الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عاطفة الحب

شفان شيخ علو

2022 / 11 / 18
الادب والفن


يحزن أحدنا حين يموت قريب أو صاحب أو صديق له. ويتألم حين يمرض من هو قريب منه كذلك. ويتضايق في حال فراق من هو قريب منه أو له مكانة عنده. وليس غريباً أن يتضايق أو يغم قلبه، برؤية شجرة وقد تيبست، أو حين يرى أحدهم وهو يؤذي حيواناً، أو عندما يرى من يرمي وسخه في الشارع، والأكثر من ذلك، يشعر بالضيق والانزعاج والتوتر، حين يسمع كلمة سيئة بلسان أحدهم عن بلده، أو أهل مدينته...إلخ. وحين نسأل عن العاطفة التي تكون وراء كل هذه الحالات، لا بد أن يعرفها من يعيشها، وهي أنها عاطفة الحب .
ليس هناك ما هو أسمى من هذه العاطفة. فالحب أساس الحياة لا بل الكون. ومن السهل أن نقول أن ما يجمع الأديان والمعتقدات البشرية، هو هذا الحب الذي لولاه لما كان هناك أي نوع من العلاقات بين البشر. ويقولون أن الكون مبني على أساس التناغم بين عناصره، حيث يقوم كل عنصر فيه في الأرض والسماء بدوره، والتناغم مصدره الحب حتماً .
وإذا سألنا عن العاطفة الأكثر تذكيراً بها، وتكراراً واستعمالاً بيننا، وفي أوقات مختلفة، ومن قبل الإنسان العادي والمتعلم، لكانت عاطفة الحب. وهذه حقيقة ملموسة نعيشها فيما بيننا. فنحن لا نتصافح، أو لا نتبادل تحية الصباح أو المساء، أو نتلقى السلام والتهاني، إلا باسم الحب أو يكون الحب هو الأساس في كل ذلك .
وكذلك، فإن ارتباطنا الدقيق بأعمالنا، وإخلاصنا لها، وتعاملنا مع بعضنا البعض بتلك الراحة النفسية، وتعلو وجهنا البسمة، ويغمرنا الرضى النفسي، لا يحصل إلا لأن الحب هو الفاعل هنا.
وإذا تقدمنا بالكلام أكثر، وسألنا عن الدافع الذي يدفع بأحدنا إلى أن يضحي بنفسه دفاعاًعن وطنه، أو بلده، أو مدينته، وعن أهله، وعن أي إنسان لأنه انظلم، فليس هناك سوى عاطفة الحب التي تقوي إرادتنا، وهي إرادة المحبة.
أولا يقولون إن الله محبة؟ أليس لأن الذي يحب ينفتح للآخرين، ويعطي دون مقابل ؟ أليس الحب هو الذي يجعلنا متفاهمين، وبيننا الاحترام المتبادل؟ أليس الحب هو الذي يساعدنا في أن نتعلم ما يؤذينا جميعاً فنبتعد عنه، وما يفرحنا جميعاً، فنحرص عليه ؟ وعندما يلتزم كل منا حدوده في علاقاته بالآخرين، حتى داخل بيته، حيث يسود الوفاق والوئام والتقدير، ويصغي بعضنا إلى البعض ففي كل ذلك يكون الحب وليس غير الحب !
وحين يكون الحب نبراسنا، فإنه يسهل علينا أن نفرح لما يفرح جارنا، أو قريبنا، أو لأي كان، حين ينجز عملاً ويكون فيه الخير، كأن يبني له بيتاً، أو ينجح في المدرسة، وهكذا تكون العلاقات الاجتماعية، بسبب هذه القيمة الكبيرة جداً في حياتنا.
ليس هناك ما هو أهم من الحب. بالحب يمكننا تحمُّل بعضنا البعض، مثلاً، أن نسامح أحدهم إذا أخطأ، أو نطلب منه السماح، ويمكن أن نتحمل تعب مسؤوليات كثيرة، لأن وراءها راحة نفسية للذين نقوم بواجبنا نحوهم، وحين يأتي التقدير منهم، نكون أكثر نشاطاً للقيام بالعمل .
والذين درسوا عاطفة الحب هذه، حب الأبوين لأولادهم، وحبنا جميعاً لبلدنا ،ودفاعنا عنه، وحبنا للنظام، في علاقاتنا الاجتماعية، وضبط الوقت، وفي كل مجالات الحياة في كل ذلك يزداد الحب عمقاً ويعني ذلك أن الحب لا حدود له، إنما يكون في عمقه ووساعته، وفي طيب معناه وفي حلاوته، بقدر ما نساهم معاً في بناء بلدنا، ونحمي مجتمعنا من كل من يريد بث التفرقة فيه .
إنها أشياء بسيطة جداً يعرفها كل واحد منا، نسمع بها ونعيشها، ولكني أردت أن آتي على ذكرها لأهميتها، ولحاجتنا الكبيرة إلى عاطفة الحب، ولأن هناك من يتحدث بيننا، أو يعمل ويعتبر ذلك حباً، وهو حب شخصي، أي أنانية، وهي لا تنفع حتى صاحبها.
وأخيراً، يقولون إن الحب نور. فهل هناك ما هو أعظم من النور الذي ينير قلوبنا، وينير طريقنا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدكتور حسام درويش يكيل الاتهامات لأطروحات جورج صليبا الفكري


.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس




.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن


.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات




.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته