الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قطر و كأس العالم الإسلامي

بارباروسا آكيم

2022 / 11 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


منذ أَن وعيت على هذه الدنيا و أَنا أسمع الإشادات و آيات التمجيد و الثناء على الرياضة و الرياضيين .
لأَن الرياضة كما خبرناها وسيلة تواصل بين الشعوب و أداة تمثيل للدول تساعد على تعزيز آواصر الإخوة و تصلح ما قد تفسده السياسة الى حد ما

و لكن المشكلة أن هؤلاء الصلاعمة قد افسدوا على مر العصور و منذ لحظة ظهورهم كل ادوات التواصل بين الشعوب و سنوا لأنفسهم سنة تخريب العلاقات الإنسانية السوية

و هذا ما ظهر من خلال إستضافة قطر للمونديال العالمي الكروي

و ما يعنينا في هذا ليس هؤلاء الأعراب الذين لا نقيم لهم وزناً ، بل بعض صحبنا الذين كنا نحسبهم على خطِّنا و الذين انطلقوا يدافعون على وسائل التواصل الإجتماعي عن إستضافة هؤلاء الأعراب لهذا الحدث العالمي الضخم

و أول شيء أفسده هؤلاء كانت الذمم و الضمائر فالكل صار اليوم يعرف كيف حصلت هذه العائلة على شرف إستضافة هذا الحدث الضخم من خلال الرشوة

ثم جاءت مرحلة إقامة وتجهيز المنشآت الرياضة لاستقبال هذا العرس الرياضي العالمي، حيث إعتصرت قلوبنا هما و حزنا لحال آلاف العمال الوافدين و الذين تعرضوا للضرب و التعذيب و سوء التغذية و المعاملة اللا آدمية المتمثلة بالعمل المتواصل لفترات طويلة دون مجال للراحة ثم الترحيل القسري دون تحصيل إجورهم نظير الأعمال البدنية الشاقة التي بذلوها لصنع تلك الصروح الرياضية 
ففي فبراير/شباط 2021، قالت صحيفة الغارديان إن 6,500 عامل مهاجر من الهند وباكستان ونيبال وبنغلاديش وسريلانكا لقوا حتفهم في قطر منذ فوزها باستضافة كأس العالم.
وكلكم تتذكرون كيف ارتدى لاعبو النرويج ( التي لم تتأهل للمونديال ) قمصانا العام الماضي مكتوب عليها "حقوق الإنسان داخل وخارج الملعب" احتجاجا على مونديال قطر
ورغم معرفة العالم الغربي لكل التفاصيل المذكورة أعلاه و التي فضحها الإعلام الغربي نفسه على التوالي
حتى انه شركة هامل للملابس الرياضية، التي تزود المنتخب الدنماركي بالملابس، قالت : إنها "لا ترغب في الظهور" في البطولة والتي تقول أنها "حصدت آلاف الأرواح"
كما رفضت باريس، ومدن فرنسية أخرى، عرض مباريات كأس العالم في الأماكن العامة، على الرغم من أن فرنسا هي حاملة لقب المونديال لنفس السبب أعلاه

إلا أَن الغرب قد قرر غض الطرف و مضى قدما نحو إقامة هذا الحدث الرياضي عند هؤلاء  متناسيا كل القيم الأخلاقية و الرياضية و قيم التآخي و التعارف بين بني البشر و التي من أجلها أقيمت المنافسات و البطولات من هذا النوع

أَلا لعنة الله والتاريخ على كل من ساهم بتلك الجريمة النكراء

أَما هؤلاء المريدون الذين اغراهم المال الحرام فباعوا ضمائرهم و صاروا يكتبون في تمجيد هذه القوى الرجعية المتخلفة

فتجد منهم من زعم : إنما جاءت الهجمة الشرسة من العرب الشرفاء الذين يسمونهم ( بني علمان ) بسبب موقف قطر من الخمر و شاربي الخمر

فأحب أَن أَقول لصاحب هذه المقولة : و للناس فيما يعشقون و يحبون مذاهب !
و بني علمان _ على الأقل اولئك الذين عرفتهم _ لا يهاجمون أحد بسبب موقفه من الخمر
فأن كنت تكره الخمر
فنحن ايضاً و مثلنا الكثير من البشر الأسوياء يرفضون ويكرهون شرب بول البعير !
و مع هذا و إحتراماً لمشاعر الكثير من الأحباء المسلمين لا ندعوا لتحريم شرب بول البعير
لأننا نعلم أن المسلمين بمختلف طوائفهم * قد أجمعوا على فائدة هذا المشروب العلاجية ( بحسب زعمهم )
بل أنني و على الصعيد الشخصي قد دافعت فيما سبق عن حق المسلمين في شرب هذه السوائل الطازجة و عن حقهم في إقامة مقاهي خاصة لتعاطي هذه السوائل طالما أن هناك من يرغب بها و ذلك في معرض تعقيبي على السيد تركي الحمد المحترم الذي رفض فكرة إقامة كافيه لبول البعير
و قلت حينها إن الإنسان العلماني لا يقف بالضد من الرغبات الشخصية للأفراد في اكل و شرب ما يريدون طالما إنهم لا يجبرون الآخرين على ذلك .

أَما قسم آخر فقد زعم إن هناك هجمة غربية على قطر بسبب إستغلال قطر لهذا الحدث العالمي للتسويق للإسلام من خلال الدعاة و توجيه الآذان الى الفنادق و توزيع المنشورات و الكتب على الزائرين

و في الحقيقة أن الغرب قد صَمَتَ صمت الشياطين على كل النشاطات التبشيرية التي لا علاقة لها إطلاقاً بالرياضة ،  والذي فتح هذه المواضيع على الملأ كانت فئة من الكتاب العرب الشرفاء وضعت المباديء و القيم الإنسانية على اكتافها و رفضت تحويل الحدث الرياضي الى ساحة للتبشير الديني خلافاً لكل لوائح الفيفا التي لا تقر في اي مادة بإستغلال الأحداث الرياضية العالمية للدعوة و التبشير

و هنا تذكرت على الفور الموقف المشرف للبابا فرنسيس في مارس ٢٠١٨ في دورة الالعاب الاولمبية الشتوية للمعاقين التي أقيمت في مدينة بيونغ تشانغ في كوريا الجنوبية.

حيث قال من ساحة القديس بطرس :
أؤكد صلاتي لكي يعزز هذا الحدث أيام السلام والفرح للجميع
يمكن للرياضة بناء الجسور بين بلدان تشهد صراعات، وتقدم مساهمة قيّمة لمنظورات السلام بين الشعوب
ثم ختم بقوله :
الرياضة تظهر هكذا بأنها مدرسة كبيرة للإندماج، بل ومصدر إلهام لحياة الفرد والتزامه بتغيير المجتمع أيضا

ما أجمل هذا الموقف الإنساني النبيل الذي يتسامى على الفوارق الدينية من رأس الكنيسة الكاثوليكية تجاه الأحداث الرياضية و ما اسوء نية الصلاعمة في الترويج الديني

ترى ماذا كان سيفعل الصلاعمة و ماكنتهم الإعلامية و على رأسها قناة الإخوان المسلمين ( الجزيرة ) لو طالب البابا من الكاثوليك مثلا بإستغلال الحدث الرياضي في كوريا الجنوبية من أجل التبشير بالمسيحية ؟؟

____________________________________

- وعن الجعفري قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: أبوال الإبل خير من ألبانها، ويجعل الله الشفاء في ألبانها
بحار الأنوار / العلامة المجلسي ج ٥٩ ، صفحة ٨٤
قال صاحب الهامش تعقيباً على الحديث السالف

بيان: اعلم أنه لا خلاف في نجاسة بول مالا يؤكل لحمه مما له نفس سائلة، سواء كان نجس العين أم لا فيحرم بوله للنجاسة. وقد مر خلاف في بول الطيور. وأما الحيوان المحلل ففي تحريم بوله قولان:
أحدهما - وبه قال المرتضى وابن إدريس والمحقق في النافع الحل، للأصل وكونه طاهرا، وعدم دليل يدل على تحريمه فيتناول قوله تعالى " قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه (3) - الآية - ".
والثاني - وهو الذي اختاره المحقق في الشرائع والعلامة وجماعة - التحريم عدا بول الإبل، للاستخباث فيتناوله " ويحرم عليهم الخبائث " (4) ولا يلزم من طهارته حله.
ولعل الأول أقوى، لأن الظاهر أن المراد بالخبث (5) في الآية ما فيه جهة قبح واقعي يظهر لنا ببيان الشارع، لا ما تستقذره الطبائع كما سنبينه إنشاء الله في محله.

● مما يعني إن بول الأبل على خلاف كل الأبوال طاهر عند الشيعة ، و الملفت للنظر انه في المصدر المذكور سالفاً تحرم مرويات الشيعة شرب الخمر حتى على سبيل التداوي من الوجع و لكنها تقر شرب بول الأبل بلا خلاف !

اما بالنسبة لأهل السنة و الجماعة : ما رواه البخاري ومسلم عن أنس في قصة العرنيين، وفيه: أن النبي حثهم على شرب أبوال الإبل وألبانها لما اشتكوا واجتووا المدينة، وفي رواية لمسلم أنهم قالوا: يا رسول الله، إنا اجتوينا المدينة، فعظمت بطوننا، وارتهشت أعضاؤنا .. الخ الحديث

وقد ذكر المجلسي ايضا القصة و الحديث بطوله في صفحة ٨٥ من المصدر أعلاه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ختام المادة
عدلي جندي ( 2022 / 11 / 24 - 20:29 )
لائق أخي باربا
في تحيتهم بتقديم مشروب م قدس ومفضل كما قال الصل عم
١-;-_ المصالح تتصالح وللأسف يصير القزم عملاقا عندما يمتلك المال
٢-;-_ ربما الغرب تمادى في قبول تنظيم دولة ترعى الإرهاب والتخلف وتنتهج سياسة أقل ما يقال عنها إجرام وعنصرية وإرهاب تم قبوله لغرض ربما يظهر لاحقا كما وهو الحال مع القارة العجوز تنتبه للخطر بعد حدوثه ثم تنتهج طريق طويل للقضاء عليه
٣-;-_ فضايح المونديال القطري ستكون له تبعات أكثر تأثير على غالبية لا بأس بها من المنتمين لدين الإسلام ويبحثون عن مواقف ترفع من قدره وبالطبع مهازل الإفتتاح والسماح بالخمور ف المقصورات الخاصة وووو وو ...! اما المغيبون فلا رجاء
وبالآخر
إيش تعمل الماشطة ف ا ل وش العكر


2 - هذا العالم الغريب
على سالم ( 2022 / 11 / 25 - 02:24 )
اهلا استاذ باربارو , حقيقه انا اجد صعوبه كبيره فى فهم هذا العالم الغريب والاليات التى تتمكن من تسييره , بدون شك ماكان لقطر ابدا ان يعقد فيها المونديال بسبب سلبياتها وردتها الحضاريه وعدم احترامها للاانسان , لكن المال دائما هو المسير لهذا العالم ويسيل له اللعاب ؟ المال له قوه كبيره تغرى اى هيئه دوليه للحصول عليه سواء كان رشوه او هدايا عينيه ؟ ؟ لاأدرى كيف يتم تقسيم الثروات فى بلدان العالم المختلفه , تجد دويله صغيره وعدد سكانها بسيط لكن مع ذلك تجد عندها ثروات طبيعيه هائله وغاز وبترول بشكل خرافى فى حين تجد دوله اخرى منحوسه عدد سكانها مرعب وتتميز بفقر مدقع ومرض وجهل وفساد والناس يعانوا من المجاعه والامراض والبؤس والحرمان مما يدفع الناس هناك الى السفر الى دوله غنيه من اجل العمل والحصول على المال واحيانا يفقدوا حياتهم كما يحدث كثيرا فى دوله قطر ؟ واضح ان هذا الوجود عشوائى ولاتوجد قوه ذكيه تسيره وتراعى فيه عداله التوزيع للثروات والخيرات , وجود متناقض وظالم وغير عادل وبشع


3 - ثمرات النخيل و الأعناب
بارباروسا آكيم ( 2022 / 11 / 25 - 08:58 )
تحية طيبة أخي عدلي
يقول سبحانه :
وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ۗ-;- إِنَّ فِي ذَٰ-;-لِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ

اذا الخمر رزق حسن و الله يخاطب هؤلاء الذين يشربون الخمر بأنهم قوم يعقلون على عكس مدمني بول البعير لم يذكرهم الله و لا مرة في كتابه


و ثمرات العنب هي الخمر و النبيذ
و ثمرات النخيل اي التمر هو العرق

و على اساس هذا المبدأ فأن الله قد فضل شاربي الخمر و أعطاهم منزلة اكبر من اولئك الذين يشربون المخلفات البيولوجية

تحياتي و تقديري


4 - مأساة العمال
بارباروسا آكيم ( 2022 / 11 / 25 - 10:45 )
تحية طيبة أخي علي سالم
الحقيقة إن المبررات السمجة التي يقدمها هؤلاء السياسين و الرياضيين الغربيين و الصلاعمة من جانب آخر و يتناسون آلاف البشر الذين قضوا قتلا و تعذيباً تجبر الإنسان على تبني خطاب في أقصى اليمين
حيث ..
لم يحصل في التاريخ ان قضى هذا العدد من البشر نحبه في إطار التحضير لحدث رياضي قط
و هناك قصص من افواه ما عاشوا الأحداث ان سمعتها ستبصق حرفيا على هذا العالم
شيء مقزز بمعنى الكلمة
فما معنى ان يتم تعذيب عامل بسبب تعرضه للإعياء و الإرهاق .
ثم يأتيك بعض هؤلاء ليستخف بعقول السامعين ليقول انظر الى البنية التحتية في قطر !!
و كأن القطري قد صنع شيء في حياته

لا أعرف إن كان يعلم او لا يعلم تحت كل ركن من تلك الصروح تقبع جثة لعامل مسكين
الا يستحق هؤلاء حكام و محكومين ان يتم نقلهم الى الغولاغ ؟  
يستحيل ان يكون هؤلاء التتار من البشر


5 - لي معك مداخلة
ماجدة منصور ( 2022 / 11 / 26 - 03:28 )
لهذا المقال بالذات0

اقود الآن سيارتي لمقاطعة أخرى0
هناك كلمة حق يجب أن تقال0
ما كتبته ....حقد دفين يا صديقي القديم0

و سأرد على هذا الحقد الأصلي و المتأصل في الجينات0

فأنا أرى السم الأصفر يتقاطر عبر الحوار المتمدن لحدث رياضي ضخم و عالمي و عابر للحدود و القوميات و الجنسيات0
أقول أنا::: في محطات التاريخ الضخمة...تتبدى النوايا و تنكشف أنياب الذئاب0

و من منبر الحوار المتمدن::::: سيتعرى الجميع0


و سأقول: أن الإمبراطور,,,عريان ... يا..بابا0

نراكم


6 - شكرا للحوار المتمدن
بارباروسا آكيم ( 2022 / 11 / 26 - 07:10 )
تحية طيبة للسيدة الفاضلة ماجدة منصور
أَما بعد ..
فأنني اتمنى أن تصلي الى وجهتك بسلام عزيزة غانمة
وحيث إنني سأقود سيارتي بعد قليل الى مكان ما ، فأنني ارجو ان لا تتسرعي بالأحكام و لا بالقيادة
و ان تعيدي قراءة المقال بروية
و بالنسبة للجينات فأحب أن أبوح لك بسر
أنني جئت الى هذه الدنيا السعيدة كنتيجة لزيجة مختلطة من اعراق مختلفة و أديان مختلفة
أَما بالنسبة لسمومي و انيابي
فنحن نور الرحمن لمن يهتدي و نار ابليس لمن يعتدي
مع خالص حبي للحوار المتمدن الذي له مكانة خاصة في قلبي حتى و إن كان يعريني
فشكرا للحوار المتمدن الذي يهدي الي عيوبي

مع فائق المودة و التقدير