الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل العدالة أهم من الاديان ؟ ج 3

علي جواد

2022 / 11 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مفكر الفقه الإسلامي تعمد دائما إلى الجمع والخلط المقصود بين العدالة والدين، إذ جعل الدين في حالة من الاقتران مع العدل وأصبح شائعا ومن المسلمات عند المجتمع الإسلامي مفهوم إذا غاب الدين ساد الباطل وبالعكس أي بمعنى إذا ظهر الدين بين الناس غلب وساد العدل في المجتمع وهذا غير صحيح ولا يتطابق مع الواقع والدليل هو تسجيل التاريخ عن حكومات وأمم وحضارات تسبق ظهور الأديان كانت معروفة بالعدالة وأشهرها دولة حامورابي في بلاد ما بين النهرين ومسلته المعروفة، ونعاصر الآن دول كثير تنتهج العدل هو دستورها الذي تحتكم به.

أذن النتيجة هي أن العدل هو الدولة والدستور والنص والناموس أما الدين فهو مجرد جزء صغير من العدل أي من الدولة، ومن العدالة أن تضمن الدولة حق الناس في الحفاظ وممارسة أي دين بحرية وكرامة
الناس لا تحتاج إلى دين كضرورة لاستمرار الحياة ولا يمكن العيش بغير وجود هذه الضرورة الحتمية، لكن الناس تحتاج إلى العدل لاستمرار الحياة وبغياب العدل يتحول المجتمع إلى غابة يسكنها الهمج والرعاع وكل من لا يحمل خلقا
السمة الشائعة والمعروفة هي استعمال رجال الدين مصطلحات العدالة في لغتهم وإقحامها دائما في المنهج الإسلامي وهذا في كل الأديان بشكل عام، ونرى هناك إصرارا على اتباع أسلوب سحب وإلصاق العدالة بشرط وجود وتوفر الإسلام أو أي دين آخر من أسباب هذا المنهج هي التمسك بأفضلية أن الدين ومن يمثله من البشر يجب أن يكون دائما من أهم أولويات الناس في الحياة أهم حتى من حقوقهم أي العدالة لأن تعريف العدالة هو وضع الشيء في محله الصحيح وإذا كان رجل الدين يتمتع بما هو ليس محله من المكانة في المجتمع هذا يصبح ظلما مثلا شاع في مجالس الناس ودواين وملتقيات العشائر تقديم موضع جلوس رجل الدين إلى المكان الأكثر وجاهه وكرامة في الجالسين حتى وإن كان من الجالسين من هم أكبر سن وخبرة من الرجل المعمم وهذا تحت باب طقس من طقوس مجالس الناس وبروتوكولاتهم يسمى باحترام العمامة المقدسة
لذا أصبح رجل الدين يتمتع بمكانة وقدسية في المجتمع تميزه وترفعه عن الباقيين ولا يريد أصحاب الفكر الديني خسارة هذه المكانة بمجرد انتباه الناس أن صاحب العمامة هو مجرد فرد لا يختلف عن باقي أفراد الناس ولا يمتلك قدسية أو أفضلية تميزه عن الآخرين، إنما هو مجرد شخص له دوره في الحياة ويرتفع شأنه بين الناس نسبيا مع عطائه وخدمته لغيره إذ من غير المقبول شرعا ولا عقلا ولا حتى عُرفاً أن يتم تفضيل ورفع مكانة شخص بين الناس لمجرد أنه يرتدي زيا يبدو كأنه يعبد الله سبحانه
الاحتياج إلى الشرعية القدسية لاعتلاء الحكم أو الاحتياج للشرعية في التسيد والترفع على الناس هي من أهم أسباب إصرار أصحاب المنهج الإسلامي في ترسيخ فكرة أن بالإسلام وحده ممكن إيجاد العدالة ولا توجد هناك طريقة أخرى في المنهج الفقهي الإسلامي تطرح تحقيق العدالة من دون الاستعانة بأدوات الفقه والنص الإسلامي والمشرع الإسلامي
يعني أن المنهج الإسلامي قائم على فكرة لا يمكن قيام دولة إسلامية من دون إعطاء الشرعية والقدسية لهذه الدولة وعليه يكون من في رأس الحكم له شرعية فقهية.
وتاريخيا نلاحظ عند الاختلاف على منصب الحكم تتغير الأحكام وتختلف الفتاوي وكل حاكم اتبع فتوى واستعمل رخصة من المشرع الإسلامي تختلف عن الباقيين إذ لا توجد هناك صيغة واحدة وثابتة عند المشرع الفقهي الإسلامي لمسألة تولي الحكم اختلفت المذاهب الإسلامية فيما بينها في هذه المسألة وحتى هناك اختلاف بين أصحاب مدرسة المذهب الواحد فشل الجميع في اتخاذ جواب ثابت ينفع في كل وقت وزمان ودولة يصلح لكل حاكم وحكومة
عند استعراضنا التاريخ نشاهد احتكام أغلب مشرعي الفقه الإسلامي إلى مبدأ العدالة واستعمال مفهوم العدل واستخدام مبدأ وضع الشيء في محله لإسناد الحكم لشخصية معينة سواء باستعمال القوة أو السياسة الملاحظ هو اتخاذ شعارات تحمل مفهوم أخذ الحقوق وإعطائها لأصحابها، وغاب استعمال النص القرآني في إعطاء الشرعية لأغلب حكام الدول الإسلامية من ملوك وأمراء وشيوخ وقادة عسكريين وهناك من علماء الدين من أطلقت عليهم ألقاب الزعامة الدينية التي تحولت إلى مناصب حكومية تتناسب مع ألقابهم
التراث الديني تضمن ترسيخ أيدولوجية في منهج طلاب العلوم الدينية وبالتالي تحول في عقلية المجتمع الإسلامي إلى عقيدة ثابتة وهي أن المورث الإسلامي من النصوص للآيات والأحاديث تعتبر دستورا شاملا وكافيا للدولة وللناس يستغنى به عن القوانين والاتفاقيات وأنظمة الحكم ومناهج السياسة ونظريات الاقتصاد والفلسفة والطب لهذا نجد من الشائع ودائما تطرح تقليعة ما يسمى بالاعجاز العلمي في النص الاسلامي سواء في الايات أو الاحاديث مثل ذكر اطوار تكون الجنين في رحم المرأة او تغطيس جناح الذبابة...الخ
وهذه كلها عبارة عن محاولات لدمج الدين وخلطة مع أحتايجات الناس في امور معيشتهم لهذا ظهر ما يسمى الطب النبوي وتفسير الاحلام بالقران والمعالجة بأيات القران والاقتصاد الاسلامي والزي الاسلامي وممكن بعد حين نسمع ب الحمية الغذائية الاسلامية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي