الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأندلس حلم الحرية التائه

هويدا طه

2006 / 10 / 6
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


برنامج وثائقي جميل على قناة الجزيرة يتعرض في عدة حلقات إلى (تاريخ الأندلس)، ورغم كثرة البرامج التليفزيونية والإذاعية وأطنان الأوراق التي أعدت وكتبت كلها تعبيرا عن (النواح العربي) لفقدان الأندلس.. فإن هذا البرنامج أعده وقدمه صحفي غير عربي- وإن كان مسلما كما قال في إحدى الحلقات- لكن إنتاج البرنامج أوروبي ومع ذلك لم ينكر في عرضه الألق الحضاري الذي ساد في تلك الحقبة التاريخية أيام كانت الأندلس هي أندلس العرب.. الأندلس التي غزاها العرب المسلمون ثم حررها أهلها الأصليون من (الاستعمار العربي) بعد ذلك بقرون.. تثير عدة أسئلة في ذهن المتأمل لهذا الحدث الكبير في تاريخ البشرية.. حدث كبير لحظة غزو بدو الجزيرة العربية الحارة لها وحدث كبير لحظة تحريرها أو فقدانها وحدث كبير ما كان بينهما.. ربما يكون أكثر الأسئلة إلحاحا هو: أي شيء بالضبط في الأندلس يتحسر عرب اليوم لفقدانه؟ هل يتحسرون على فقدان جنة الأندلس ومناخها الجذاب لما يعانونه من مناخ حار في بلدانهم الأصلية؟ أم يتحسرون على ضياع فرصة النسب الجغرافي لأوروبا؟ لم أصادف واحدا من هؤلاء المتحسرين يتحسر على (حرية الدين والفكر) التي تمتعت بها هوية الأندلس الحضارية.. قبل أن تنقض أطماع المُلك العربي عليها فتضيعها من أيديهم إلى الأبد بلدا وحضارة وحرية.. هل نحن نفضل الفخر بالحرية عند الآخرين بينما لا يوجد في تكويننا النفسي الحضاري (توق) إلى الحرية لأنفسنا؟! تعرض البرنامج الوثائقي لإنجازات ابن رشد في تعريف البشرية بفلسفة أرسطو العقلانية.. وتعرض لتطلعات الأوروبيين وقتها إلى التعلم في جنة الأندلس التي تعايش فيها المسلمون واليهود والمسيحيون.. قبل أن يكشر الملوك عن أنيابهم بما يكمن في أنفسهم من (حقد عربي أصيل) على حرية الفكر.. فيقضوا على تلك الشعلة الأندلسية دون أن يدركوا أنهم بقضائهم على شعلة حرية الفكر ضعفوا هم أنفسهم.. فقضت عليهم محاولات الأوروبيين الأصليين التي لم تيأس لاسترداد أرض غزاها بدو جزيرة حارة مقفرة بعيدة، واليوم ما زلنا نتحسر على (مُلك) الأندلس المفقود.. وربما كان الأجدر بنا أن نتحسر لأن نفوسنا ليس فيها (هوى الحرية) الذي صنع أندلس الماضي.. ولو أن لدينا حقا هوى الحرية لجعلنا من بلادنا الحالية أندلسا أعظم.. لكننا ما زلنا في أسر الحقد العربي الكامن على حرية الفكر.. وحتى نفك أسرنا من ثقافة (الحقد على الحرية) ستظل أندلس الماضي مصدر حسرة دائمة.. وسيظل أندلس المستقبل.. حلما تائها..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -الألمان جديرون بالثقة كأصدقاء وزملاء عمل-.. حقيقة أم صورة ن


.. لماذا المظاهرات وهل تؤثر في الانتخابات التشريعية بفرنسا؟




.. زيلينسكي يبحث عن -السلام العادل- في قمة بسويسرا بغياب روسيا


.. مراسلتنا: قتيل وجريح بغارة إسرائيلية بين -بنت جبيل- و-عيترون




.. سويسرا تستضيف قمة دولية لبحث إحلال السلام في أوكرانيا | #راد