الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السجين..بين نير العقاب ونعمة الإصلاح..

محمد اسماعيل السراي

2022 / 11 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ان اكبر عقبة تلاقي النزيل في المؤسسة السجنية وكذلك القائمين على العملية الاصلاحية، هي سلب وتقييد الحرية مع وقت فراغ طويل جدا..ان وقت الفراغ يشكل عائقا وهماً للانسان العادي فما بالك بالفرد السجين..ثم ان تقيّد الحرية يرافقها تقيّد اشد ضررا وهو تقيد الحركة..فربما في سجون معينة كالسجون التي تحوي بضع مئات فقط وتكون صغيرة المساحة، والتي تفتقر الى المساحات الكافية والمرفقات الضرورية كساحات التشميس ومرافق الرياضة والتاهيل والاشغال وستكون بالضرورة مساحة قاعاتها بحجم صغير مع مايرافق احيانا من تكدس اعداد السجناء فيها بسبب الاكتظاظ فان ذلك سيؤدي الى ضغط مضاعف على السجين بتقييد حرية الحركة حيث ستكون القاعة السجنية اشبه بالعلبة المعدنية لسمك السردين.
ان من اساسيات وابجديات الاصلاح السلوكي في المؤسسة السجنية هي كيفية اهدار او استزاف اوقات الفراغ لدى النزلاء في انشطة عدة سواء تشغيلية او رياضية او تاهيلية وتعليمية، او ممارسة الهوايات المختلفة، بل ان حتى السماح للسجناء بطهو طعامهم بانفسهم يعتبرا نوعا من التاهيل والاصلاح السلوكي لانه سيمتص الفراغ الهائل الذي يعيشونه، سواء الواقعي بسبب تقيد الحركة ام النفسي بسبب شعور النزيل بعبء الوقت وثقله على ذاته .فتوجيه وشغل وقت الفراغ في الانشطة الاصلاحية المختلفة سينعكس ايجابا على سلوك النزيل بدلا ان يوجه هذا الوقت المهدور في الفراغ نحو انتهاج السلوكيات السيئة والعنيفة مثل الشجار وتعاطي المخدر وحيازة الممنوعات والسرقات او الاعتداءات والممارسات الجنسية المثلية وغيرها او ينعكس سلبا على نفسية السجين فتجد اغلب السجناء يصابون بالكآبة والتذمر وسرعة الانفعال او الكبت النفسي الضار للمشاعر والاحاسيس. فتجد اغلب السجناء يميل لتعاطي المواد المخدرة لاجل قتل الوقت الفعلي وتلاحظ في اغلب السجون ان السجناء ينامون اغلب النهار ويسهرون اغلب الليل لقتل الوقت فقط لانهم نهارا لا يفعلون شيئا سوى الانتظار الممل او تبادل الاحاديث فيما بينهم وفي احسن الاحوال التمتع بوقت قصير لايتجاوز الساعة في ساحة التشميس. ويحدث هذا في اغلب السجون الصغيرة الحجم او التي لاتحتوي على انشطة سجنية . ان السجون الاصلاحية الحقيقية يجب ان توفر بداية وقتا اطول للحركة الحرة داخل السجن من خلال فتح ابواب القاعات والسماح للنزلاء بالتنقل بين مرفقات القاطع السجني نهارا لساعات طويلة ولقاء السجناء مع بعضهم وتفاعلهم الاجتماعي الذي سيوفر نوعا من الانشغال وقتل الفراغ مع ماتوفره المؤسسة السجنية من مرفقات لانشطة عدة اهمها ساحات التشميس وساحات ممارسة الرياضة خصوصا الجماعية ككرة القدم والطائرة والسلة وممارسة هوايات عدة مثل الرسم والخط والتطريز والاعمال اليدوية.كذلك انشطة التشغيل سواء في ورش السجن المختلفة او الاشغال التي تقدم خدمات للمؤسسة ،كالتنظيف والبناء والاعمال العامة، وكذلك انشطة التاهيل الاخرى كالدورات التدريبة على المهارات المختلفة وايضا الانشطة التعليمية والتثقيفية. ويمكن ان يستثمر وقت الفراغ ايضا بانشغالات داخل القاعات مثل الالعاب الجماعية وممارسة الطبخ وتوفير وسيلة ترفيه كالتلفاز وغيرها.ماعدا مايمكن ان تقيمه المؤسسة السجنية من مهرجانات وحفلات تربط من خلالها اواصر العلاقات السجنية سواء بين السجناء ذاتهم او بينهم وبين عناصر المؤسسة السجنية. ان من اكبر الاخطاء اعتماد العقاب وحده كسياسة اصلاحية تنتهجها المؤسسة السجنية لان ذلك سينعكس سلبا على السجين سواء داخل السجن او بعد اخلاء السبيل، وان سياسة الحرمانات المتتالية سوف تفقد ثقة السجين بالمؤسسة الاصلاحية وبذاته وتنمي لديه النقمة على الجميع وتجعل منه عنيفا او مخادعا..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رد فعل لا يصدق لزرافة إثر تقويم طبيب لعظام رقبتها


.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصفه بنى تحتية عسكرية لحزب الله في كفر




.. محاولات طفل جمع بقايا المساعدات الإنسانية في غزة


.. ما أهم ما تناوله الإعلام الإسرائيلي بشأن الحرب على غزة؟




.. 1.3 مليار دولار جائزة يانصيب أمريكية لمهاجر