الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن مشكلات الترجمة من العبرية (2 من 2)

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2022 / 11 / 19
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


بشكل عام لم يُترك هذا الموضوع للاجتهادات الفردية المتباينة التي تراوح بين اقصى الميني واقصى اليسار، ومع ولادة حركة المقاطعة BDS والحملة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة ومعاقبة وسحب الاستثمارات منها، والتي ينتظم فيها أوسع ائتلاف للمجتمع المدني الفلسطيني وضعت معايير واضحة لتعريف التطبيع ومن خلالها تحدد ما هو مسموح وما هو محظور في العلاقة مع الإسرائيليين، ويمكن القول أن معايير ال BDS مرنة إلى حد كبير، وتراعي التباينات بين مختلف مكونات المجتمع الإسرائيلي، وتعارض التطبيع من الناحية الجوهرية وليس الشكلية بكونه المشاركة في أي مشروع أو مبادرة أو نشاط، محلي أو دولي، يجمع (على نفس "المنصة"1) بين فلسطينيين (و/أو عرب) وإسرائيليين (أفراداً كانوا أم مؤسسات) ولا يستوفي الشرْطَيْن التاليَيْن:
1. أن يعترف الطرف الإسرائيلي بالحقوق الأساسية2 للشعب الفلسطيني بموجب القانون الدولي،
2. وأن يشكّل النشاط شكلاً من أشكال النضال المشترك (co-resistance) ضد نظام الاحتلال والاستعمار-الاستيطاني والأبارتهايد الإسرائيلي (2).
كما تراعي معايير لجنة المقاطعة الاختلافات الموضوعية القائمة بين ظروف الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة عام 1948، وتلك المحتلة عام 1967 مع ملاحظة خصوصية القدس، وتقر بأن هذه المعايير قابلة للتطور والتغير بناء على النقاشات المجتمعية الفلسطينية.
محاذير للترجمة
لكل ما سبق، تنطوي عملية الترجمة من العبرية وإليها على مجموعة من المحاذير التي قد تسهم في تشويش الصراع أو تزييفه، ولا تسهم في الوظيفة الجوهرية للترجمة بين اي لغتين، ومن هذه المحاذير:-
- الترجمة بدون اي تحفظ، وكأن المجتمع الإسرائيلي مجتمع عادي وطبيعي بل متفوق مع تجاهل أو تناسي وجود الاحتلال.
- الترجمة المحكومة بالتوجه الأيديولوجي المسبق: من قبيل البحث عن الموضوعات التي تتحدث فقط عن احتدام التناقضات والمشكلات في المجتمع الإسرائيلي وقرب انهياره، أو تلك الموضوعات التي تكثر من انتقاد سياسات الحكومة وكأنها اتجاه رئيسي في إسرائيل (مثلا افكثار من ترجمة مقالات هآرتس المنتقدة للحكومة وسياساتها)
- الترجمة التي تسهم في استدخال المفاهيم والمصطلحات الإسرائيلية وتمريرها لتصبح مصطلحات فلسطينية، مثل: المناطق، عرب إسرائيل، وينطبق ذلك ايضا على أسماء الأماكن بما فيها المستوطنات في الأراضي المحتلة عام 1967 واحياء القدس الشرقية
- الاعتماد على الترجمة عن المواقع العبرية في فهم المجتمع الفلسطيني وتقسيماته وقواه المؤثرة والاتجاهات الفاعلة فيه، دون ملاحظة أن معظم هذه المواد تعتمد على معطيات ومدخلات الأجهزة الاستخبارية وخاصة الشاباك.
- تقديم صورة الإسرائيلي الجميل، اللطيف، الحضاري، مع تجاهل كونه محتلا، من الأمثلة الصارخة على ذلك قيام موقع فلسطيني بنقل/ترجمة مشاعر وأحاسيس أعضاء فريق تلفزيوني في وداع زميل مشهور وقد اغرورقت عيونهم بالدموع وبكوا تاثيرا لوداع هذه الزميل.
- شيطنة النضال الوطني الفلسطيني وابتلاع الطعم الإسرائيلي في طريقة تقديم الأخبار، ثمة امثلة كثيرة تشير إلى التسرع في الترجة من دون ملاحظة التفاصيل التي يرمي الموقع العبري إلى إبرازها مثلا : عنوان خبر عن إصابة 7 إسرائيليين بينهم 3 أطفال، أو إصابة كذا إسرائيلي بينهم إمرأة حامل، الاعلام الاسرائيلي نفسه نادرا ما يورد مثل هذه التفاصيل في الحديث عن الضحايا الفلسطينيين، وغالبا ما يتوخى الحذر مشككا في دقة المعلومات فيشير إلى "حسب مصادر فلسطينية".
خلاصة
لا يمكن الحكم على إشكاليات الترجمة إلا بموجب مدونات سلوك ومواثيق أخلاقية، وتفاهمات بين الأجسام العاملة في هذه الميادين (نقابة الصحفيين، حركة المقاطعة، أية هيئات أو لجان للمترجمين، مندوبين عن الصحف والمنابر الفلسطينية التي تنشر الترجمات)، تعمل على غربلة المواد المترجمة ولفت انتباه القارىء إلى الكمائن والفخاخ المنصوبة فيها.
كما ينبغي التمييز بين المواد التي تنشر في المواقع العامة، وتوجه للقارئ العادي، وتلك المواد المتخصصة الموجهة لدوائر بعينها مثل الأجهزة الأمنية والقيادات السياسية، والهيئات الأكاديمية ومراكز الدراسات.


(1) بوصلة الاستقلال الثقافية، النقاش الذي أثاره المشرف على المنصة يوسف الشايب وآخرون https://dipc.ps/page-3649.html
(2) https://bdsmovement.net/ar








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل