الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إمام المشعوذين والغرب غير البصير

طارق الهوا

2022 / 11 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الدنيا مليئة بالمشعوذين لكن أخطرهم من تصنعهم أجهزة الاستخبارات، لتنفيذ خطة اقليمة، وكان استعمال الإسلام السياسي في الشرق الأوسط خطة الغرب لصد المد الشيوعي في المنطقة، وبدأت هذه الخطة بثورة يوليو إخوانية الهوى، التي وضُعت فيها الشريعة الإسلامية كمصدر أساسي لدستور دولة مدنية في زمن الرئيس المؤمن، وبدون أدنى شك كان أشهّر وأوضح شخصية دينية في هذه الخطة ذلك العصر هو آية الله الخميني، لأن الحكام الآخرين أمثال ضياء الحق أو جعفر النميري أو معمر القذافي جاءوا بثياب عسكرية، أو بثياب مدنية لاحقاً مثل إردوغان.
فرض هؤلاء الحكام تشريعات واسعة النطاق لتكون أساس أسلمة دولهم، وكبحوا الحريات المدنية، وشددوا الرقابة على الصحافة، وحاصروا أو قبروا الأفكار العلمانية لتتمكن نظمهم الديكتاتورية من الحياة، ولم يكونوا حائط صد للشيوعية.
تفوق آية الله الخميني على كل هؤلاء الحكام بالشعوذة لفرض نظام العمائم واللحى على إيران، ففي بدايات عهده طُلب من الناس الخروج ليلا لمشاهدة البدر، وخرج كثيرون في المدن والقرى خوفاً من النظام الذي بدأ حكمه بإعدام شخصيات عسكرية رفيعة ومدنية، وقمع أي معارض داخل سجون رهيبة، وأثناء هذه المشاهدة بدأ مدسوسون بين الجموع يكبّرون وهم يشيرون إلى البدر الذي طُبعت صورة وجه الخميني عليه، وانتشر وهم المعجزة بين الغوغاء وكبّروا وهللوا، وروح اليأس كان من نصيب المتنورين.
ورغم ذلك ظلت مقاومة سطلة المشعوذ الأكبر مستمرة، وقد واجهها بأحكام الاعدام حتى في أواخر عمره واقترابه من رؤية الرفيق الأعلى، ففي سنة 1988 أعدمت السلطات الإيرانية، بناء على أوامر آية الله روح الله الخميني، آلاف السجناء السياسيين بإجراءات خارج نطاق القضاء في جميع أنحاء البلاد، ووفقا لتقديرات مسؤولين إيرانيين سابقين وقوائم أعدتها مجموعات حقوقية ومعارضة، أعدمت السلطات الإيرانية ما بين 2800 وخمسة آلاف سجين في 32 مدينة على الأقل، وارتبطت أدلة بالعديد من كبار المسؤولين السابقين والحاليين بعمليات الإعدام، منهم سفاح ومجرم حرب أصبح رئيساً هو إبراهيم رئيسي، الذي قال نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش عنه "مهدت السلطات الإيرانية الطريق لإبراهيم رئيسي ليصبح رئيساً بالقمع وانتخابات غير عادلة. أشرف رئيسي من منصبه على رأس الجهاز القضائي القمعي على بعض أبشع الجرائم في تاريخ إيران الحديث، وهي جرائم تستحق التحقيق والمساءلة بدلا من الانتخاب لشغل منصب رفيع".
بدلا من مقاومة المد الشيوعي، نشر المشعوذ الأكبر القمع في إيران والارهاب خارجها، مثل تفجيرات بيروت ضد اشخاص ومصالح اميركية وفرنسية، واحتجاز غربيين كرهائن في بيروت واختطاف طائرات وتفجيرها واعدام راكبيها أحيانا، وامتدت مقاومته للشيوعية ووصلت تفجيراتها إلى السعودية.
وبعد نهاية الحرب الايرانية العراقية لجأ المشعوذ الأكبر لتوسيع نشاطاته ضد الشيوعية التي أتوا به لينفذها، فإغتال عملاؤه عشرات من رموز المعارضة الايرانية في التسعينات في فرنسا وألمانيا والنمسا وإيطاليا وسويسرا وبريطانيا وتركيا وباكستان والامارات والعراق.
فعل الإمام المشعوذ وخليفته ما يفعله أسوأ الحكام الديكتاتوريين، لكن تحت شعارت عجيبة مثل "الفساد في الأرض"، "الحرب ضد الله ورسوله"، وغيرها من شعارات دينية تهين الذات الإلهية.
لم تزل المقاومة تشتعل كل عدة سنوات ضد حكم المشعوذين لكنها استفحلت في حكم المشعوذ الفقير إلى الله صاحب الخمسة وتسعين مليار دولار، لتصل إلى محاولة حرق بيت إمام المشعوذين في إيران.
أتمنى من قلبي سقوط المنظومة التي جعلت بلدا بحجم وقيمة وعمق إيران التاريخي، مجرد دولة غير حضارية لها سجل في الإرهاب، لكن المشكلة أن المشعوذين يملكون القوة المطلقة وعدم الرحمة في استعمالها، ويتحصنون بميليشا الحرس الثوري، والغرب غير البصير الذي أتى بهؤلاء الحكام غير قادر على ردع تعطشهم للدماء واستعدادهم لقتل مليون في سبيل البقاء في السلطة.
الغرب المضعضع أصبح يتمنى بكل رقة وانسانية على خامنئي الاستماع إلى شعبه، وعلى خامنئي لا يرى شعباً بل رعايا يجب عليها الخضوع للإمام الفقيه صاحب الزمان، ورئيس أكبر قوة في العالم يتلعثم كثيرا، ويخلط بين الدول، ولا يعرف في أي مكان هو أحياناً، بل يخطأ في منادة الاشخاص، فكيف سيخاطب خامنئي؟
ثم أن الغرب نفسه واقع كفريسة للمشعوذين الذين أصبحوا قوة تريد تدمير ديمقراطيته وعلمانيته من الداخل لنشر الشعوذة فيها، وبدلا من صد المشعوذين للشيوعية أصبح اليسار قوة تزلزل حتى أميركا من الداخل.
المشهد كئيب للغاية، وقد زاد من كآبته قيصر روسيا الذي يحارب شعب ينتمي إلى نفس عرقه ويتكلم لغته، بدلا من حث دول الاتحاد السوفياتي السابق على اتحاد يشبه اوروبا في استقلالية كل دولة، ليكون قوة يحسب لها حساب. بل أن القيصر المتوجس من المشعوذين بدأ يستعين بطائرات المشعوذين المسيرة!
هل يستطيع بايدن الاتصال بخامنئي ليقول له كما قال أوباما لحسني مبارك يجب أن تخرج الآن؟!
يبدو أن المشعوذين لهم دورا ما زال الغرب غير البصير يصمم عليه، فبينما تقاوم شعوب الشرق الاوسط المشعوذين، تفتح ألمانيا وبريطانيا وأميركا لهم الأبواب، بل أن فيتنام دخلت في اللعبة وأصبح للإخوان المسلمين ملجأ وتلفزيون وإذاعة فيها، بعدما ضيق عليهم الخليفة إردوغان الباب عليهم لحساباته السياسية المتقلبة وفق هواه ومصلحته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah