الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعض المبادئ المتبعة في الدول الديمقراطية لإصلاح الشرطة -الإصلاح الأمني الحلقة 6

رياض هاني بهار

2022 / 11 / 29
المجتمع المدني


لم يكن الهدف من استعراض تجارب الدول الأخرى في إصلاح الشرطة هو استيراد نموذج بعينه من أجل تطبيقه في العراق، فلكل دولة خصوصيتها وظروفها التي تمُلى طبيعة الإصلاح ومداه الزمني، ولكن الهدف هو الاطلاع على خبرات الإصلاح لكي نتأكد أن الإصلاح وإن كان له وجوه عديدة وخطط مختلفة ولكنه في النهاية لابد وأن يحترم عدة مبادئ أساسية لا يمكن الخروج عنها.
هذه المبادئ تعكس بشكل كبير جوهر عمل الشرطة في سياق ديمقراطي وهو أن تكون الشرطة مصدرا للحماية وليس مصدرا للتهديد، وأن تكون هي التي حمى القانون وليس الطرف الذي ينتهكه، وأن تقدم خدمة الأمن والحماية للمواطنين كافة على قدم المساواة دون أن تفرق بين الفقراء وأصحاب النفوذ، ولكن لكي تقوم الشرطة بعملها طبق هذه المبادئ لابد لها في البدء أن تكون خاضعة للقانون وأحكامه وتكون أيضا خاضعة للسلطات المنتخبة من جانب الشعب سواء كانت تنفيذية أو تشريعية، ولذا فإن الرقابة المدنية من جانب السلطات المنتخبة ، نتناول اهم المباديء

الانضباط الداخلي:
يعتبر هذا الأسلوب إحدى الوسائل الهامة لرفع كفاءة الشرطة من خلال فرض نظام حازم لانضباط داخل مؤسسة الشرطة يعتمد على مجموعة من القواعد الرادعة ضد ضباط الشرطة الذين يستخدمون التعذيب خلال التحقيقات أو القوة المفرطة للسيطرة على الشغب، نشأ هذا الأسلوب في امريكا منذ منتصف الستينيات كرد فعل على المعاملة التمييزية من رجال الشرطة ضد الزنوج وحركة الحقوق المدنية، فضلا عن القمع الذي كانت تتعرض له الحركات المناهضة للحرب الأمريكية في فيتنام.
عمد القضاء الأمريكي إلى إصدار أحكام ملزمة بحق ضباط تجاوزوا الحدود وأفرطوا باستخدام القوة ضد المواطنين، وهنا تلزم الإشارة أنه حتى الشرطة الأمريكية لم تلتزم بالحقوق الدستورية للمواطنين إلا بعد أن ألزمها القضاء بذلك عندما أصدر أحكاما رادعة بحق المخالفين للقانون، فيما بعد عمدت الشرطة إلى صياغة مدونات سلوك آداب المهنة من خلال جمعيات القيادات الأمنية والاتحادات والنقابات الشرطية في مختلف البلاد منذ منتصف الثمانينيات.
الرقابة الخارجية:
بدأت محاولات الرقابة الخارجية على أداء الشرطة من المجتمع المدني خلال الستينيات بعدد من الشكاوى التي قدمها المواطنون الزنوج ضد رجال شرطة أفرطوا في استخدام القوة، ثم تدريجيا وخلال عدة عقود بدأت تتكون في أكثر من 100 مدينة أمريكية شبكة من الجمعيات الأهلية المتخصصة في إصدار تقارير دورية لتقييم عمل الشرطة ومدى احترامها للحقوق الدستورية للمواطنين. وقد شكلت هذه الجهود المدنية ضغطا على حكومات الولايات المتحدة لفرض المزيد من الرقابة والتقييم على عمل الشرطة لضمان عدم إهدار حقوق المواطنين.
التعددية:
تعتمد هذه السياسة على قيام الشرطة بتجنيد عناصرها من كافة المكونات الشعبية بحيث يشعر المواطن أن الشرطة تمثله وليست قوة طارئة عليه، وكان لأمر أهمية كبيرة في أمريكا لكونه مجتمعا متعدد العرقيات فكان يجب أن تعكس الشرطة هذه التعددية حتى يتجاوب معها الجمهور، ولذا فقد تم تحديد حصص محددة للعرقيات والأقليات المختلفة فضلا عن المرأة ضمن عناصر وضباط الشرطة حتى تصبح نموذج للمجتمع الذي تقوم بحمايته
سياسة عدم التسامح/ النوافذ المحطمة:
ظهرت هذه النظرية في منتصف الثمانينيات على يد عالمي اجتماع في محاولة لتأمين المجتمعات الحضرية من التخريب والسرقات، تعتمد هذه النظرية على مواجهة المشكلات سريعا قبل تفاقمها وذلك بتشبيه المشكلة الصغيرة بالنافذة المحطمة التي إذا تم التغاضي عن إصلاحها سريعا قد تغري اللصوص باقتحام المباني والمنازل، ومن ثم يتحول الأمر الى مشكلة كبيرة. وبالتالي فهذه النظرية تري أن إهمال الجرائم الصغرى قد يتفاقم إلى أن تصبح جرائم كبري من الصعب مواجهتها كلما نمت وتشعبت، ولذا يجب عدم التسامح مع الجرائم الصغيرة كي لا تتحول إلى جرائم كبيرة عندما يتمتع مرتكبوها بالأمان وتراكم الخبرات. تم اعتماد هذه السياسة من جانب شرطة نيويورك منذ منتصف التسعينيات وأسهمت بشكل كبيرة في حماية المجتمع المحلى
شرطة حل المشكلات
يتلخص هذا الأسلوب في اختزال التهديدات الكثيرة التي حاولت الشرطة مواجهتها في مجموعة محدودة من المشكلات، يتعين على رجال الشرطة لتحديد هذه المشكلات والقيام بمسح شامل لكافة الجرائم وتحليل طبيعتها ثم تحديد أسبابها ومن ثم تحديد وسائل التغلب عليها قبل حدوثها، ثم القيام بتقييم أداء الشرطة إزاءها.
النقاط الساخنة:
تعتمد هذه النظرية على أن الجريمة لا تتوزع بالتساوي بين المناطق الجغرافية، بل قد تتركز في مناطق دون غيرها. ولذا فهذا الأسلوب يعتمد على استهداف المناطق الأكثر عرضة للجريمة بالاهتمام الأمني أكثر من غيرها، وقد انتشر هذا الأسلوب انتشارا واسعا بن ضباط الدوريات في امريكا منذ السبعينيات، حيث درجت أقسام الشرطة على رسم خريطة للمناطق التي تخدمها وتقسيمها إلى مناطق هادئة تندر فيها الجرائم ونقاط ساخنة تكثر فيها الجرائم. ولكن الجديد هو طريقة استهداف النقاط الساخنة بشكل مؤسسي من خلال مضاعفة عدد الدوريات فيها أو استحداث أقسام شرطة جديدة بها أو استهدافها بالمداهمات الأمنية المتكررة بحيث تصبح غير آمنة للمجرمين فيكفون عن الجرائم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسل #العربية فادي الداهوك: ‏طلاب جامعة السوربون ونواب فرنس


.. رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين في السلطة الفلسطينية: نتهم ا




.. ماذا كشف التقرير السنوي لمنظمة -مراسلون بلا حدود- عن حرية ال


.. استشهاد الطبيب عدنان البرش إثر التعذيب بعد اعتقاله




.. الأمم المتحدة: الدمار في غزة لم يحدث منذ الحرب العالمية الثا