الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفسير السلوك الإجرامي

عاهد جمعة الخطيب
باحث علمي في الطب والفلسفة وعلم الاجتماع

(Ahed Jumah Khatib)

2022 / 11 / 5
أوراق كتبت في وعن السجن


مر تفسير الجريمة بمراحل تاريخية مختلفة, ويمكن القول بأن أولى التفسيرات لظاهرة الجريمة كان غيبيا, انطلاقاً من أن المحاولات الأولى لتفسير الظواهر المحيرة للأنسان, قبل ظهور العلم, كانت تعزى الى قوى خارجية غير مرئية. وعليه كان ينظر الى المجرم, في ذلك الزمان البعيد, على انه شخص تملكته روح شريرة (رمضان, 1985). ومن الحري بالذكر ان خطورة هذا التفسيرالغيبي تكمن في أنه لا يعد الفرد المجرم مسؤولاً عن جريمته, الامر الذي أدى الى ظهور تفسيرات جديدة أطلق عليها التفسيرات الطبيعيةNaturalistic Explanation) ) وقفت بالضد من التفسيرات الغيبية, وسخرت من أن يكون للأرواح الشريرة والشياطين أي دور في دفع الفرد نحو ارتكاب الجريمة, وقالت بأن الأفكار والأحداث الموضوعية والعلاقات القائمة في الواقع الذي يعيشه الفرد,هي المسؤولة عن ذلك, ومن المؤسسين لهذه النظرية (ماجوري, مورجان ورينر, 1997 (Maguire, Morgan& Reiner.
ان ظهور علم الجريمة الكلاسيكي (Classical Criminology) ادى الى تحول بشأن فهم الطبيعة البشرية, حيث تم التاكيد على أنها تمتاز بصفتين هما:العقلانية و الذكاء, وانهما تمكنان الفرد من اتخاذ قراراته وما يقوم به من أفعال, وانه يعمل وفقاً لمصالحه وليس اسيراً لقوى غيبية أو طبيعية.وعليه صار الإطار المرجعي يعزو الجريمة والأنحراف الى الأنسان نفسه وليس الى غيره، فكان أن ظهر القانون الجنائي (كيولن, ف.ت,2009).
وظهر علم الجريمة الوضعي (Positive Criminology) باراء مغايرة تماما تقوم على فكرة أن الأنسان غير حر في سلوكه, بسبب عوامل بيولوجية وحضارية تدفعه للقيام بأفعال خارج ارادته, وتتضمن الانحراف والجريمة.فكان أن انضوى تحت هذا المنظور نوعان من الحتمية؛ الأولى: الحتمية البيولوجية التي تنظر الى الصفات السلوكية بوصفها انعكاس لما يحمله الفرد من عامل وراثي, والثانية: الحتمية الثقافية التي ترى أن سلوك الأنسان ماهو الا انعكاس للخصائص الثقافية والاجتماعية والحضارية (فيلدماير, 2009& فيليز, 2009 .(Feldmeyer, 2009 & Velez,
وبرزت على الساحة العلمية في الستينات من القرن الماضي اراء تمثل الفكر النقدي(CriticalThinking) في السياسة والأقتصاد والتربية والأجتماع والقانون, بحيث انها تتجنب اشكالية ما اذا كان سلوك الانسان حراً أم حتمياً, وتركز في أهمية مساهمة الفرد في صنع عالمه الأجتماعي, وبالتالي فقد تم النظر الى الجريمة على أنها مجرد بناء اجتماعي, وان المجتمع وضع تعريفاً لها, وعلى وفق هذا التعريف يختار مجموعة من الأفعال والأفراد يجعلها موضوعاً لتعريفاته. وهو موقف ذاتي بطبيعته فالجرائم وصفات المجرمين تتحدد قانونياً وليس بناءً على وجهات وخلفيات المجرمين. ورأى بعضهم أن مفاهيم الجريمة والمجرمين ماهي الا وصمات او مسمياتLabels تضفى على أفعال محددة وأفراد محددين. وكانت اهمية هذا المنهج النقدي تكمن في أنه استطاع أن يحول التفكير بأتجاه دراسة معنى الجماعة وآثارها السلبية في الفرد والمجتمع، وإنه وجّه علم الجريمة النقدي الى دراسة مجموعة العمليات التي يمارسها المجتمع تجاه مجموعة من الناس والأفعال، والكيفية التي يصبح من خلالها هؤلاء مجرمين والأفعال جرائم. ومثال على ذلك أن معظم نزلاء السجون من الفقراء,لا بسبب فقرهم, انما القانون يطبق عليهم بصرامة, فيما لا يطبق بنفس الأجراء على مرتكبي جرائم الفساد المالي والأداري,لأنهم يكونون في العادة من الاغنياء ذوي الجاه والسلطان (كوبر, 2010 & والش & ايليز, 2004).
وعند مراجعة السجون والحالات الجرمية, نجد الكثير من حالات الجرائم والجنايات واللتي تمتاز بازدياد عدد حالاتها من جهة وتعدد انماطها من جهة اخرى. فهناك جرائم القتل, والسرقة, والفساد الاداري, والتزوير, وتبييض الاموال. ان هذه الجرائم عند استقصائها بالبحث والتحليل نجد بانها تمثل النظريات السابقة بشكل اوباخر.

المراجع:
1- أطروحة لنيل الدكتوراه للأستاذ كركري : الصلح بين أفراد الأسرة دراسة ففقهية قانونية اجتماعية 2000-2001 –ص 212
2- رؤوف عبد: أصول علم الإجرام والعقاب – ص 19








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان.. مدينة الفاشر بين فكي الصراع والمجاعة


.. إعلام إسرائيلى: إسرائيل أعطت الوسطاء المصريين الضوء الأخضر ل




.. كل يوم - خالد أبو بكر ينتقد تصريحات متحدثة البيت الأبيض عن د


.. خالد أبو بكر يعلق على اعتقال السلطات الأمريكية لـ 500 طالب ج




.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان تنديدا بالحرب الإسرائيلية