الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هستيريا الديمقراطية التوافقية

علي مهدي الاعرجي
انسان

(Ali Mahdi Alaraaji)

2022 / 11 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هامش
ان تعمد الى إرساء النظم الديمقراطية في بلدان باكورتها السياسية نابعة من خلفية ديكتاتورية او حكم فوضوي سلطوي جثم على صدور الناس عقود .فهذا بحد ذاته يعتبر انتصار الى إرادة الحياة على الموت .الديمقراطية التوافقية هي صورة حديثة الى نهج وسطي يعالج الأزمات لدى الدول التي تملك تعدديات قومية وعرقية وغيرها .هنا يصعب الاعتماد على الديمقراطية التمثيلية التي ستعمد على سحب البساط من الجميع و الذهاب نحو مكون واحد يدعى المكون الأكبر لذا ان تذهب نحو التوافقية هذا بحد ذاتها تعتبر مساحة واسعة تعطي الدعم الى القوى و الممثليات العامة في إدارة البلد بشكل مشترك و في نفس الوقت وسيلة جيدة للقضاء على الصراعات و النزاعات الداخلية والحروب الاهلية التي تنشب بحجة الاضطهاد او التجاهل للمكونات الصغيرة او المكونات الأخرى .هنا يمكن القول ان اشراك الجميع في الحكم سيسدل الستار على مشاهد العرض المسرحي للصراع الواحد في البيت الوطني .إلا ان هذا النموذج يمكن أن يتحول الى أداة تعمل على انهيار قيمة المنظومة العامة للدولة من خلال بعض النقاط التي تغير الوجه الجميل الناعم للديمقراطية الى باب من أبواب الفساد العام و تتحول إلى هستيريا حيث يمكن من خلال التوافقات ان نرسم صورة نمطية للتكريس و الانتماء الضيق أي نجعل من المكون او المذهب او العقيدة او الفئة في الصدارة بعيد عن الفضاء و الانتماء الوطني , فيتحول الناخب او المواطن من مواطن يحمل اسم الدولة سين الى مواطن يحمل المذهب او القومية او العقيد الخ وهنا نستطيع القول ان الديمقراطية التوافقية افرزت لنا انتماء متقدم وآخر متراجع و الذي يدعى او يسمى الوطن .وهذا ما شهدناه في العراق تراجع قيمة الانتماء الوطني أمام الانتماء المذهبي والمناطقي على العكس مما هو الحال في ألمانيا التي تعمد النهج التوافقي في الحكم. حيث المواطن يعتد في مواطنته وانتمائه الوطني لا انتمائه الإقليمي او العقائدي الخ.
"ان الديمقراطية بشكل عام هي فكرة غبية تكرس مفهوم جديدي للديكتاتورية لكن في اختيار جمعي بدل أن يجثم على الشعب حاكم واحد أصبح الشعب هو من يختار حاكمه بعد التسويق من قبل منظومة تفرض على الأغلبية اختيار احدد السيئين "
تعمد التوافقية الى اضعاف مركز القرار و هنا يتيح لنا البابا امام تهالك الوحدة الإدارية الفاعلة للبلد من حيث تسلط كل جهة على مناصب معينة و تعمل على دعم وتقوية و تمركز عناصرها الحاكمة و ان كان هناك خرق للدستور او القانون الا ان المهم هو اصدار باب السيطرة و النفوذ من اجل السعي الى تقديم بعض الخدمات الى ناخبيهم او بعض المهمات الى المتنفذين للسيطرة على المال العام من أجل إتمام دورتهم الحياتية حيث لا حكم بدون أموال .وهذا جانب اخر من جوانب عبثية التوافقية .
الديمقراطية التوافقية غالب ما تنتج حكومة ائتلافية وهذا بحد ذاته يقيد السلطة التنفيذية او يقيد الحكومة في البرنامج المتفق على تنفيذه من قبل الجهات الحزبية صاحبة الجمع التوافقي و بهذا تنتج لنا حكومة مغلولة اليد لا تملك القدرة على التنفيذ وفق البرنامج الوزاري و يأتي في اشتراطات حزبية و من واجبه أن يعمل على تنفيذها وفق الكتالوج المتفق عليه .وهذا كفيل ان يحطم ويدمر المنظومة الإدارية للبلدان على عكس ما تجده في سويسرا التي تمتاز احزابها الأربعة في التوافق إلا أنهم غير مؤتلفين في واقع سياسة حزبية فتجد الوزير يمتاز في حرية العمل مع المهنية و الرقيب الاوحد هو الجمهور وصاحب الكلمة الفصل .
كما اسلفت أعلاه ان التوافقية تأتي هنا لقتل الازمات و المشاكل بين الأغلبية و الأقليات و اعطائهم مجال وباب في الحكم الا انها بنفس ذات الوقت تعد باب من أبواب الدمار و الخراب في المجتمعات صاحبت الديمقراطية النامية او الجديدة كما هو العراق ,الخلل لم يأتي من باب النظرية بقدر ما يأتي من الخلل في النسق و التطبيق حيث العراق خرج من نظام شمولي يعيش في عزلة عن العالم لذلك لم يفهم معنى الديمقراطية بالشكل الصحيح. فدخلنا في فوضى التحالفات السياسية ورحنا نعمد الى انشاء قاعدة جديدة تختلف عن مثيلاتها إلا أنها في الواقع تملك ثوابت الديمقراطية. وبذلك هذه القاعدة لابد لها ان تغادر المشهد السياسي ونعمل على الذهاب نحو الديمقراطية التمثيلية وتتحمل الأغلبية ضربات سياط الأقليات و هنا لابد لهم ان يجعلوا النجاح هدف بلا بديل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah


.. 104-Al-Baqarah




.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في