الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لم أجد مكانا لقلبي

نور الدين بدران

2006 / 10 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


1
لعله الاختلاف الوحيد ، أو الجذر الرئيس لاختلافي مع العالم .
أن كل شيء بنظر قلبي يمكن أن يقدم مجانا عدا الكلام، بينما لا يقدم العالم مجانا سوى الكلام.
2
أنا إنسان من كلام ، والعالم كتلة من باقي العناصر ، وكلانا يكذب إذا قلنا أن أيا منا بلا قيمة في نظر الآخر.
رغم أن ما يظهر في العلاقة بيننا هو الازدراء المتبادل أو الإهمال في أحسن الأحوال.
3
الخيوط السرية وبصيغة أدق الخطوط اللاشعورية لاتصالنا ، تنعقد على عقدة المبالغة وهي عقدة تشكل نمط تكوين كل منا، فلا حل مرتجى.
4
تعتريني عواصف كآبة كلما نظرت في هذا القدر أو في هذه العلاقة ، حيث الرغبة تفترق عن الواقع ، وأريد أن نكون صديقين مختلفين لا عدوين متناحرين.
5
ما يسمونه أزمة منتصف العمر ، كان في تجربتي بداية الحل، حيث وضعت الواقع على الرف وتركت له العقل ومضيت بصحبة الخيال على صهوة الرغبة ننهب فيافي الكلام.
6
حتى أنا ظننت أن هذه البداية مجرد هدنة مع العالم ، لكني بدأت أكتشف أنها مصالحة أبدية، فقد فتحت في أفقي زاوية صغيرة لمزهرية غريبة، من فوهتها الزرقاء تطل أزهار الخير والشر ، وما لبثت أن أحببت تلك الزاوية وتلك المزهرية وراق لي حبي فأحببته أكثر.
7
مازال العالم يرفضني لكنه أسير زاوية صغيرة في مخيلتي ، إنه صورة صغيرة في زاوية شاشتي العملاقة،
أمحوه بكبسة زر.
8
هذا الانتقال غيرني أيضا ، لم أعد ألعوبة في يد الكلمات، لقد تقطر حبي لها بعد غليان كان عمري وقوده.
9
حين تصدر الكلمات عن العالم ، يستلمها العقل ولا يكترث لما تحمله من حزن أو فرح ، أرى ملامحه كوجه من حجر ، لقد علمني أن وظيفته هي الفهم فقط ولهذا يعتبر العرس والجريمة حادثين، وعليه أن يفهم كل حدث.
10
سبب لي هذا الاغتراب نوبات كمدمن تأخرت جرعته، وظهرت بصور مضحكة أحيانا، وما إن بدأت أتماثل للحالة الجديدة حتى بدأت كلماتي تثير نوبات مرعبة لدى الآخرين ، فكرهني المحايدون وتجنبني بدهشة وفزع الأقربون.
11
ليس العالم كما أتصوره الآن كما لم يكن، ولم يكن كما تصورته، كان وما يزال بلا صورة قابلة للالتقاط مهما كانت سرعة العين أو العدسة ، إنه يتغير بسرعة تفوق حتى الخيال، والأكثر غرابة أن تغيراته غير ملحوظة إلا لعيون العقل.
12
هذا العقل الذي طالما قللت من أهميته، إنه الحجر الذي شج رأس عالمي القديم فنزف صديد الأوهام ونز صدأ الأحلام.
13
لأني لم أجد في رحلتي كلها مكانا لقلبي.
أرثي العالم والعقل والكلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بات اجتياح رفح وشيكا؟ | الأخبار


.. عائلات غزية تغادر شرق رفح بعد تلقي أوامر إسرائيلية بالإخلاء




.. إخلاء رفح بدأ.. كيف ستكون نتيجة هذا القرار على المدنيين الفل


.. عودة التصعيد.. غارات جوية وقصف مدفعي إسرائيلي على مناطق في ج




.. القوات الإسرائيلية تقتحم عددا من المناطق في الخليل وطولكرم|