الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل العدالة أهم من الاديان ؟ ج 2

علي جواد

2022 / 11 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نلاحظ هناك اتفاق بين التعاريف القديمة للعدالة والتعريفات الجديدة العصرية كأنما اتفق الجميع في أساس واحد وهو رغبة المجتمعات القديمة والحديثة في العيش ضمن اتفاقيات تضمن تحقيق نسب معينة ومقبولة وبتوازن من العدالة ، توجد حالات ظلم وحصلت انحرافات في هذه المجتمعات لكن تعتبر مقبولة نسبيا اذ يوجد ضمان تحقيق عدم المساس بكرامة الشعب.
يذهب بعض الفلاسفة مع منهج العدالة النفعية وغايتها هي اعطاء الحقوق في الدولة للجميع بالتساوي واختلف المفكرون في مبدأ التوزيع ! هل على اساس الاستحقاق كلُ على حسب القدرة أو حسب الاحتياج أو على مقدار الاسهام في المجتمع ، ودائما نجد المنهج الديني الاسلامي يوضح بالتفصيل أولوية احتياجات الناس حيث يقدم الايتام والضعفاء في اول قائمة المستحقين الواجب استفادتهم من حصص التوزيع على الناس.
ونرى عند الفلاسفة الاغريق القدماء تأسيسهم لأول مفاهيم الفكر السياسي أو البشري وتم بناء ذلك على عوامل مهمة حيث أي نظام سياسي او منهج الحكم يعتمد على مبدأ موازنة العدالة الاجتماعية المتفق عليها من اخلاق سائدة ثم تحولت الى اشبه مايكون بعقد اجتماعي متعارف عليه في المجتمعات وبناءاً على هذه الصيغة تم تكوين الاسس الاولى في رسم هيكل الفكر السيساسي القديم ولهذا لم يجد الفيلسوف افلاطون أرضاً حقيقية لتطبيق المنهج السياسي المطلوب لذا قدم الحلول في نظرية افتراظية سماها المدينة الفاظلة (Utopia) وبنى افلاطون دولة وحكومة خيالية حتى يستطيع شرح كيفية تكوين البناء السياسي في هذه الدولة الخيالية وجعل افلاطون الحاكم فيها فيلسوف ولايصلح أن يكون غيره في قمة الحكم، وقسم افلاطون المجتمع الى ثلاث أغنياء، وكتله العسكر، والعمال ويحصل التوازن في هذه الدولة عند سيطرة الاغنياء على الجيش والعمال
الخلاصة لكي تتحقق فكرة المدينة الفاضلةواقعأ تحتاج أساسأ الى ان يسكنها شعب فاضل كله بلا استثناء والنقطة المهمة في هذه المدينة ان تكون ألاخوة هي أساس الرابطة بين افراد هذه المدينة ، ليس الدين او اللون او المذهب او العشيرة او الحزب او المصالح... الخ
وإلى يومنا هذا ضلت المدينة الفاضلة عبارة عن خيال افتراضي فلسفي يطمح له ويسعى لتحقيقه كل من يستعمل اديلوجية الحكم السياسي مثل معسكر الاشتراكين والشيوعيين والفكر الماركسي بينما خرجت الرأسمالية من السعي والمسير إلى تحقيق بناء المدينة الفاضلة لهذا نرى الدول والمجتمعات الرأسمالية تكاد تخلو تماما من ثقافة استعمال الشعارات والخطب الداعية للكمال والعيش تحت حكومة ملائكية يرئسها السلطان حكيم عصره وعبقري زمانه، ويميل الإسلاميون لفكرة المدينة الفاضلة بسبب عقيدة التراث الإسلامي أن الحاكم العادل هو نواة لبناء وتحقيق الدولة العادلة وبلا وجود هذا العادل لا يمكن تحقيق هذه الدولة

وهنا صادفت مفارقة في أثناء قراءتي نص تعريف العدالة عند أفلاطون عن لسان أستاذه سقراط يعتبر العدالة (هي فعل الخير للأصدقاء والضرر للأعداء) وهنا أنا أفهم المعنى أن العدالة تبدو كأنها انتقائية اختيارية واقعا هنا لا يمكن أن نسمي هذه عدالة أنما هي "أنانية"
هناك تعاريف أخرى وكلها تدور حول أن الأقوى هو الأحق بتوزيع الحقوق ومن يستفاد منها ونجد نفس هذا الأسلوب في التعامل مع مفهوم العدالة في المنهج الإسلامي في شروط من اعتلى الحكم حيث نجد الرأي واضحا في التبرير لنظريات اعتلاء الحكم وهو أن المنصب يصبح حق من استطاع الوصول إليه حتى لو كان بالقوة في بعض المناهج والبعض الآخر منح هذا الحق حصرا في من تتوفر فيه شروط صلة النسب والقرابة من السلالة النبوية الكريمة، وهنا من الممكن تأثر البعض من أمة فقه التفسير الإسلامي بنظريات الفلاسفة الإغريق في حصر تطبيق العدالة في مجموعات مختارة وحجب تطبيقها عن البعض الآخر أو قد ممكن حصل اختلاطا أو اشتباها في النقل والترجمة عن اللغات اللاتينية إلى اللغة الإنكليزية القديمة التي كانت فقيرة ولم تكن تحمل كلمات تتضمن معانِ ثرية وعميقة وترجمت الأفكار والمعاني بشكل سطحي بنفس المعنى في المصطلح اللاتيني وبالتالي عندما جاء المفكر العربي ونقل الترجمة الفقيرة من الإنكليزية أخذ المعنى السطحي فقط وهذا أدى إلى الابتعاد عن الفكرة الأساسية المقصودة في المصطلح السياسي الاتيني الاصلي وبالتالي حصلت الترجمة لمفاهيم بعيدة عن المعنى الاصلي الى مفاهيم وافكار لم تصب المقصود لكنها كانت سائدة ومقبولة في ذلك الوقت ويتقبل المجتمع ان تحصر العدالة او مميزات السلطة لفئة معينة من الشعب تسمى النخبة وماهو شائع ذاك الوقت اصبح الان غير مقبول في المجتمعات الحديثة.
العدالة من المسائل المهمة في الشريعة الإسلامية إذا ولتها عناية خاصة ببيان ضوابطها وشرائطها وحدودها وما يترتب عليهما من آثار، فالعدالة مرتبطة بطائفة من الأحكام الشرعية وفي مختلف الأبواب، العدل قيمة موجودة منذ بدء الخليقة لأنها ضرورية ويقتضيها العقل في جميع التصرفات، لهذا حضت الشريعة الإسلامية على اتباع العدالة واعتبر من أهدافها.

تفسير مفهوم العدالة عند الفقهاء الإسلاميين ذهب إلى اتجاهين ضمن منهج التفسير القرآني، الأول منهم من رأى أن العدالة والظلم لا معنى لهم بالنسبة لله- سبحانه وتعالى- فكل الوجود ملكه وكل ما يفعله هو العدالة بعينها وعقولنا لا تستوعب المعنى الحقيقي للحسن والقبح وهذا فريق الأشاعرة وفريق آخر هم المعتزلة قالوا بعدالة الله وإنه سبحانه لا يظلم أبدا ومع هذا الرأي الشيعة الإمامية

ولنأخذ مصطلح العدل إلى مستوى آخر وهو التفريق بين العدل والعدالة:-
العدل/ بمعنى المساواة أي تطبيق القانون على الجميع بشكل عام مجرد، هدف القانون هو تحقيق العدل بشكله العام الإجمالي في المجتمع وليس تحقيق العدالة والإنصاف لكل فرد. ومن عيوب هذا الشكل من العدل لا يمكن إدراك وفهم كل حالة فردية بخصوصيتها وهنا يتم تحقيق العدل الشكلي للهيكل العام في الحكومة
العدالة/ وهي تفيد الإنصاف ويؤخذ بنظر الاعتبار ما يسمى بالمعيار القانوني عند التطبيق العدل من أجل الوصول إلى الإنصاف وتجنب الظلم، والعدالة تقوم على مساواة واقعية على أساس التماثل في الأحكام المنصرفة للحالات فالعدالة تؤدي للشعور بالإنصاف اعتمادًا على اختلاف ظروف الناس وحاجاتهم وفهم تفاصيل كل مسألة وهي إيجاد معادلة لموازنة بين احتياجات الناس وبين الأفعال الصادرة عنهم لتحقيق درجة الرضا والإنصاف في تنفيذ الأحكام وتوزيع الحقوق

أظهر استطلاع للرأي لنتائج دراسة أجراها معهد يوغوف لاستطلاعات الرأي، بتكليف من منظمة الحوار السلمي لديانات العالم في مدينة لينداو الألمانية أن نسبة قليلة للغاية من الناس في ألمانيا تعتقد أن الدين من شأنه جعل العالم أكثر عدالة

وافق 12% فقط على أن الديانات في هذا العالم تساهم في جعله أكثر عدالة
فيما رفض 55% هذه الجملة
أما نسبة 26%، فلم يحسموا رأيهم تماماً بشأن الفكرة ( الرابط https://p.dw.com/p/40gnj)

لتطبيق الدين وتحقيق بـيـئـة أجتماعية متدينة وتوصف بأنها أسلامية حقيقية وواقعية يجب اولا ان يوجد عامل ضروري ومهم جدا وهو الوعي وبغيابه يصبح الناس مجرد عبيد واتباع وفرق يسيطر عليهم ويقادون بلا وعي ولا فهم ويتحول المجتمع الى غابة والناس يتحولوا الى كأنهم قطعان ماشية تُعلف وتتنظر دورها في الذبح

وكما عرفنا لا يمكن بل ومن المستحيل خلق وإيجاد المدينة الفاضلة دون وجود الناس الذين يمتازون بالفضيلة أو على الأقل تكون الدولة بيد النخبة الفاضلة، وهذه حقيقة منطقية إذ كيف يمكن إقامة مدينة ونرى بين أفرادها أنظمة ومواثيق وعهودا بينما غالبية السكان يغلب فيهم الجهل والقتل والأجرام وكثرة اللصوص والهمج الرعاع وفئة قليلة هم من يحملون الوعي والفضيلة

يتبع .....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية


.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟




.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي




.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ