الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسفة جان،-بول سارتر (الجزء الأول،)

أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)

2022 / 12 / 3
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


جان بول سارتر هو الفيلسوف الفرنسي الأكثر مقروئية في العالم. لا يتردد البعض في جعل القرن العشرين قرن سارتر، لأن فلسفته أزعجت المشهد الفكري (حتى أن برنارد هنري ليفي - سيء الذكر - أكد أن القرن العشرين كان قرن  سارتر )
كان سارتر المفكر الشمولي، والمثقف (الذي "يتدخل فيما لا يعنيه")، مهتما بالسياسة والأدب والمسرح والسينما أو حتى بمجالات غير عادية، مثل الموسيقى (كتب عدة أغان لجولييت جريكو).
إن الوعي الإنساني، وفقا لسارتر، هو سلطة التعديم والحرية: إنه يتعارض بكل الطرق مع الشيء في ذاته، مع الكينونة الكاملة، الهائلة والمبهمة للأشياء. وهكذا، محكوما عليه بالحرية المطلقة، يجب على الإنسان أن يخترع طريقه.
ألا تقع نقطة بداية فلسفة سارتر في رواية "الغثيان"، هذا الإحساس المتميز الذي منحه معنى وجوديا تقريبا؟
يختبر روكينتان، بطل الرواية،نفسه كشيء غير ضروري وسط العالم (كشيء من بين أشياء)، إنه يعاني من "الغثيان".
جاء على لسان البطل: ما أفهمه إذن هو احتمال الوجود، مجردا من العقل والضرورة، وليس له، في حد ذاته، سبب وجوده.
وهكذا يكون عالم الوجود مفارقا لعالم التفسيرات والأسباب. وأن تكون موجودا هو أن توجد هنا، ببساطة، دون أي ضرورة.
يطبق سارتر أيضا على الوجود غير الضروري مصطلح الواقعية، الذي يعني حقيقة أن الأشياء موجودة، كما هي، بدون ضرورة وبدون سبب. لهذا يقول بطل الرواية: أنا هناك، من ضمنها، وأكتشف بالتالي حقيقتي الأصلية.
ولكن، على أساس هذه التجربة الأولى، سيتشكل شيء آخر: الوعي بالمشروع البشري، وبناء المعنى والقيم بحرية في صميم المجاني والعبثي، على أن تعريف الأخير هو أنه ما كان أبعد من كل الأسباب. ما لا يمكن تبريره بعقلانية.
الإبداع الإنساني، في الواقع، حر. عند سارتر ، أنا موجود وأنا حر هما افتراضان مترادفان بشكل صارم ومتكافئان.
ماذا يعني الوجود في لغة سارتر؟ الوجود هو أن توجد هناك، وفي عالم عبثي واحتمالي، ان تبني ذاتك وتضع بصمتك على الأشياء.
لاتوجد ماهية إنسانية جامدة وثابتة مسبقا، لا وجود لماهية سابقة على الوجود. ينبثق الإنسان من العالم وفيه يرسم صورته. لكن كيف يكون هذا التكافؤ بين الوجود والحرية ممكنا؟
تعني الحرية الإنسانية، عند سارتر، هذه الإمكانية المعطاة لنا لنضع مسافة، في أي لحظة، تفصلنا عن سلسلة الأسباب اللانهائية.
الحرية هي القوة التي يمتلكها الوعي بشكل دائم للتعديم، أي لإظهار العدم على أي خلفية للواقع، لسحق مختلف القرارات، أو المبررات أو الدوافع، للاختيار - يتم تعريف فكرة الاختيار، اساسا، عنده، عن طريق الوعي.
إن إمكانية قول "نعم" أو "لا"، القيام بالاختيار، لا يتمييز ابدا، في هذه الظروف، عن الوعي، عن أدراك ذواتنا، بما يتجاوز أي دافع وأي مبرر.
هذه الحرية، نختبرها جميعا في قلق، وهو شعور ميتافيزيقي حقيقي يكشف لنا حريتنا الكاملة، استيلاء انعكاسي حيث يصاب الوعي بدوار أمام نفسه وقواه اللانهائية.
يشير القلق إذن إلى رعشة الوعي أمام نفسه، إلى شعور مذهل بالاحتمالات.
بالطبع يمكن للوعي أن يختار وهو يتظاهر بعدم الحرية: هذا الكذب للذات وعلى الذات، حيث أحارب القلق، حيث أخفي حريتي، يشار إليه بسوء النية .
بسبب سوء النية، يجعل الوعي الذي يمارس الكذب على نفسه للهروب من قلق وصعوبة الحرية، نفسه أعمى عن حريته اللامحدودة.
سوء النية وروح الجدية يهددان الوعي باستمرار. إذا كان سوء النية يشير بالفعل إلى هذا الكذب على الذات، الذي يحاول به الوعي الهروب من حريته وقلقه، فإن الروح الجادة يمكن كذلك أن "تحولنا إلى حجر".
(بتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تعلن طرح وحدات سكنية في -رفح الجديدة-| #مراسلو_سكاي


.. طلاب جامعة نورث إيسترن الأمريكية يبدأون اعتصاما مفتوحا تضامن




.. وقفة لتأبين الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل


.. رجل في إسبانيا تنمو رموشه بطريقة غريبة




.. البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمقا