الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فرمان مصر وتعديل نظام وراثة العرش

قمر السيد

2022 / 11 / 19
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


إن الطريقة التي سلكها الخديو إسماعيل للنهوض بالبلاد وتحقيق الاستقلال تختلف تمام الاختلاف عن طريقة جده محمد علي، وذلك على الرغم من اتفاقهما في مبدأ إقامة نهضة شاملة، فبينما كانت سياسة محمد علي مزيجا من استخدام الشدة والقوة العسكرية تارة و استخدام المال تارة أخرى- وخاصة تجاه السلطان العثماني-، كانت سياسة إسماعيل دائما وأبدا تقوم على استخدام المال، فهو يرى أن سياسة المال أفعل من سياسة المدفع علاوة على أنها خير وسيلة لتحقيق طموحاته وأهدافه السياسية، وهو ما تحقق جزئياً في فرمان مصر الذي نحن بصدد الحديث عنه، حيث سعى الخديو إسماعيل جاهداً منذ أن تربع على عرش الديار المصرية في عام 1863م إلى تعديل نظام وراثة العرش بحيث يكون في أكبر أبنائه سناً، فقد كان النظام المتبع في الوراثة منذ صدور فرمان 13 فبراير 1841م يقضي بأن يؤول عرش مصر إلى أكبر أفراد الأسرة العلوية سناً من الذكور، وذلك على غرار النظام المتبع في الدولة العثمانية(تركيا) نفسها، ولم يكن إسماعيل هو أول من فكر في هذا الأمر بل سبقه إلى هذا التعديل كل من عباس وسعيد باشا بحيث يكون في أبنيهما إلا أن مساعيهما لم تكلل بالنجاح، وتميز إسماعيل عن سلفيه في أنه كان أكثر أملاً في التغيير وحالفه الحظ في أن السلطان عبد العزيز كان يرغب هو الأخر في تعديل نظام وراثة العرش في تركيا لصالح أبنه الأمير يوسف عز الدين؛ لكنه نظراً لأن هذا الأمر يعد خروجا على التقاليد التي توارثها آل عثمان خلفا عن سلف لذا فقد حبذا السلطان أن تأتي البداية من مصر وهو ما يعزز مسعاه.
وكان من الأسباب الرئيسية التي دعت إسماعيل إلى تعديل نظام الوراثة هو ما كان بينه وبين أخيه من أبيه الأمير مصطفى فاضل، والذي كان بمقتضي الفرمان القديم هو الوريث الشرعي للحكم، وكذلك وعمه الأمير حليم أصغر أبناء محمد علي من الشقاق والتناحر فكان لا يخفي كرهه لهما، وكان يبادلانه نفس الشعور لذلك سعى إسماعيل إلى حرمانهما من وراثة العرش، وجعله في ذريته من بعده، وبالفعل نجح إسماعيل في مسعاه بفضل المثابرة من ناحية، وبفضل الهدايا والأموال التي بذلها في الآستانة والتي بلغت ثلاثة ملايين من الجنيهات من ناحية آخرى فصدر له فرمان 27 مايو 1866م الذي نص على تغيير نظام الوراثة ليكون في أكبر أولاد إسماعيل باشا بدلاً من أكبر الذكور في أسرة محمد علي، وزيادة الجيش المصري من ثمانية عشر ألف إلى ثلاثين ألف جندي وإقرار حق مصر في ضرب نقود مختلفة العيار عن نقود السلطنة العثمانية، ومنح الرتب المدنية لغاية الرتبة الثانية نظير رفع الجزية السنوية من 80 ألف كيسة إلى 150 ألف كيسة، وظل الفرمان مرعياً في مصر كدستور حتى نهاية عام 1914م حين أعلنت الحماية البريطانية، حيث ترتب على قرار إعلان الحماية تغيير اسم الدولة من الخديوية المصرية إلى السلطنة المصرية.
ووفقا لما ذكره المؤرخ عبد الرحمن الرافعي في كتابه "عصر إسماعيل" الجزء الأول فإنه يؤخذ على ذلك الفرمان الذي سعى إسماعيل على استصداره أن طريقة توارث العرش ليست مسألة جوهرية تهم البلاد أو تعود بالنفع عليها، أو تمنحها مزايا استقلالية عن الدولة العثمانية، بالإضافة إلى أنها كلفت حزانة البلاد تضحية مالية كبيرة حيث اشترطت تركيا مقابل هذا التغيير مضاعفة الجزية السنوية، وهي زيادة فادحة تحملتها مصر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة :كارثة في الأفق ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مطعم في لندن طهاته مربيّات وعاملات نظافة ومهاجرات.. يجذب الم




.. هل تمتلك السعودية سلاحًا نوويًا؟| #التاسعة


.. روسيا تحذر...العالم اقترب من الحرب النووية!| #التاسعة




.. رئيس الاستخبارات الأميركية يلتقي نتنياهو لإنقاذ المفاوضات وم