الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل العدالة أهم من الاديان ؟ ج 4

علي جواد

2022 / 11 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مصطلح الإعجاز العلمي في القرآن الكريم خاطئ وغير صحيح أو بشكل أدق تم تحريف هذا المصطلح وجرف المعنى نحو منطقة بعيدة جدا وهي محاولات التأثير على الناس وذلك عن طريق اختلاق روايات وخوارق وقصص الغاية منها طمأنة الناس كنوع من الإبهار والتشويق الاستعراضي المسرحي الجاذب للزبائن أو المستمعين أي حولوا الدين والنصوص إلى نوع من أنواع وسائل الترفيه Entertainment مثل أفلام الخيال والاستمتاع برؤية بطولات نجوم السينما، وهنا تحولت روايات الإعجاز كأنها أصبحت متعة شرعية ينتصر بها البطل وهو الراوي وينهزم الطرف الآخر المشكك بالدين وفي الغالب بدعة ترافق هذا الاستعراض وهي نغمة من التنهدات البشرية ونشيد على نفس النغمة الحزينة
ما هو معروف وثابت أن نصوص آيات القرآن الكريم تتضمن إشارات إلى مفاهيم ومسائل علمية دقيقة مثل أطوار تكون الجنين في رحم آلام والإشارة لعملية تكثف البخار وتكون السحب ثم الأمطار وتكلم القرآن عن الأجرام السماوية... إلخ لا يمكن اعتباره أو إطلاق التسمية عليه بأنه الإعجاز العلمي القرآني كما ينادي به البعض من شيوخ استعراضات Entertainment Media في مواقع التواصل والسبب لأن هذه المفاهيم موجودة سابقا في تدوينات في حضارات قديمة تسبق فترة نزول القرآن الكريم أو تعاصره
على نفس هذا السياق والوتيرة استعمل شيوخ الاستعراضات نفس الأسلوب واتبعوا منهجا واضحا وقويا في خلط ودمج مفاهيم ومصطلحات الدولة والحكومة وطرق وتصنيفات الحكم وإدارة الدولة مع المصطلحات والمفاهيم الدينية والنتيجة هي صهر وتذويب مؤسسات وعناصر تكوين الدولة مع التراث الديني الإسلامي أي الجمع بين عناصر دينية وبين أسماء ومصطلحات سياسية بنسب معينة وأنتاج معدن جديد وسبيكة بما يسمى بدعة (الإسلام السياسي) أي بمعنى أوضح وأدق يلاحظ مثلا التركيز عند تناول الدين النقاش في عملية اختيار منصب قمة الحكم والرياسة تطرح ويستعان بالأحاديث النبوية الشريفة والآيات القرآنية الكريمة لدعم وإسناد الشرعية لمنصب رأس الحكم، وهنا الكلام ليس موجها في هل هذا جائز شرعا أو صحيحا منطقيا فهذه النقطة تحتاج إلى شرح طويل جدا ويجب شرح باب أنظمة الحكم في الفقه الإسلامي، أنما الكلام هنا موجه إلى شرح الطريقة والأسلوب المتبع في تناول علوم وأنظمة الدولة والايدولجية المستعملة لطرح المنهج الإسلامي وعملية تسويق البضاعة التي يتناولها شيوخ الاستعراض وهذا كله يتم تحت نظر وتعاون مع السلطة وتسخير موارد الدول والحكومات التي تتفق مصالحها مع هذا الأسلوب لغرض السيطرة على الناس
واحدة من عمليات صهر المصطلح الديني في مؤسسات الدولة ومن مهازل الحياة المعاصرة التي نعيشها اليوم هي آلية اختيار الحكومات في الدول الإسلامية إذ لو توقفنا وأجرينا تقييما أو تميزا بين المنهاج الإسلامي الفقهي في اختيار الحاكم وبين ما هو موجود في الواقع الحالي لهذه الحكومات المفروض أنها "إسلامية"!! من المضحك لا يوجد أي شيء له علاقة بالإسلام في طريقة اختيار الحاكم حيث الفقه الإسلامي يضع شروطا ومواصفات معينة في هذا الشخص المختار لهذا المنصب بينما نجد الدول أما تحكمها عوائل ملكية أو ضباط عسكر انقلابيين أو شيوخ عشائر أو رجال دين أعطوا لأنفسهم مكانة اجتماعية ومنحوا أنفسهم بأنفسهم قدسية وحصانة إلهية تعصمهم من الحساب أكثر من حصانة الأنبياء في الدين الإسلامي، والأنظمة البرلمانية الديموقراطية لهذه الكتل الفائزة بالانتخابات تنتخب شخصا من ضمن أعضاء هذه الكتل لتشكيل القيادة، وهذه الأنظمة وألاليات لا تتوافق مع الفقه الإسلامي بأي صلة لا من قريب ولا من بعيد
إدارة الدولة وأنظمتها ومؤسساتها هي علم قائم على أسس وقواعد ومجموعة مناهج معقدة جدا مكونه من تخصصات علوم الرياضيات والمحاسبة والاقتصاد وخبراء في القوانين الدولية ومتخصصين في اللغات وباحثين في التاريخ ومحللين لثقافات وتاريخ الشعوب واحد هذه العناصر هو استشارة متخصصي الأديان في الدولة والتأكيد أن عمل رجل الدين في الدولة هو استشاري أو تعليمي فقط لا غير ولا توجد له وظيفة تحت أي عنوان آخر في الدولة وحتى في الشرع الإسلامي هذا إذا سلمنا أن الفقه الإسلامي ذكر أو تضمن شيء تحت عنوان "رجل دين"، إذ لا يوجد في الفقه الإسلامي أي عنوان وظيفي أو منصب لما يسمى برجل دين إذ التعلم واجب وفرض على الجميع صغارا أو كبارا
وتتطور المجتمعات ولذا تتنوع الحياة وتتقدم وتظهر اختصاصات ومهن وتندثر أخرى وتنقرض مهن بسبب هذا التنوع، أما الدين والعقيدة فهي مستوى آخر من الحياة بعيد عن تأثير الزمن وتغيراته التي تطرأ على الناس والمجتمع المتدين هو الأساس الذي تقاس عليه القيم ومنهج توزن وتقوم به الإنسانية، والعدالة هي من أهم القيم التي يحتاجها الدين ويستقيم بوجودها ودائما الدين يبحث ويتبع العدالة أينما تكون
نرجع في التاريخ للسنة الخامسة للبعثة النبوية الشريفة إلى هجرة المسلمين الأولى لأرض الحبشة (أثيوبيا) كان عدد المهاجرين 10 رجال وأربع نساء، ورجعوا إلى مكة في نفس العام بعد بضعة أشهر، ثم في العام العاشر للبعثة كانت الهجرة الثانية للحبشة وضمت بضعا وثمانين رجلا و 18 امرأة ورجعوا بعد سنوات إلى المدينة بعد غزوة خيبر، غاية الهجرة الأولى والثانية هي الهروب من أذى قريش وتعذيبهم وعدم القدرة على إيقاف هذا الظلم وسبب اختيار أرض الحبشة لأنها أرض النصارى يحكمهم ملك "عادل" لا يظلم أحدا وهذه الأرض بعيدة عن القبائل الجزيرة العربية المتحالفة مع قريش والخشية من غدرهم بمن يلجأ إليهم من المسلمين هذه الجزئية من التاريخ وهذا الحدث يعتبر جزءا من السنة النبوية الشريفة يعتبر ثابتا وصحيحا ومتواترا وغير قابل للتشكيك ومتفق عليه بإجماع الفقهاء والرواة أي لحفظ الدين يستعان ويلجأ للدول التي فيها عدالة وان كانت غير مسلمة أو حتى من غير طائفة أو دين المهم هو ميزان القياس وهو {العدل} فقط لا غير وهو كاف ولا شيء يستعاض عنه

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي


.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ




.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها