب التحررية متطورة لدى الشعب الكردي أكثر من كل شعوب الشرق الأوسط، لأن هذا الأمر مرتبط بتطورهم التاريخي، إن انعزال الطبقات المهيمنة والمستغلة وعدم تقديمها أية قيمة إيجابية وعيش الشعب في وضع المقاومة على مدى التاريخ ضد الطبيعة وضد الاحتلال الأجنبي، لعب دوراً هاماً في اكتساب الشعب الكردي هذه الخاصية، ووجود المرأة في المقدمة ضمن هذا التوجه أمر يرتبط بهذا الواقع التاريخي، حيث لا زالت ثقافة الربة الأم التي كانت قوية في العصر النيوليتي تعيش بكل قوتها لدى الأمهات الكرديات، ولا يوجد احترام والتزام كبير بطراز الحياة والثقافة والدين الذي جعل الرجل مهيمناً، بل أن الذين يحترمون ذلك ارتضوا بهذا الوضع بسبب التقاليد والضغوط المادية والمعنوية، ومن المعروف أن هؤلاء يتمردون كلما وجدوا فرصة سانحة.
كما نجد أن الكرد تحولوا إلى فقراء وكأنها نزعة تاريخية، فقد بدأت هذه الظاهرة في الأحياء المحيطة بالمدن السومرية والبابلية والآشورية واستمرت على مدى القرون الوسطى، اذ تشكلت المدن في كردستان كما تتشكل حواضر الأمم الحاكمة الراهنة، أو الحواضر التي وصلت إليها الإمبريالية، حيث تشكلت على نمط مكان للمشردين والرحل الفقراء، وقد ظهرت أساساً لخدمة القوى الحاكمة الأجنبية والطبقات الحاكمة أكثر من تشكلها بشكل متداخل مع طبقاتها المهيمنة، فكان لأشباه العمال ولحياة التسكع التي تفتقر إلى كافة الشروط الصحية والثقافية والتعليمية وكأن حياتهم الأليمة أشبه بالقدر الظالم بسبب القمع الذي تم ممارسته ضدهم من قبل المهيمنين المحليين من جهة والمتسلطين الغرباء من جهة أخرى، بالإضافة إلى استغلال قوة العمل التي تعمل بأرخص الأجور، والأمر الطبيعي أن يكون هؤلاء في حالة غضب دائمة ضد هكذا نمط من الحياة، فقد شعروا بهامشيتهم من الأعماق، مما أدى إلى خلل في التوازن الروحي وإلى البروز المفاجئ والمشاجرات العائلية والشخصية التي سادت في كل لحظة، إن افتقارهم لشروط النضال الطبقي المعاصر وإمكانياته أرغمهم على المشاجرات الفردية والعائلية وحتى العشائرية، كما أدى تآمر الطبقات المهيمنة بشكل منظم، إلى واقع شعب يجعل من المشاجرات المستمرة بين أفراده نهجاً له، ولهذا يحتاج هذا الشعب إلى ثقافة سلام عميقة في داخله قبل أي شيء آخر.
لقد أدى تكاثف علاقات الإنتاج الرأسمالية إلى رسوخ نمط الفكر القديم، بحيث أصبح صفة جماهيرية في تشكيل شرائح عاطلة عن العمل وعمالة شبه موسمية، وعدد قليل جداً من عمال الصناعة، بينما نرى أن البطالة متفشية بين شريحة الشباب أكثر من أي شريحة أخرى، مما دفعها إلى الهجرة الجماعية نحو المتروبولات العالمية بشكل عام والأوروبية بشكل خاص، وبهذا ظهر وضع ظلت معه عمليات الاحتلال والاستيلاء عاجزة عن تحقيقه على مدى آلاف السنين، ففي سبيل أحلام ساذجة ولأجل حياة بسيطة يتخلى هؤلاء عن أوطانهم وآلهتهم المقدسة، حيث لا يمكن أن تحل كارثة أكبر من هذه على أي شعب، ولا يمكن الوصول إلى وضع أسوأ من هذا الوضع الملعون.
شكلت هذه النقلة والتغيير الاجتماعي الذي أزداد كثافة في النصف الثاني من القرن العشرين الأساس المادي لنزعة تحررية شعبية معاصرة، حيث خلق الوعي التحرري الوطني والطبقية تصاعداً في هذه المرحلة تحت تأثير خارجي، ليصبح التأثر بالإيديولوجية الحديثة والوعي الحديث أمراً ممكناً، كما أدت التطورات التي حدثت في تكنولوجيا الاتصال إلى تسارع في مرحلة وعي جديدة، وعلى الرغم من أن هذا التأثير نجم عن النزعة القومية البرجوازية وعن يسارية الاشتراكية المشيدة إلا أن مفاهيم الاستقلال والحرية والمساواة، جعلت التراكم الإيديولوجي ممكناً، حتى ولو كانت هذه الحركة تحت تأثير عميق للدوغمائية والطوباوية، فقد تحقق تقييم التاريخ والمجتمع من أجل كردستان، وأصبح تقييم الشروط الذاتية والموضوعية أمراً ممكناً، وقد كان أثر التحركات المكثفة التي شهدها العالم في السبعينيات على الشباب والمثقفين الكرد الذين يأخذون مكانهم بين مثقفي وشباب تركيا مثلما كانوا يأخذون مكانهم بين مثقفي وشباب كافة دول الشرق الأوسط، وأدت إلى تقييمات تتعلق بتاريخ ومجتمع وطنهم وإلى حركات ذات مضمون قومي واجتماعي وإلى تأسيس التنظيمات، بحيث يمكننا أن نطلق على هذه التحركات اسم نزعة التحرر الشعبية، وكان حزب العمال الكردستانيPKK يشكل قوة لها أهميتها ضمن الكثير من المجموعات وتركت بصمتها على تلك المرحلة، إن هذا الواقع يتطلب الوقوف بعمق على هذا الحزب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا تحطم الرقم القياسي في عدد المهاجرين غير النظاميين م


.. #أخبار_الصباح | مبادرة لتوزيع الخبز مجانا على النازحين في رف




.. تونس.. مؤتمر لمنظمات مدنية في الذكرى 47 لتأسيس رابطة حقوق ال


.. اعتقالات واغتيالات واعتداءات جنسية.. صحفيو السودان بين -الجي




.. المئات يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة بإقالة نتنياهو ويؤكدون: